المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    العملاء.. من بيروت الى صنعاء: العمل في بيئة مكشوفة.. تحديات حزب الله

    بعد حادثة الاغتيال التي وقعت في الضاحية الجنوبية وطالت...

    الحرب الهجينة: حيثُ يلتقي الذكاء بالقوة ويخضع العملاق لصغير العزم

    في زمنٍ اعتقدت فيه الجيوشُ التقليدية أن القوةَ تُقاس...

    نهاية (إسرائيل) حتمية؟ قراءة تحليلية في مستقبل كَيانٍ بُني على التناقضات

    لم تعد نهايةُ كَيانِ الاحتلال خيالًا سياسيًّا أَو أمنية...

    العملاء.. من بيروت الى صنعاء: العمل في بيئة مكشوفة.. تحديات حزب الله

    بعد حادثة الاغتيال التي وقعت في الضاحية الجنوبية وطالت أحد القياديين في الحزب، يدور نقاش واسع داخل الأوساط القريبة من المقاومة اللبنانية وفي محيطها العربي حول كيفية حدوث هذا الخرق الأمني، وما إذا كانت إجراءات الحماية والمراجعة بحاجة إلى تطوير أو تعديل.

    ويأتي هذا النقاش في سياق مقارنة بعض التجارب التاريخية في المنطقة، والبحث عن أسباب الاختراق وطرق الحدّ من تكراره.

    فقد أعادت حادثة الاغتيال التي وقعت في الضاحية الجنوبية، وطالت أحد الشخصيات البارزة “هيثم علي الطبطبائي ” ، فتح ملف بالغ الحساسية داخل الأوساط القريبة من المقاومة اللبنانية وعلى امتداد جمهورها العربي.

    فبعيداً عن البعد العاطفي للحادث، يبرز سؤال جوهري يتداوله المتابعون: كيف حدث هذا الخرق الأمني؟ وهل ما زالت الإجراءات التقليدية كافية في زمنٍ تتغيّر فيه أدوات الحرب الاستخبارية بوتيرة غير مسبوقة

    هذا النقاش الذي توسّع بشكل لافت، لا يأتي من باب الاتهام أو التصعيد، بل يدخل ضمن إطار المراجعة الضرورية التي تلجأ إليها أي مؤسسة تواجه تحديات أمنية متواصلة.

    ومراجعة التجارب العربية ليست بحثاً عن نموذج جاهز، بل محاولة لفهم كيف يمكن تطوير الأدوات بما يتناسب مع خصوصية لبنان، وبما يحفظ توازن المجتمع ويحميه من تداعيات أي إجراء متسرع أو غير محسوب.

    تجربة صنعاء بتدارك الاختراق الأمني

    واقرب هذه التجارب العربية اليوم، هي ما يدور في صنعاء، حيث تعمد جماعة انصار الله اليمنية، على تكثيف حملتها الأمنية منذ ما يقرب العام ، وتثبيت سيطرتها على كل مفاصل المناطق التي تسيطر عليها، امنيًا وعسكرياً

    لدرجة اغلاق مكاتب المنظمات ومنها التابعة للأمم المتحدة، والقاء القبض على عدد من المتورطين، ونشر اعترافاتهم بعد التحقيق، وكشف عدد من الخلايات التجسسية داخل المجتمع، والتي تقوم بجمع ورصد المعلومات

    ولعل جماعة انصار الله الحوثية، تعلمت من الدرس الذي قاساه حزب الله في بيروت، وكذلك الحرس الثوري في طهران، واللذان بدأ العمل عليهما مبكراً جداً، في محاولة اختراقهما منذ سنوات ، بينما لم تفكر أمريكا وإسرائيل حينها اختراق القوة الصاعدة في اليمن، والتي مثلت مفاجأة عسكرية وامنية.

    ولعل من نقاط القوة لهذه الجماعة اليمنية انها تسيطر وحدها على الأرضية الأمنية والسياسية، بينما لا يملك حزب الله ترف اغلاق المنظمات، او التحقيق مع المشتبه بهم أو محاكتهم.

