المزيد
    الرئيسية بلوق الصفحة 33

    نظرة على الموجة الجديدة من هجمات الجيش اليمني على السفن الغربية الصهيونية

    نظرة على الموجة الجديدة من هجمات الجيش اليمني على السفن الغربية الصهيونية

    منذ أواخر عام 2024 تقريبًا، وبالتزامن مع إرساء وقف إطلاق نار مؤقت في قطاع غزة ووقف عدوان الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني الأعزل، توقفت أيضًا هجمات الجيش اليمني البحرية والصاروخية والطائرات المسيرة على السفن العسكرية والتجارية التابعة للكيان الصهيوني أو المرتبطة به.

    لطالما أكد القادة السياسيون لأنصار الله أنه مع استئناف أو توقف الهجمات على غزة، ستتغير استراتيجية الأمة اليمنية تجاه العدو الصهيوني وفقًا لذلك؛ مع دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض ومنحه الصهاينة الضوء الأخضر لخرق اتفاق وقف إطلاق النار ومهاجمة قطاع غزة، شهدنا لأول مرة هجمات صاروخية وطائرات مسيرة على الأراضي المحتلة.

    ثم، ابتداءً من الـ 15 من مارس/آذار 2025، تدخلت البحرية الأمريكية بشكل مباشر وقصفت الأراضي اليمنية لمدة 50 يومًا تقريبًا؛ وخلال هذه الفترة، اكتفت جماعة أنصار الله، بضبط النفس، وبخطة عسكرية خاصة بها، بشن هجمات صاروخية على الأراضي المحتلة وهجمات مباشرة على الأسطول والطائرات الأمريكية التي تنتهك الأجواء اليمنية، ولم تُسجل أي هجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

    خلال عمليتهم التي استمرت قرابة شهرين، والتي كلفت مليار دولار أمريكي بشكل مباشر، وأسفرت عن فقدان 10 طائرات استطلاع قتالية مسيرة من طراز MQ-9 وإسقاط 3 مقاتلات من طراز F-18 سوبر هورنت، أدرك الأمريكيون صعوبة محاربة الشعب اليمني العنيد والمقاوم، فاضطروا إلى قبول الهزيمة والتراجع.

    المثير للاهتمام أنه في اليوم الأخير الذي سبق وقف إطلاق النار، زعم ترامب أنه من الآن فصاعدًا، لن يهاجم الحوثيون (أنصار الله) في اليمن السفن (بينما لم يتخذ الجيش اليمني نفسه أي إجراء لمهاجمة السفن التجارية منذ أشهر)، ومع ذلك، وكما هو الحال مع وعود دونالد ترامب الفارغة وغير المجدية، نشهد الآن استئناف الجيش اليمني هجماته على الأسطول التجاري الغربي الصهيوني في البحر الأحمر.

    الهجمات على السفن التجارية تختلف عن الماضي

    في الأسبوع الماضي، استهدفت وحدة أنصار الله البحرية والصاروخية سفينتين تجاريتين غربيتين كانتا تخدمان التجارة البحرية للكيان الصهيوني، ودُمرتا: سفينة “ماجيك سيز” وسفينة “إترنيتي سي”.

    في الحالة الأولى، كانت سفينة “ماجيك سيز” التجارية في طريقها إلى ميناء إيلات جنوب الأراضي المحتلة بعد مرورها عبر باب المندب، في حين أنها سجلت معلومات كاذبة عن وجهتها في الأراضي المصرية؛ على بُعد 51 ميلًا بحريًا غرب ميناء الحديدة، حذرت الوحدة البحرية التابعة للجيش اليمني السفينة بالتوقف للتفتيش عند اقترابها. تجاهلت السفينة التحذيرات عدة مرات حتى أصاب زورقان انتحاريان يمنيان غرفة محركات السفينة بدقة، ما أدى إلى تعطيل نظام الدفع فيها، ثم انتشرت وحدة العمليات البحرية الخاصة التابعة لأنصار الله على سطح السفينة وسيطرت عليها بالكامل.

    قُصفت سفينة “ماجيك سيز” بالكامل وأُغرقت بعد وقت قصير من استخدامها لتلبية الاحتياجات التجارية للكيان الإسرائيلي. وهذه هي المرة الأولى التي تُدمر فيها سفينتان تجاريتان تابعتان للتجارة البحرية الإسرائيلية بالكامل وتُغرقان في غضون يومين فقط. لكن قصة سفينة “إترنيتي-سي” كانت مختلفة وأكثر إثارة للاهتمام.

    في الـ 9 من يوليو/تموز، كانت السفينة تُرسل حمولتها إلى ميناء إيلات جنوب الأراضي المحتلة عندما تعرضت لهجوم متزامن بصواريخ باليستية وصواريخ كروز مضادة للسفن. وحسب صور نشرتها حركة أنصار الله اليمنية، فقد أصاب الصاروخ الباليستي المضاد للسفن وصاروخ كروز هيكل السفينة.

