مقالات مشابهة

تقرير.. هجمات إسرائيل على المشاريع النووية العربية والإسلامية

تعتبر إسرائيل أي مشروع نووي عربي أو إسلامي -حتى إن كان لأغراض سلمية- مصدر خطر يهدد وجودها، لذلك يحفل تاريخها بعمليات هجومية لتدمير أو تعطيل هذه المشاريع.

أعاد الهجوم الإسرائيلي على منشأة نطنز النووية الإيرانية إلى الأذهان العديد من الهجمات الإسرائيلية على مفاعلات ومنشآت نووية عربية وإسلامية خلال العقود الماضية، في جهد إسرائيلي لا تخطئه العين لحرمان أي دولة عربية أو إسلامية من دخول النادي النووي، وبقائها هي وحدها في حالة احتكار حصري لهذا السلاح في المنطقة.

لماذا تخشى إسرائيل امتلاك العرب والمسلمين السلاح النووي؟

ترى إسرائيل وأجهزتها الأمنية والاستخبارية أن تكنولوجيا السلاح النووي انتشرت في بعض دول الشرق الأوسط، والخليج العربي وجنوب آسيا، بشكل واسع ومتسارع، وبات يشكل تهديدا حقيقيا لوجودها، ولذلك فهي تسعى بجهودها الذاتية وعلاقاتها مع الدول العظمى لحرمان هذه الدول العربية والإسلامية من هذه القدرات النووية، كي تبقى محتفظة وحدها بهذه الإمكانات.

وتبدي إسرائيل حذرها من وجود تطلعات عربية وإسلامية لمحاكاة مختلف الدول النووية، وحيازة هذا السلاح، ولا سيما مع وجود العديد من دول العالم التي تمتلكه، باستثناء العرب والمسلمين الذين يفتقرون لهذه القدرات، ويكمن القلق الإسرائيلي في تغير هذا الوضع.

ما “عقيدة بيغن النووية”؟

يدور الحديث عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيغن الذي وقع اتفاق السلام مع مصر، وحاز جائزة نوبل للسلام مع السادات، وهو صاحب مذهب أمني إسرائيلي يقع في قلب السلوك العسكري، وغرضه الأساسي عدم السماح للدول المعادية لإسرائيل بتطوير قدرات الأسلحة النووية التي ستستخدم ضدها وتدميرها.

ولا تخفي إسرائيل خشيتها من أن تنشأ في المنطقة العربية والإسلامية حالة من التنافس الإقليمي للحصول على السلاح النووي، بحيث تخرج دول في المنطقة تطالب بالحصول على حقها في حيازة سلاح نووي بعد إيران والسعودية، كالأردن ومصر وتركيا.

أين نفذت إسرائيل أبرز هجماتها ضد المشاريع النووية العربية والإسلامية؟

نفذت إسرائيل العديد من الهجمات ضد المشاريع النووية العربية والإسلامية، رغبة منها في القضاء المبكر على أي جهود ومحاولات معادية لها لمنافستها في حيازة هذا السلاح الردعي، وآخرها الهجوم على منشأة نطنز الإيرانية قبل أيام.

ففي يونيو/حزيران 1981، نفذ الطيران الإسرائيلي عملية “أوبرا” بمشاركة 8 طائرات حربية متطورة، لتدمير مفاعل تموز النووي العراقي جنوب شرق بغداد، الذي أقيم بمساعدة فرنسية، وشكّل لإسرائيل حينها تهديدا وجوديا، ووضع علامات استفهام كبيرة أمام مسألة بقائها.

كما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي في سبتمبر/أيلول 2007 غارة جوية استهدفت مفاعلا نوويا سوريًا في منطقة الكُبر بمحافظة دير الزور الصحراوية، وزعمت إسرائيل في حينه أن المفاعل كان قريبا من اكتماله بمساعدة من كوريا الشمالية، لكن الهجوم الذي أسمته “عملية البستان” أزال “تهديدا وجوديا ناشئا” لإسرائيل.

وخلال السنوات الأخيرة، كثفت إسرائيل من تنفيذ ضرباتها المتعددة الأشكال، من هجومية واستخبارية، ضد المنشآت النووية الإيرانية، وتمثل أخطرها في السطو على أرشيفها النووي، واغتيال العديد من علمائها النوويين، وتنفيذ هجمات إلكترونية ضد المفاعلات النووية المنتشرة في عدد من المدن الإيرانية، وآخرها في منشأة نطنز 2021.

وشهد العام 2020 صدور العديد من التحذيرات الإسرائيلية عن بدايات تفكير السعودية بإنشاء مشروع نووي سلمي، واعتبرت ذلك مقدمة لا تبشر بخير لإسرائيل، لأن من شأنه إثارة تطلعات مزيد من الدول العربية والإسلامية لمحاكاتها، ولا سيما مصر وتركيا، وفي هذه الحال ستفقد إسرائيل ميزتها الحصرية باحتكار السلاح النووي، وخشيتها أن تذهب نحو التوجهات العسكرية في هذه المشاريع، لا المدنية فقط.

