تعيش المحافظات الجنوبية الخاضعة لسيطرة فصائل التحالف على وقع أزمة كهرباء خانقة تهدد بانقطاع كامل للخدمة، في ظل توقف الدعم السعودي المفترض وتصاعد الخلاف بين الرياض وأبوظبي، ما يعمّق معاناة السكان ويحوّل الخدمات الأساسية إلى ورقة ابتزاز سياسي في صراع النفوذ على الجغرافيا والثروة اليمنية.
مصادر محلية أكدت أن السعودية لم تلتزم بتعهداتها الأخيرة التي أطلقتها قبل أكثر من شهر، والقاضية بتقديم دعم مالي يصل إلى 80 مليون دولار لتوفير وقود محطات التوليد في المناطق الخاضعة لحكومة عدن، في وقت تعاني فيه محطات الكهرباء من نقص حاد في الوقود بالتزامن مع ذروة الطلب على الطاقة، الأمر الذي ينذر بسيناريو عتمة شبه كاملة في عدن وسائر المحافظات الجنوبية.
ويرى مراقبون أن تعليق الدعم السعودي للكهرباء لم يعد مجرد خلل إداري أو تأخير مالي، بل تحول إلى أداة ضغط مباشرة تستخدمها الرياض في إطار صراع النفوذ القائم مع أبوظبي، حيث تسعى الأولى – وفق هذه القراءة – إلى إجبار المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً على التراجع عن سياساته التوسعية في حضرموت والمهرة، والقبول بنشر قوات “درع الوطن” الموالية للسعودية في المناطق الاستراتيجية، بما فيها الهضبة النفطية والحدود الشرقية، في معادلة تجعل الكهرباء سلاحاً بيد السياسة لا خدمةً عامة للمواطنين.
وفي موازاة أزمة الكهرباء، انفجرت في عدن أزمة غاز حادة أصابت الحركة في المدينة بالشلل الجزئي، بعد أن أقدمت سلطات مأرب على قطع إمدادات الغاز عن المدينة، في خطوة وُصفت بأنها رد مباشر على سيطرة المجلس الانتقالي على هضبة النفط شرقي البلاد بدعم إماراتي.
وذكرت مصادر محلية أن عدن تعاني من انعدام شبه كامل للغاز منذ إحكام الانتقالي قبضته على حضرموت النفطية، مشيرة إلى أن خصومه ضمن ما يسمى بـ “المجلس الرئاسي” اتخذوا قرارًا بوقف تدفق الغاز من مأرب في محاولة لخنق نفوذ الانتقالي اقتصاديًا وخدميًا.
نتيجة لذلك، توقفت غالبية المركبات التي تعمل بالغاز عن الحركة في شوارع عدن، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أجور المواصلات بين مديريات المحافظة، وزيادة الضغط على المواطنين الذين يجدون أنفسهم بين عتمة كهربائية، وأزمة وقود وغاز، وانهيار في الخدمات الأساسية، بينما تتحول الملفات الحيوية إلى أوراق مساومة بين أطراف الصراع الإقليمي والمحلي.
بهذا المشهد، تبدو المحافظات الجنوبية اليوم رهينة صراع حسابات بين الرياض وأبوظبي وواجهاتهما المحلية؛ كهرباء تُعلَّق بقرار سياسي، وغاز يُقطع بقرار انتقامي، وشارع يعيش تحت وطأة خدمات منهارة واقتصاد مشلول، في وقت تتقدم فيه مشاريع تقاسم النفوذ والهضبة النفطية والموانئ على حساب أبسط حقوق الناس في الطاقة والمواصلات ولقمة العيش، فيما يبقى المواطن الجنوبي أكبر الخاسرين في معركة لا ناقة له فيها ولا جمل إلا معاناته اليومية.