    ويُعد إصابة الصاروخ الباليستي اليمني المضاد للسفن هدفًا متحركًا، بالقرب من جسر السفينة، إنجازًا جديدًا لوحدة الصواريخ في الجيش اليمني، ويثبت مجددًا قدرات البلاد العسكرية في مواجهة الأعداء الخارجيين وتعريض المصالح الصهيونية في المنطقة للخطر.

    بناءً على الصور التي نشرتها حركة أنصار الله، يبدو أن صاروخ عاصف الباليستي المضاد للسفن قد استُخدم في الهجوم الأخير. عُرض صاروخ عاصف مرارًا في عروض الجيش اليمني، واستُخدم في هجمات على سفن تجارية وعسكرية في البحر الأحمر.

    كما أرسلت الوحدة البحرية لحركة أنصار الله، في بادرة حسن نية وإنسانية، قوارب نجاة لإنقاذ ركاب السفينة المذكورة، وتم علاج جرحاهم بعد نقلهم إلى المستشفى، تُحذّر الحكومة اليمنية مجددًا من أن هدفهم ليس إيذاء المدنيين أو تهديد حياتهم، ولكن طالما استمر عدوان الكيان الصهيوني وجرائمه ضد شعب غزة المظلوم، فسيتم استهداف أي سفينة تُستخدم لأغراض تجارية للكيان الصهيوني وتنوي المرور عبر المياه اليمنية دون أي اعتبار.

    البحر الأحمــر… بحــر غزة

    لن يكون البحر الأحمر يومًا أرضًا صهيونية، فهو بحر إسلامي خالص، يحمل في مياهه ذاكرة الفاتحين ورايات التوحيد. وكل شبرٍ إسلاميّ، تهون دونه الأرواح فداءً لغزة وأهل غزة، تشهد بذلك صيحات اليمانيين، وضرباتهم الجوية والبحرية التي زلزلت قواعد العدو في البر والبحر، والتي كان أبرزها سلسلة العمليات البحرية التي استهدفت السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني منذ نوفمبر 2023م، ولا تزال على أشدها بل وتتعاظم مع مرور الوقت، ملحقةً خسائر مباشرة بالملاحة الصهيونية وبكل الشركات المتواطئة مع الكيان، ما دفع كبرى الشركات المرتبطة بالكيان لتغيير مساراتها بعيدًا عن البحر الأحمر.

    هذه العمليات لم تكن مجرد دعم لغزة، بل إعلان صريح بأن البحر الأحمر ليس مجالًا مباحًا للهيمنة الصهيونية. لقد سقطت الهيبة الأمريكية في هذه الجبهة، رغم نشر حاملات الطائرات وتشكيل تحالف بحري بقيادة واشنطن، إلا أن الضربات المتواصلة أجبرت التحالف على وقف عملياته والانكفاء على نفسه بغية تأمين السفن الخاصة به دون أن يؤمن تلك المرتبطة بالصهاينة.

    ولو كان للعدو أن يسيطر على البحر الأحمر لتسنى له ذلك عقب معركة الساحل الغربي بين عامي 2017 و2018، فقد ضحت الإمارات هناك بعشرات الآلاف من المرتزقة الرخاص، وغامرت بوجودها ومصالحها بغية تأمين الملاحة الصهيونية، وإثبات أن المندب وما حوله ملكٌ لأعداء الأمة، وهو ما لم يتحقق ولن يتحقق، فالتضحيات الطاهرة للجيش واللجان الشعبية تتجلى اليوم في أنصع صورة مناصرةً لغزة وللأمة الإسلامية، فيما هلك البغاة والمرتزقة على الساحل بالجملة دونما أثر وبلا نتيجة، وأقصى ما يحلمون به اليوم أن يأمنوا ضربات رجال الرجال بعد أن اتضحت لهم الرؤية، وأدركوا أنهم أدوات رخيصة بيد الصهاينة.

    الحال ينطبق على كل الأدوات الصهيونية في المنطقة، فالأنظمة الخليجية، التي حمت الكيان بكل طاقتها منذ تأسيسه، تعجز اليوم عن توفير الحماية لسفنه في البحر الأحمر رغم تعهداتها القديمة بذلك، فهي تعلم أنها اليوم أمام خصم من نوعٍ آخر، لا يخاف في الله لومة لائم، وعلى استعداد أن يجعل المصالح الأمريكية في الخليج بحيرات من النيرات إذا استلزم الأمر، وغامرت عسكرياً كما سبق وفعلت قبل عشر سنوات من اليوم.