ورغم حالة التحالف القائمة تدريجيا بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية، والتنسيق الأمني العالي المستوى بينهما، فإن أوساطا إسرائيلية عبّرت عن قلقها من إنتاج الأخيرة مشروعا نوويا مدنيا في 2017 بمساعدة كوريا الجنوبية لإنتاج الكهرباء، خشية أن يتم تحويله في مراحل قادمة إلى استخدامات عسكرية.

لماذا استهدفت إسرائيل العلماء النوويين العرب والمسلمين؟

قد لا يكون مفاجئا أن تبادر إسرائيل إلى القضاء على كل جهد عربي أو إسلامي للحصول على السلاح النووي من خلال استهداف العقول المدبرة له، كما حصل في اغتيال جهاز الموساد عالم الذرة المصري يحيى المَشَدّ في باريس عام 1980، وهو أحد رواد برنامج العراق النووي.

وبعد الاحتلال الأميركي للعراق في 2003، واستباحته من قبل أجهزة الاستخبارات العالمية، تواترت التقارير التي تحدثت عن اغتيال الموساد -بالتواطؤ مع عناصر محلية- عشرات العلماء العراقيين في تخصصات الذرّة والبيولوجيا، ممن انخرطوا مبكرا في المشاريع التسليحية لبلادهم، خاصة السلاح النووي.

ومنذ أن بدأ الاستهداف الإسرائيلي للمشروع النووي الإيراني، ركزت عمليات الموساد على اغتيال العشرات من العلماء النوويين في قلب طهران، عبر تفجير سيارات مفخخة، ووضع عبوات ناسفة في منازلهم، وإطلاق النار عليهم.

كيف يختلف المشروع النووي الإيراني عن سواه من المشاريع العربية والإسلامية؟

يمثّل البرنامج النووي الإيراني تحديا أكثر خطورة على إسرائيل من البرنامجين اللذين تم تدميرهما في العراق وسوريا، إذ يدور حول مفاعلين نوويين في بوشهر وآراك، ومنشآت لتخصيب اليورانيوم في نطنز وفوردو، وهي تجمع بين مسارات اليورانيوم والبلوتونيوم، في إطار واسع من القوى البشرية العاملة، والمعرفة الفنية، والمرافق، والبنى التحتية، فضلا عن البعد الجغرافي بين إسرائيل وإيران، وتوزيع منشآت الأخيرة في عدة المدن، رغم الجهود الاستخبارية الإسرائيلية في تجميع أكبر قدر من المعلومات عنها.

ما الدول التي تخشى إسرائيل من دورها في “تعميم” السلاح النووي لدى العرب والمسلمين؟

تتابع الأوساط الإسرائيلية الاتصالات التي تجريها باكستان، الدولة الإسلامية النووية، مع عدد من الدول العربية والإسلامية لإمدادها بالقدرات النووية، وهناك تخوّف إسرائيلي من أن تتسبب الأزمة الاقتصادية التي تعانيها إسلام آباد في إجبارها على تعميم قدراتها النووية على عدد من الدول العربية والإسلامية، مقابل أن تضخ الأخيرة عشرات مليارات الدولارات في اقتصادها المنهك.

بجانب باكستان، هناك دول حول العالم قد تتفق مع عدد من الدول العربية والإسلامية لحيازة هذا السلاح النووي، من بينها الصين وكوريا الشمالية وربما فرنسا، فالمال العربي والإسلامي مطلوب جدا لهذه الدول، وهي لن تتأخر في منحها إمكانية حيازة هذه القدرات النووية.

كل ذلك يدفع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لأن تكون في حالة مراقبة دائمة لسلوكات الدول العربية والإسلامية الطامحة لحيازة هذا السلاح النووي، ومتابعة كل خطوة لها، ساعة بساعة، وبشكل تفصيلي، كي لا تفاجأ إسرائيل بأي تطورات غير سارة في هذا المجال، خاصة أننا نعيش في شرق أوسط غير متوقع، مما قد يشكل خطرا على إسرائيل.

لماذا تواصل إسرائيل إخفاء قدراتها النووية عن العالم؟

مقابل الانتقادات التي توجهها إسرائيل ضد أي محاولة عربية أو إسلامية لإنشاء مشاريع نووية، سلمية كانت أم عسكرية، فإنها تواصل العمل بسياسة “الغموض النووي”، وترفض أن تقوم المنظمات الدولية ذات العلاقة بالرقابة على مفاعلها النووي في ديمونا، الذي شهد العديد من أعمال التوسع والتطوير الأخيرة، رغم المطالبات الدائمة لها بالتوقيع على المواثيق الدولية الداعية لمنع انتشار الأسلحة النووية، مع أن استمرار حيازة إسرائيل لسلاح نووي -رغم إنكارها الرسمي- يعني أننا في مواجهة خطر كامن.

المصدرالجزيرة