المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    تعز تشتعل غضباً.. جرحى قوات التحالف يصعّدون احتجاجهم بعد ستة أشهر من تجاهل مستحقاتهم

    تواصلت في مدينة تعز الاحتجاجات الغاضبة التي يقودها جرحى...

    العملاء.. من بيروت الى صنعاء: العمل في بيئة مكشوفة.. تحديات حزب الله

    بعد حادثة الاغتيال التي وقعت في الضاحية الجنوبية وطالت...

    الحرب الهجينة: حيثُ يلتقي الذكاء بالقوة ويخضع العملاق لصغير العزم

    في زمنٍ اعتقدت فيه الجيوشُ التقليدية أن القوةَ تُقاس...

    حضرموت على صفيحٍ ساخن.. تصعيد قبلي وعسكري بين “الرياض وأبوظبي” يهدد بانفجار شرق اليمن

    تعيش محافظة حضرموت شرقي اليمن واحدة من أكثر لحظاتها توتراً منذ سنوات، وسط سباق محموم بين السعودية والإمارات للسيطرة على الهضبة النفطية، وتزايد المؤشرات على احتمال تفجّر مواجهات واسعة بين القبائل وقوات موالية لأبوظبي، في ظل انقسام سياسي حاد داخل معسكر التحالف وانهيار أمني متسارع يهدد بتفكك كامل للمشهد في شرق اليمن.

    قبائل حضرموت تفرض سيطرتها على المرتفعات الحاكمة للمكلا

    أحكمت قبائل حضرموت، الأربعاء، قبضتها على المرتفعات الجبلية المطلة على مدينة المكلا، عاصمة المحافظة، في خطوةٍ استباقية لأي تحرك عسكري من الفصائل الموالية للإمارات.

    وأكدت مصادر قبلية في حلف القبائل أن القوات القبلية المتمركزة غرب المدينة انتشرت في الجبال المحيطة تحسباً لمواجهات مرتقبة، مشيرة إلى أن التحركات جاءت بعد رصد نشاطٍ مكثف لفصائل مدعومة إماراتياً.

    وتأتي هذه التطورات عشية اجتماع قبلي واسع دعا إليه رئيس الحلف عمرو بن حبريش لحسم الموقف من التحركات الإماراتية.

    وتشير التقديرات إلى أن المكلا ستكون أولى ساحات المواجهة، خصوصاً مع مساعي أبوظبي لنقل المعركة إلى الساحل بعد فشلها في فرض نفوذها الكامل على الهضبة النفطية.

    انهيار أمني في الهضبة النفطية وجرائم متصاعدة

    بالتوازي مع التصعيد العسكري، تشهد حضرموت انهياراً أمنياً متسارعاً، حيث قُتل مواطن وأصيب آخر في هجوم مسلح بمنطقة بحيرة شبام، ضمن سلسلة جرائم متكررة طالت المدنيين خلال الأسابيع الأخيرة.

    ويأتي هذا الانفلات الأمني في ظل انشغال الفصائل التابعة للتحالف بصراعات النفوذ وتقاسم الموارد النفطية، ما حوّل المحافظة الغنية إلى ساحة فوضى مفتوحة.

    ويؤكد مراقبون أن الانهيار الأمني يعكس انشغال القوى الموالية للسعودية والإمارات بتصفية حساباتها الداخلية، بينما يدفع المواطنون ثمن الفوضى، في وقتٍ تتراجع فيه الخدمات الأساسية وتُستنزف الثروات النفطية بعيداً عن التنمية المحلية.

    مخاوف إماراتية وتهديد بفرض حظر تجوال

    وفي مؤشرٍ على قلقٍ متصاعد داخل المعسكر الإماراتي، كشفت مصادر إعلامية عن نية الفصائل المدعومة من أبوظبي فرض حظر تجوال في وادي وصحراء حضرموت، ابتداءً من الخميس، تحسباً لاجتماع القبائل المرتقب.

    ويرى مراقبون أن التهديد بفرض الحظر في مناطق خارجة عن السيطرة الإماراتية محاولة لبث الخوف بين المشايخ وحلف القبائل، الذين يستعدون للاجتماع بدعم سعودي واسع.

    الاجتماع المرتقب، الذي يُتوقع أن يكون أضخم احتشاد قبلي في تاريخ المحافظة، سيحمل رسالة مباشرة إلى الإمارات بأن أي محاولة للسيطرة على الهضبة النفطية ستُواجَه بموقف موحد من قبائل حضرموت.

