مقالات مشابهة

كيف يمكن لترامب إلحاق الضرر بالأمن القومي الأمريكي خلال 75 يوماً فقط؟ وهل سيضطر رجال الخدمة السرية إلى إخراجه من البيت الأبيض قسرًا؟

المشهد اليمني الأول/

لم يُسجّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب “المُنتهية ولايته”، أيّ ظُهور بعد إعلان وسائل إعلام أمريكيّة خسارته الانتخابات، عدا مشهد لعبه الجولف في مُنتجعه قبل إعلان خسارته بساعة، ليلة أمس ترقّب الشعب الأمريكيّ ظُهوره كما يُفترض بعد الخسارة، لم يظهر وصمت ساعات بعد تغريداته الأخيرة حول اتّهامات لبايدن بالتسرّع، والزيف، وإعلان فوزه، عاد مُجدّدًا عبر “تويتر”، وتبنّى خطاباً أكثر رفضاً للنتائج، وخسارته.

الرئيس ترامب الجمهوري الخاسر، بدأ يستخدم عبارات أكثر قسوةً، اللافت أنه يغرّد أيضاً بالحُروف الكبيرة باللغة الإنجليزيّة في بعض تغريداته في دلالةٍ على غضبه الكبير، ووصف القائمين على عمليّات الفرز باللصوص، ومسؤولو المُدن الكُبرى بالفاسدين، وهي اتّهامات يقول إنّ لديه أدلّةً حولها، وبالتالي تزوير الانتخابات، وسرقتها كما يدّعي، وهو ادّعاءٌ لا يلق دعماً سوى من حملته، فحتى حاكم ولاية جورجيا التي لا تزال تشهد فرزًا للأصوات، وهو الجمهوري يُؤكّد أنه لم يشهد أو يلحظ أي عمليّات تزوير في ولايته.

المعركة القضائيّة التي يُريد ترامب خوضها، هي في الغالب كما يرى مراقبون للمشهد الانتخابي الأمريكي، ليست إلا مُحاولةً أخيرةً من ترامب، للقول بأنه مُستمرٌّ بمعركته، ولم يتنازل، فهو لا يقبل الخسارة، ولا يتعهّد بنقل السلطة سِلميّاً لجو بايدن، وهو مَشهدٌ غير مسبوق، لم تشهده الولايات المتحدة الأمريكيّة، ويُقابل ببعض المخاوف، فيما لو نجح الرئيس الأشقر في تحريض أو إقناع أنصاره، بأنّ هزيمته جاءت بالفِعل على خلفيّة تزوير، والشارع الأمريكي لا يخلو من مظاهر مُسلّحة، وإن كانوا بالعشرات حتى الآن من أنصاره يجوبون شوارع الولايات بأسلحتهم.

الرئيس المُنتخب جو بايدن، حرص في خطاب النصر الذي ألقاه في ديلاوير، ألا يتطرّق لما يقوله ترامب حول الشّكوك، وعمليّة التزوير، ولم يذكره حتى، وخاطب الأمريكيين كونه رئيسهم الفائز، وهو بذلك أوحى بأنّ المعركة الانتخابيّة انتهت لصالحه، وإن كان دونالد ترامب لا يزال يقول، إنّ المعركة بدأت للتّو، حيث فريق قانوني من أفضل المُحامين لدى الأخير،

ينوون البَدء بمعركة قضائيّة الاثنين، تدور إحداها حول اتّهامات تزوير في ولاية بنسيلفانيا، وهي الولاية التي منحت جو بايدن مفتاح البيت الأبيض، في حالةٍ وحيدةٍ يستطيع ترامب أن ينجح في إعادة فرز الأصوات، وطريقة حسابها، إذا أثبت وجود حالات عمليّات تزوير، وهو ما يقول وحيدًا إنّه يملكه.

التخوّفات من ردّة فعل ترامب، لا تنحصر في مرحلة إنكاره الهزيمة، والدخول في تقديم الطّعون، بل في حالة خسارته تلك الطّعون القضائيّة، والفترة المُتبقّية له داخل البيت الأبيض، حيث لا يزال يملك السلطة لفِعل الكثير، ومن ضمن تلك الخِيارات التي يخشاها مُعسكر الديمقراطيين، وحتى بعض الجمهوريين، الحرب الأهليّة، وليس عابرًا أنّ بايدن ركّز في خِطاب النصر على عبارات إعادة توحيد الأمّة.

هذه الفترة التي تسبق تسليم ترامب السلطة، هذا عدا عن سيناريوهات رفضه لتسليمها ظُهر 20 يناير العام 2021، لفتت إلى مخاطرها نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي في خطابها الذي وصفت فيه بايدن بالرئيس المُنتخب قبل إعلانه فائزًا، وتحدّثت بالفِعل عن مخاوف الأمريكيين ممّا قد يُمكن أن يفعله رئيس وصفته صحافة بلاده، بالرئيس الخاسر، والغاضب، والباحث عن الانتقام.

صحيفة “الواشنطن بوست” لفتت في افتتاحيّتها هي الأخرى إلى مخاطر “الخطاب التحريضي” الذي يصدر عن ترامب، وقالت إنّ ترامب لا يزال أمامه 75 يوماً في منصبه.

وتقول الصحيفة، إنّ ثمّة مخاطر ترتقي لمُستوي إلحاق ترامب أضرارًا بالأمن القومي، فيُمكن ترامب بحسبها طرد كبار المسؤولين الكبار في الاستخبارات والأمن القومي، كما وإصدار قرارات عفو عن المُجرمين من رفاقه، لا بل قد يُصدِر عفوًا عن نفسه، وهذا الخِيار الأخير كما يرى مُعلّقون، غير مُستبعد، فالرّجل وبعد رفع الحصانة الرئاسيّة عنه، قد يكون أمام قضايا عديدة، كالتهرّب الضرييي، التحرّش، الاغتصاب، إلخ…

وتشُير الصحيفة إلى خُطورة القرارات الخارجيّة التي قد تصدر عن الرئيس، وتدعو الصحيفة الأمريكيّة، إلى ضرورة تدخّل حُلفاء ترامب من الجمهوريين، لمنع إلحاق المزيد من الأضرار بالأمن القومي الأمريكي، وكُل هذا فقط يُمكن للمُفارقة أن يحدث بأقل من 75 يوماً فقط، قبل بدء ولاية بايدن، الذي سيبدأها في مُكافحة انتشار فيروس كورونا.

وفي حال أضرّ ترامب بالأمن القومي الأمريكي، وحاول إشغال العالم الذي هنأ مُنافسه بايدن بالفوز، بمشهد غير مُتوقّع، أو ذهب ترامب إلى السيناريو الضّار الثاني، ورفض مُغادرة البيت الأبيض، فإنّه سيكون ووفقاً لمصادر حُكوميّة لمجلة “نيوزويك” أمام إخراج قسري من البيت الأبيض على يد عناصر الخدمة السريّة، وهذا بطبيعة الحال في حال انتهاء ولايته الرسميّة.

رأي اليوم – خالد الجيوسي