المشهد اليمني الأول/
قال الدكتور يول جوزانسكي، وآري هايستين -الباحثان المتخصصان في شؤون الخليج- إن الشهر الحالي يصادف مرور ثلاث سنوات على بدء الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، لكن هذه ليست مناسبة للاحتفال في الرياض، إذ تشير التقديرات إلى أن الحرب تكلف السعوديين ما يزيد عن 100 مليار دولار، مما أدى إلى تآكل الصورة الدولية للمملكة، وفشلها في تحقيق أهدافها؛ المتمثلة في «القضاء على النفوذ الإيراني» باليمن.
أضاف الباحثان -في مقال نشرته مجلة «ناشونال إنترست» الأمريكية- أنه في الوقت نفسه يعاني شعب اليمن بشكل كبير من الحرب السعودية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي قتلت الآلاف من المدنيين اليمنيين، ودمرت البنية التحتية للبلاد، وأدت إلى انتشار المرض والجوع.
واعتبر الباحثان أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن كانت فرصة أمام الإدارة الأميركية لإنهاء هذه الحملة الضارة.
وتابع الباحثان: «بالنسبة للسعوديين، اليمن هدف تاريخي لاكتساب النفوذ، ولكنه أيضاً ساحة حرجة للأمن والاستقرار، لأن اليمن يشترك في حدود طويلة.
وفي حملتها ضد الحوثيين، تحصل المملكة على معلومات استخباراتية، ومعونة لوجستية من الأمريكيين، ولديها رابع أكبر ميزانية أمنية في العالم، بالإضافة إلى أسلحة متطورة تحت تصرفها، لكن مع ذلك تجد المملكة صعوبة في التغلب على عدو مصمّم يقف على عتبة بابها».
وأردف الباحثان: «في الواقع، بالإضافة إلى التمسك بالعاصمة اليمنية صنعاء وغيرها من المناطق الرئيسية، أطلق الحوثيون أكثر من مائة صاروخ -يزعم أنها صنعت في إيران- على عمق الأراضي السعودية، واستولوا على أكثر من مائة ميل مربع داخل المملكة».
وأوضح الكاتبان أن الفجوة بين الاستثمار في الأمن والأداء العسكري دفعت الملك السعودي سلمان ووريثه ولي العهد محمد، إلى إحداث عملية تبديل على المستوى الأعلى في المؤسسة الأمنية، بما في ذلك تغيير رئيس الأركان، وقائد القوات البرية والدفاع الجوي.
وتم تقديم هذه البدائل كجزء من عملية التحديث، لكنها تعكس في الواقع الإحباط المتزايد في النخبة السعودية بأداء الجيش. من السابق لأوانه القول ما إذا كانت هذه الإجراءات ستحدث تغييرات جوهرية في الاستراتيجية، وما تأثير ذلك -إن وجد- على استمرار القتال».
وفي الوقت نفسه، يقول الكاتبان إن الحرب في اليمن كشفت الطبيعة الضعيفة لعلاقات المملكة العربية السعودية مع حلفائها المسلمين الرئيسيين، وأهمهم باكستان التي رفضت بشكل غريب إرسال جيشها لمساعدة المملكة، وكانت حكومة السيسي في مصر -التي استثمرت فيها الرياض مليارات الدولارات، والتي اعتبرت «العمق الاستراتيجي» للمملكة- قد رفضت إرسال أعداد كبيرة من القوات البرية للمشاركة في القتال.
وبدلاً من ذلك، أرسلت القاهرة مجموعة صغيرة من عدة مئات من الجنود وثلاث إلى أربع سفن لمساعدة الرياض.
واختتم الباحثان مقالهما بالقول: «في مقابل زيادة الدعم الأميركي للحملة السعودية لفترة محدودة، ينبغي على الرئيس ترامب أن يطالب السعوديين باتخاذ المزيد من الاحتياطات، لمنع وقوع إصابات بين المدنيين، وزيادة المساعدات المقدمة للمدنيين اليمنيين المعرضين لخطر المرض أو الجوع.
إن الحرب في اليمن كانت كارثة على جميع الأطراف المعنية، ولذلك فإن إنهاءها هو القرار الذكي والصحيح».