    وتشير التطورات إلى أن الساحل والوادي يقتربان من مواجهة مفتوحة بين القوى المدعومة من الرياض وأبوظبي، في سباقٍ للهيمنة على “جوهرة الشرق اليمني”.

    صراع داخل التحالف.. الانفصال يُسرّع الانفجار في عدن

    وفي الجنوب، تتسارع مؤشرات التصدع داخل التحالف، حيث تستعد الفصائل التابعة للإمارات لطرد المجلس الرئاسي من عدن، مقر الحكومة الموالية للتحالف.

    ودعت هيئات ومنظمات تابعة لـ”الانتقالي الجنوبي” إلى احتشاد أمام قصر معاشيق، مقر إقامة رئيس المجلس رشاد العليمي ونائبه عبدالله العليمي، في خطوةٍ تُعد تصعيداً سياسياً غير مسبوق.

    الاحتجاجات تأتي وسط خلافات حادة حول إدارة حضرموت والانفصال الجنوبي، إضافة إلى صراع على المناصب الوزارية، أبرزها وزارة المالية، ما يعكس هشاشة التفاهمات داخل المجلس الرئاسي.

    كما فجّرت تصريحات وزير الخارجية الأسبق خالد اليماني الداعية للانفصال سجالاً حاداً بين قيادات المجلس، ودفعت أطرافاً في الانتقالي للمطالبة بإقالة مسؤولين داخل هيئة المصالحة على خلفية معارضتهم للمشروع الانفصالي.

    الإمارات تحيّد حكومة عدن وتشتري صمتها بمليار دولار

    وفي خضم هذا الصراع، تعمل الإمارات على تحييد حكومة عدن عن معركتها في حضرموت عبر صفقة مالية ضخمة. فقد وعد رئيس الحكومة سالم بن بريك بأن أبوظبي ستضخ مليار دولار لدعم قطاع الكهرباء، وهو مبلغ لم يسبق أن قُدّم رغم سيطرة الإمارات على عدن لسنوات.

    ويرى مراقبون أن الخطوة تحمل بُعداً سياسياً يهدف إلى تحييد الحكومة عن الصراع القائم في الهضبة النفطية، أكثر من كونها مبادرة اقتصادية حقيقية.

    ويشير التوقيت إلى أن أبوظبي تسعى لشراء ولاءات وتجميد مواقف داخل الحكومة، في وقتٍ تشن فيه هجوماً استراتيجياً لإحكام السيطرة على منابع النفط شرق البلاد.

    لجنة اعتصام المهرة: الإمارات تشعل الفتنة في حضرموت

    وفي موقفٍ لافتٍ، اتهمت لجنة اعتصام أبناء المهرة الإمارات بالوقوف وراء مخطط لإشعال الفتنة القبلية في حضرموت، محذّرة من تداعياتٍ خطيرة على النسيج الاجتماعي والأمن الإقليمي للشرق اليمني. وقالت اللجنة في بيانٍ رسمي إن تهديدات المدعو “أبو علي الحضرمي” الموالي للإمارات ضد حلف قبائل حضرموت تمثل استفزازاً خطيراً ومحاولة لإشعال نزاعٍ داخلي واسع يخدم أجنداتٍ خارجية.

    وأكدت اللجنة تضامنها الكامل مع حلف القبائل وقيادته، داعية عقلاء حضرموت إلى التكاتف والتصدي لأي مؤامرة تهدف لجر المحافظة إلى الفوضى. كما شددت على أن أمن حضرموت جزء لا يتجزأ من أمن المهرة، وأن أي انفجار في حضرموت ستكون له انعكاسات إقليمية واسعة قد تمتد إلى عمق المناطق الشرقية.

    خاتمة

    تبدو حضرموت اليوم على حافة مواجهةٍ كبرى بين مشروعين إقليميين متناقضين: الأول سعودي يسعى لترسيخ نفوذ قبلي موالٍ في الوادي، والثاني إماراتي يندفع بقوة نحو السيطرة على الساحل والهضبة النفطية.

    وبين هذا وذاك، يدفع أبناء حضرموت الثمن الأكبر من دمائهم وأمنهم واستقرارهم، فيما تتحول المحافظة الأغنى بالثروات إلى مسرحٍ مكشوفٍ لصراعاتٍ إقليمية تتجاوز حدودها الجغرافية.

    spot_imgspot_img