    لذلك ما يتوفر لجماعة انصار الله، ليس متوفراً لحزب الله على الأقل حالياً.  لكن، تبقى المراجعة والتطوير شرطين أساسيين لأي مؤسسة تواجه حرباً استخبارية معقدة، ومعركة مفتوحة تتداخل فيها التقنية مع الجغرافيا والسياسة.

    لذلك فالتحدي الأمني، مازال يبرز كاهم تحدي، ويحتل المركز الأول قبل أي تحدي عسكري او مالي، فبدون الحماية الأمنية من أي اختراق، لا يمكن الحديث عن الدخول في مواجهة عسكرية، وظهر الحزب مكشوف.

    فهناك انكشاف امني، وتقني،  وجغرافي، في بعض مناطق الضاحية والجنوب والبقاع ، يفرض تحديات في العمل السري والحماية.

    الى جانب قدرة إسرائيل على تطوير آليات الذكاء الاصطناعي، في توسيع شبكات التجسس، المرتبطة بالاجهزة الغربية والخليجية، ففي شبكة التجسس التي القي القبض عليها في صنعاء، تبين تورط المخابرات السعودية في مساعدة الموساد، بحسب اتهام الجماعة اليمنية في تقريرها الأمني.

    ولا تتجاهل الطائرات المسيرة الإسرائيلية، التي مازالت تحلق فوق ارجاء لبنان منذ ثلاثة أعوام، دون توقف، ومنها ماهو بالغ الصغر، بحيث لا يمكن رصده اساساً

    لذلك فهذه الطائرات المسيرة ، تجمع المعلومات، على مدار اليوم، وتستغل تطور التكنولوجيا الغربية، في مضاعفة الاختراق الأمني للحزب، الذي فعلياً، اصبح يعمل في بيئة مكشوفة.

    بعد ذلك يأتي الانكشاف الاقتصادي، والتحديات السياسية الأخرى، فبيئة لبنان الاقتصادية والسياسية، ليست بيئة مساعدة للمقاومة، ولا لاي عمل مواجهة ، ضد الاحتلال.

    فالحزب يمر بأكثر مراحله تعقيداً ، منذ تأسيسه، فعبر تاريخه السياسي والعسكري الطويل، لم يعمل ضمن هذه الظروف ، وتحت هذا المستوى من الانكشاف.

    الى جانب زيادة الضغوط الإقليمية، والدولية، ومنها العربية، فهو يتواجد اليوم في خارطة عربية ، غير مساندة، وغير محايدة حتى، بل تعمل ضده علناً.

    وهذا يجعله يواجه طبقات من المواجهة، الداخلية والخارجية، الى جانب مواجهته التاريخية مع العدو الإسرائيلي.

    صحيح انه مازال يحتفظ بقدراته العسكرية، ومازال قادراً على تعويض ما فقد منها، واثبت انه مازال فتياً وقادر على التعافي السريع، بعد ضربة كادت ان تودي به، لكن..

    لكن ، هذا التعافي تحت هذه الضغوط، لايمكنه من الدخول في المواجهة، والرد على أي اعتداء إسرائيلي، فالامر ليس متعلقاً فقط بإعادة بناء منصات الصواريخ، بل بتحصين الأرضية الأمنية اولاً.

    أنّ مناورات الحزب السياسية، تظهر في هذا الاطار، كمحاولة لامتصاص الصدمة، فالتعافي العسكري كان اسرع واسهل كثيراً من التعافي الأمني!

    ان وضعه العسكري قوي ومرن، ولكنه تحت الضغط، مازال يحافظ على قدرته القوية، لكنه لم يعيد توازن الردع، تجميد نفسه عسكرياً، لم يسمح له ان يحمي نفسه من الاعتداءات الإسرائيلية، في بلد ضعيف، غير قادر على حماية نفسه .

    الحزب في اشد مراحله صعوبة، وفعلياً ليس لديه حلفاء أقوياء، ولكنه يتعاطى اليوم بطريقة مختلفة، فهو ليس حزب التسعينيات، لذلك يمضي بقرار امتصاص الصدمات، لحين التعافي الأمني اولاً.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    منى صفوان

    spot_imgspot_img