مقالات مشابهة

صحيفة عطوان تكشف الرّد الانتقامي الأكبر للمقاومة الفلسطينية

المشهد اليمني الأول |

غزّة تعيش حالةً من الغليان والإسرائيليّون يُهيّئون الملاجئ استعدادًا للأسوَأ بعد اغتيال قائد في “الجِهاد الإسلامي” واستهداف آخر في دِمشق.. هل سيُؤدّي الرّد الانتقامي إلى إشعال حربٍ مُوسّعةٍ وقصف المُستعمرات بآلاف الصّواريخ؟ ولماذا يتحمّل نِتنياهو المَسؤوليّة الأكبر؟

شنّت دولة الاحتلال الإسرائيليّ هُجومين صاروخيين اليوم بهدفِ اغتيال قائدين بارزين في حَركة “الجهاد الإسلامي”، الأوّل هو بهاء أبو عطا، قائد الحركة في شِمال قِطاع غزّة، والثّاني، أكرم العجوري، عُضو مكتبها السياسيّ المُقيم في العاصمة السوريّة دِمشق، وتسبّب الهُجوم الأوّل في استشهاد أبو العطا وزوجته، بينما نَجا السيّد العجوري، واستشهد ابنه معاذ.

حركة “الجهاد الإسلامي” وفصائل مُقاومة أخرى ردّت بإطلاق صواريخ على مُستعمرات إسرائيليّة في الجنوب، أوقَعت عدّة إصابات طفيفة، وأدّت إلى مَنع حواليّ مِليون تلميذ من الذّهاب إلى المدارس تحَسُّبًا لرُدودٍ أكثر قوّة.

بنيامين نِتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيليّ، أقدم على هذه الجريمة الدمويّة لأسبابٍ أبرزها مُحاولة زيادة فُرصه في البقاء رئيسًا للحُكومة، وتَجنُّب الذّهاب إلى السّجن بتُهم الفساد.

حركة الجِهاد الإسلامي التي لم تُشارك في أيّ انتخابات فِلسطينيّة تشريعيّة أو رئاسيّة تحت مِظلّة اتّفاقات أوسلو، أكّدت وعلى لسان أكثر من مسؤول فيها بأنّها ستَرُد بقُوّةٍ على هذا العُدوان، وقال أمينها العام المُتشدّد زياد النخالة “أنّ العدو الإسرائيليّ تجاوز كُل الخُطوط الحُمر، وأنّ الحركة ستنتقم لشُهدائها”.

أمّا السيّد خالد البطش عُضو مكتبها السياسيّ فقال في كلمةٍ ألقاها في المسجد العمري في غزّة حيثُ أُقيم العزاء للشهيد أبو عطا وزوجته بعد الصّلاة على جثمانيهما “أنّ حركة الجهاد ستَرُد بغض النّظر عن الحِسابات”، في إشارةٍ إلى حركة “حماس” التي تَميل إلى التّهدئة وعدم التّصعيد، حسب بعض المُراقبين في قِطاع غزّة.

الغُرفة المُشتركة التي تَضُم الأذرع العسكريّة للفصائل الفِلسطينيّة في القِطاع عقدت اجتماعًا طارئًا للتّداول حول جريمة الاغتيال وبَحث كيفيّة الرّد، ولكن لم يتم الإعلان عن أيّ قرارٍ، ويبدو أن الرّد سيكون إجماعيًّا وجَماعيًّا، وربّما مع حُلول الظّلام.

الشّارع الفِلسطيني في قِطاع غزّة والضفّة الغربيّة يعيش حالةً من الغليان، وردّد المُشيّعون لجُثمان الشّهيد أبو عطا وزوجته شِعارات تُطالب بِردٍّ قويٍّ، وأكّدت مصادر في قِطاع غزّة لـ”رأي اليوم” أنّ هُناك حالةَ استعجالٍ للرّد في الشّارع ورفضًا لأيّ تهدئة مع الإسرائيليين.

المصادر نفسها أكّدت أيضًا أنّ حركة “الجهاد الإسلامي” رفضَت وِساطة مِصريّة جاءت بطلبٍ من نِتنياهو بالتّهدئة وعدم التّصعيد، أو الإقدام على أيّ رد، ولكنّ هذه الوِساطة جرى رفضها، وأغلق جميع المسؤولين في حركة الجهاد هواتفهم، ورفَضوا الرّد على الوُسَطاء المِصريين.

قِطاع غزّة يقِف حاليًّا أمام حالةٍ من التّصعيد قد تَطول،  وربّما تُؤدّي إلى حُدوث حربٍ طويلةٍ، فالسيّد النخالة هدّد في تصريحاتٍ سابقةٍ بأنّ الرّد القادِم سيستهدف تل أبيب ومطارها، ومُعظم البُنى التحتيّة الإسرائيليّة، وما يُؤكّد هذه النّوايا، أنّ أحد الصّواريخ الذي جرى إطلاقه من القِطاع فجر اليوم أصاب مِنطقةً في الوسط بين القدس ورام الله المُحتلّين، كما سقَط صاروخٌ آخر على طريقٍ رئيسيّةٍ في مدينة تل أبيب.

نِتنياهو هو الذي أقدم على هذا العُدوان، وهو الذي يتحمّل مسؤوليّة أيّ رد عليه، فقد كان القِطاع هادئًا قبل عُدوانه هذا، بسبب التزام حرَكات المُقاومة جميعًا، بِما فيها “الجهاد الإسلامي” وحركة “حماس” بالتّهدئة التي جرى التوصّل إليها عبر الوُسطاء المِصريين في الحَرب الأخيرة.

لا نعرِف بالضّبط ما إذا كانت حركة “حماس” ستُشارك “الجهاد” ردّها الانتقاميّ على عمليّة الاغتيال هذه، وإذا شاركت فإنّ هذا يعني أنّ آلاف الصّواريخ قد تَضرِب أهدافًا ومصالح حيويّة ومُدن إسرائيليّة، وتُحدِث خسائر بشريّة وماديّة ضخمة، بالنّظر إلى التّصريحات التي أدلى بها قائِدها في قِطاع غزّة السيّد يحيى السنوار وقال فيها إنّ حركته تملك 70 ألف صاروخ من النّوع المُتطوّر والدّقيق، وقادرةٌ على قصف الأهداف الإسرائيليّة لمُدّة ستّة أشهر دون انقِطاع.

عندما اغتالت إسرائيل الشهيد يحيى عياش، أحد قادة الجناح العسكريّ (القسّام) لحركة “حماس” عام 1995، توعّدت الحركة بتنفيذ أربع عمليّات استشهاديّة انتقامًا وثأرًا لهذا الاغتيال ونفّذتها جميعًا، ممّا أدّى إلى مقتل ما يقرُب من أربعين إسرائيليًّا وإصابة المِئات في القُدس والخضيرة وتل أبيب، ولذا فإنّ السُّؤال المَطروح هو حول حجم الرّد الذي قد تُقدِم عليه نظيرتها وشَريكتها “الجهاد الإسلامي” ثَأرًا لمقتل قائِدها أبو عطا؟

السيّد زياد النخالة الأمين العام للحَركة هو الوحيد الذي يملك الإجابة على هذا السّؤال.

“رأي اليوم”