شهدت غينيا بيساو، الدولة الصغيرة الواقعة في غرب أفريقيا، يوم الأربعاء 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، تطورات سياسية وأمنية دراماتيكية، بعدما أعلن ضباط في الجيش عزل الرئيس عمر سيسوكو إمبالو والسيطرة على السلطة، وذلك بعد أيام فقط من إجراء الانتخابات العامة التي جرت في 23 من الشهر نفسه.
وقالت مصادر ميدانية إن إطلاق نار سُمع قرب القصر الرئاسي في العاصمة بيساو، في الوقت الذي أكد فيه الرئيس المعزول أنه اعتُقل على يد رئيس أركان الجيش، في خطوة وُصفت بأنها انقلاب عسكري كامل الأركان يستبق إعلان النتائج النهائية للاستحقاق الانتخابي.
وبحسب ما نقلته وكالات الأنباء الدولية، بينها رويترز ووكالة الصحافة الفرنسية وفرانس 24، أعلن الضباط العسكريون إغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية لغينيا بيساو، مؤكدين تشكيل ما سموه “القيادة العسكرية العليا لاستعادة النظام”، وأنهم سيتولون إدارة شؤون الدولة “حتى إشعار آخر”.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد الضباط قوله: “لقد قررنا إنقاذ الأمة من الفوضى السياسية، ولن نسمح بتزوير إرادة الشعب”، في إشارة إلى الخلافات والاتهامات المتبادلة التي أعقبت عملية الاقتراع. فيما شدد ضابط آخر على أن “القوات المسلحة الآن هي الضامن الوحيد لاستقرار غينيا بيساو”، في دلالة واضحة على نية الجيش الإمساك المباشر بمقاليد السلطة خلال المرحلة المقبلة.
ويأتي هذا الانقلاب في سياق تاريخ طويل من عدم الاستقرار السياسي في غينيا بيساو، التي لم تعرف استقراراً مؤسسياً حقيقياً منذ استقلالها عن البرتغال عام 1974، حيث شهدت البلاد أكثر من عشر محاولات انقلابية بين ناجحة وفاشلة، جعلت المؤسسة العسكرية لاعباً حاسماً في الحياة السياسية.
وكان الرئيس عمر سيسوكو إمبالو، الذي وصل إلى السلطة عام 2020، يسعى إلى تجديد ولايته وسط انتقادات حادة تتعلق بـالتلاعب الانتخابي وضعف المؤسسات الديمقراطية، غير أن إعلان الجيش الإطاحة به يعكس استمرار هيمنة الجنرالات على المشهد السياسي، ويزيد المخاوف من دخول البلاد في مرحلة جديدة من الفوضى وعدم اليقين.
من جانبها، أعربت منظمات إقليمية، على رأسها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، عن قلق بالغ إزاء التطورات الجارية في غينيا بيساو، داعية إلى الإفراج الفوري عن الرئيس المعزول وإعادة العمل بالنظام الدستوري. كما حذّرت من أن استمرار الانقلاب وتكريسه كأمر واقع قد ينعكس سلباً على الأمن الإقليمي في غرب أفريقيا والساحل، وهي منطقة تعاني أصلاً من تهديدات متصاعدة مرتبطة بالإرهاب والجريمة المنظمة وشبكات التهريب.
حتى اللحظة، لم يعلن قادة الانقلاب خطة واضحة لإدارة المرحلة الانتقالية أو جدولاً زمنياً لعودة الحياة الدستورية وإجراء انتخابات جديدة، ما يُبقي مستقبل البلاد مفتوحاً على جميع الاحتمالات.
