شهدت العاصمة اللبنانية بيروت، عصر الأحد، تصعيداً غير مسبوق تمثّل في غارة جوية مباشرة نفذها كيان العدو الإسرائيلي على منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبية، أدت إلى استشهاد خمسة مدنيين وإصابة أكثر من 20 آخرين، في أول استهداف من نوعه منذ يونيو الماضي. وأفادت مصادر طبية بأن الغارة تسببت بانفجار ضخم ودمار واسع في المباني والمركبات القريبة.
وأعلن كيان العدو مسؤوليته عن الهجوم، مؤكداً أنه استهدف “بدقة قيادياً كبيراً في حزب الله”، قالت إنه هيثم علي الطبطبائي (أبو علي الطبطبائي)، الذي تصفه بأنه “الرجل الثاني في الحزب” والمسؤول عن العمليات العسكرية. بينما أكد حزب الله استشهاد القائد الجهادي الكبير هيثم الطبطبائي، مشيراً إلى أنه “التحق بركب الشهداء بعد مسيرة حافلة بالجهاد والثبات”.
وفي المقابل، أكدت مصادر لبنانية أن هذا العدوان خرق خطاً أحمر جديداً، وأن كل الاحتمالات باتت مفتوحة أمام رد المقاومة. وقال نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي إن “القيادة ستتخذ القرار المناسب في الوقت الذي تراه”، مضيفاً أن “هذا التصعيد يأتي بضوء أخضر أميركي”.
الرئيس اللبناني جوزيف عون دعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته لوقف الاعتداءات المتكررة لكيان العدو الإسرائيلي، مشدداً على أن الهجوم يمثل “دليلاً جديداً على استهتار العدو بكل الدعوات الدولية للتهدئة”. فيما وصف عضو المكتب السياسي في حركة أمل طلال حاطوم العدوان بأنه “تمادٍ خطير يستوجب موقفاً وطنياً موحداً”.
أما في تل أبيب، فأكد وزير حرب العدو يسرائيل كاتس أن كيانه “لن يسمح بعودة الأوضاع لما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023”، مشيراً إلى أن جيشه سيواصل “العمل بقوة لمنع أي تهديد قادم من لبنان”. كما ذكرت مصادر عبرية أن المنظومات الدفاعية الصاروخية وُضعت في حالة تأهب قصوى تحسباً لأي رد من حزب الله.
وفي سياق متصل، نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول أمريكي رفيع قوله إن واشنطن لم تُبلَّغ مسبقاً بالهجوم، مؤكداً أن “كيان العدو أبلغنا فقط بعد وقوعه”، في حين أوضح أن بلاده “تتابع بقلق متزايد التصعيد في لبنان”، مشيراً إلى أن “قدرات حزب الله تعززت في الفترة الأخيرة رغم محاولات العدو احتوائها”.
وشهدت الساحة اللبنانية موجة إدانات واسعة؛ إذ أدانت حركة الجهاد الإسلامي العدوان، مؤكدة تضامنها مع لبنان ومقاومته، فيما اعتبرت حركة حماس أن استهداف منطقة مكتظة بالسكان “جريمة إرهاب منظم” و”خرق واضح لسيادة لبنان”، مشددة على أن دماء الشهداء “ستزيد المقاومة تماسكاً ووحدة”.
من جانبها، أدانت حركة أنصار الله اليمنية “التصعيد الإجرامي الصهيوني ضد لبنان”، واصفة الغارة بأنها “انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وتعبير عن سياسة استباحة شاملة بدعم وتواطؤ دولي”، مؤكدة “الحق المشروع للمقاومة في الرد على العدوان”، وداعية الأنظمة العربية والإسلامية إلى “التحرك الجاد لوقف الهجمة الصهيونية المفتوحة على الأمة”.
كما أصدرت لجان المقاومة في فلسطين بياناً اعتبرت فيه الغارة “عدواناً على كل أحرار الأمة”، مؤكدة أن “العدو الصهيوني يسعى من خلال هذه الاعتداءات إلى فرض معادلات جديدة تخدم أهدافه ومخططاته التوسعية”.
ويأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه المنطقة توتراً متزايداً بين كيان العدو الإسرائيلي ومحور المقاومة، مع استمرار غاراته على جنوب لبنان والبقاع، بالتزامن مع انتهاكات متكررة لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ما يثير مخاوف من انزلاق خطير نحو مواجهة إقليمية مفتوحة تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة بأسرها.
