مقالات مشابهة

الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي.. مهندس التوافق في مهد الربيع العربي

المشهد اليمني الأول/

الرئيس التونسي الراحل الباجي قايد السبسي، حظي بسجل سياسي حافل يعود إلى النصف الأول من القرن الماضي. ويحسب للسبسي أنه ساهم في تجنيب تونس، مهد الربيع العربي، الانزلاق إلى الفوضى في ذروة الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد في عام 2013، عبر انتهاجه سياسة التوافق مع الاخوان المسلمين في تونس.

شاهد على تاريخ تونس المعاصر

كان السبسي، المولود بضاحية سيدي بوسعيد الراقية بالعاصمة في عام 1926 وخريج كلية الحقوق في باريس عام 1950، شاهدا على بدايات تأسيس الدولة التونسية الحديثة إبان الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي في عام 1956، وقد تقلد عدة مناصب في حكومات متعاقبة منذ ذلك الحين.. لكن تاريخ السبسي كمحام وسياسي بدأ فعليا قبل ذلك، حينما كان عضوا بالحزب الحر الدستوري الجديد الذي ناضل ضد الاستعمار، كما كان مستشارا للرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، باني دولة الاستقلال وأول رئيس لتونس.

وقد ظل السبسي ينظر له حتى بعد وفاة بورقيبة عام 2000 كابنه الروحي وهو طالما كرر ذلك في خطاباته، على الرغم من مغادرته الحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم في عام 1974 لتأييده الدعوات الى إجراء اصلاحات سياسية قبل أن يعود الى الحكومة في عام 1980.

وشغل السبسي طيلة فترة حكم بورقيبة حقائب وزارية مهمة، بينها أساسا الدفاع والداخلية والخارجية. وبعد صعود الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى سدة الحكم في انقلاب أبيض عام 1987،انتخب في البرلمان وتولى رئاسته بين عامي 1990 و.1991.. وبعد فترة توارى فيها عن العمل السياسي، عاد السبسي إلى الواجهة بتوليه رئاسة الحكومة المؤقتة إثر الاطاحة بحكم بن علي في ثورة شعبية عام 2011م.

وأسس السبسي حزب حركة نداء تونس بعد ذلك بعام وكان الهدف التصدي لهيمنة الاخوان المسلمين على المشهد السياسي والحكم، وقد نجح في ازاحتهم من السلطة بعد فوز حزبه بالانتخابات التشريعية التي جرت في عام 2014 وصعوده الى الرئاسة بفوزه في الدور الثاني على حساب الرئيس السابق المنصف المرزوقي.

ويحسب للسبسي أنه ساهم في تجنيب تونس الانزلاق إلى الفوضى بتفادي الصدام مع الاخوان المسلمين، في ذروة الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد في عام 2013 عقب اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، بأن انتهج سياسة التوافق مع زعيم حركة النهضة الاسلامية راشد الغنوشي. لكن الرئيس الراحل لقي انتقادات من داخل حزبه لتحالفه مع حركة النهضة في الحكم عقب انتخابات 2014 وكان ذلك أحد أسباب الخلافات التي عصفت بنداء تونس حيث شهد انشقاقات أدت الى إضعافه وخسارته الأغلبية وانقسامه.