في قلب أيام البرد، حين يثقل الهواء برطوبته ويمتزج الغبار بنسائم الشتاء، يجد بعض الأشخاص أنفسهم أسرى نوبات عطس لا ترحم، تتكرر كأن الأنف يطلق صرخات استغاثة متتابعة. ورغم أن العطس في جوهره رد فعل طبيعي لطرد المثيرات، إلا أن تكراره بلا توقف يُعد رسالة واضحة بأن شيئًا ما يختل داخل الممرات الأنفية.
ويشير تقرير صادر عن “Northeast Allergy, Asthma & Immunology” إلى أن العطس المتكرر قد يكون نتاجًا لتحسس من حبوب اللقاح أو وبر الحيوانات أو عثّ الغبار أو العفن، كما يمكن للروائح القوية والدخان ومواد التنظيف أن تُفجّر سلسلة من التهيّج الداخلي. وفي حالات أخرى، يرتبط الأمر بتغيرات هرمونية أو أطعمة حارة أو تقلبات مناخية مفاجئة، وقد تزيد الزوائد الأنفية أو انحراف الحاجز الأنفي من حدّة النوبات.
ولتهدئة العطس فور حدوثه، ينصح الأطباء بتنظيف الأنف برفق، واستخدام بخاخ الملح لترطيب الممرات الأنفية، والابتعاد عن الروائح القوية، والحفاظ على رطوبة الجسم، وإغلاق النوافذ خلال مواسم انتشار الحساسية. ورغم أن هذه الخطوات توفر هدوءًا مؤقتًا، فإن العطس المزمن يتطلب فحصًا متخصصًا لتحديد مسببات الحساسية عبر اختبارات دقيقة، ووضع خطة علاج تشمل مضادات الهيستامين أو بخاخات الأنف أو العلاج المناعي التدريجي لمن يحتاجون إليه.
كما تلعب بيئة المنزل دورًا مهمًا في الوقاية؛ فالتنظيف المنتظم، وغسل أغطية الفراش بالماء الساخن، وتقليل السجاد الكثيف، وضبط الرطوبة الداخلية يساعدون جميعًا على تخفيف التهيّج. وتوصي الإرشادات الطبية بزيارة الطبيب إذا كانت النوبات اليومية تعيق النوم أو العمل أو تترافق مع احتقان مستمر أو دموع أو حكة.
فهم ما يحاول الأنف قوله خطوة أولى لاستعادة الراحة؛ فالعطس ليس عدوًا، بل رسالة رقيقة من الجسد تبحث عن اهتمام قبل أن تتحول إلى معركة يومية.