    هكذا خسر العدو معركة الساحل مبكراً بخلاف حروبه السابقة، وبات الكيان، ولأول مرة في تاريخه، يقف عاجزاً أمام طرفٍ عربي لا يهاب الموت أو الحرب، وتمنى أن تطول المعركة مع الصهاينة حتى يتحقق وعد الآخرة على يديه، كما جاء في الوعد الإلهي، الذي يعلمه الصهاينة ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وقد بدت آياته تتجلى على يد رجال الله من أهل اليمن، ومعهم أحرار الأمة في محور الجهاد والمقاومة.

    كل هذا ليعلم العدو أن البحر الأحمر، كما القدس، ليس مجرد موقع جغرافي، بل ساحة صراع حضاري، وامتداد لمواجهة وجودية، ومهما حاك العدو من خطط، وسخّر من العملاء والخونة من يعينه، فإن مشروعه في البحر الأحمر إلى زوال، ومكائده إلى فشل، بإذن الله.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    الانتقالي يتهم الإصلاح بعقد تحالفات مع “الحوثيين” لإسقاط المهرة والسعودية تتدخل بنقل الزايدي

    الانتقالي يتهم الإصلاح بعقد تحالفات مع "الحوثيين" لإسقاط المهرة والسعودية تتدخل بنقل الزايدي

    صعّد المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات، هجومه السياسي والإعلامي على حزب الإصلاح (جناح الإخوان المسلمين في اليمن)، متهمًا إياه بعقد تحالفات سرية مع جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) بهدف إسقاط محافظة المهرة ذات الأهمية الجيوسياسية.

    وقالت وسائل إعلام تابعة للمجلس إن قيادات إصلاحية في مأرب فتحت خطًا صحراويًا لتمرير تعزيزات من صنعاء نحو المهرة لدعم الشيخ محمد الزايدي، في حين اتهمت فصائل تابعة للحزب في حضرموت بالتواطؤ عبر عدم اعتراض هذه التحركات، ما وصفه المجلس بـ“تواطؤ صريح ومشبوه“.

    وفي هذا السياق، وصف فضل الجعدي، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، ما يجري في المهرة بأنه “مخطط دُبِّر بليل”، في إشارة إلى تحالفات تهدف – حسب قوله – إلى “تمزيق الجنوب”، مؤكدًا رفض المجلس لأي اختراقات تستهدف سيادة ما أسماه بـ”الجنوب الحر”.

    ويأتي هذا التصعيد على خلفية التوتر المتزايد عقب اعتقال الشيخ الزايدي من قبل فصائل مقربة من حزب الإصلاح، ما أثار غضبًا واسعًا في أوساط كبرى قبائل المهرة وأعاد خلط الأوراق داخل المحافظة التي تُعد إحدى أهم البوابات البرية والبحرية في اليمن.

    وفي محاولة لاحتواء الأزمة، أفادت مصادر مطلعة أن السعودية قررت نقل الشيخ محمد الزايدي من المهرة، بعد أيام من اعتقاله خلال محاولته السفر للعلاج. كما أشارت المصادر إلى أن الرياض أعادت محافظ المهرة محمد علي ياسر بشكل عاجل من العاصمة السعودية بعد لقاءات مغلقة، ووجهت بتسريع عملية النقل.

    وبينما لم يتضح ما إذا كان القرار السعودي يقضي بالإفراج عن الزايدي أو نقله إلى محافظة أخرى، إلا أن تقارير متطابقة تحدثت عن احتمال نقله إلى عدن، في خطوة تُفسر بأنها محاولة من الرياض لإلقاء ملف الزايدي في ملعب المجلس الانتقالي الجنوبي.

    ويرى مراقبون أن نقل الزايدي إلى عدن، إذا تم، سيضع الانتقالي في مواجهة مباشرة مع صنعاء، خاصة في ظل حالة الترقب التي تسيطر على القبائل والوسطاء، كما أنه سيُخرج بقية الأطراف، بما فيها الإصلاح، من واجهة الصراع مؤقتًا.

    وكان عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، قد التقى محافظ المهرة خلال الأيام الماضية، بينما هدد أبو زرعة المحرمي، قائد قوات “العمالقة”، بإرسال لواءين عسكريين إلى المهرة، ما قد يشعل فتيل مواجهة عسكرية شاملة في المحافظة.

    خسائر بـ40 مليون دولار.. مجلة ملاحية: السفينة “إترنيتي سي” لم تكن مؤمنة ضد مخاطر الحرب

    خسائر بـ40 مليون دولار.. مجلة ملاحية: السفينة “إترنيتي سي” لم تكن مؤمنة ضد مخاطر الحرب

    كشفت مجلة “لويدز ليست إنتلجنس” المتخصصة في شؤون الملاحة والتأمين البحري، أن السفينة “إترنيتي سي” التي استهدفتها القوات المسلحة اليمنية لم تكن مشمولة بتغطية تأمينية ضد مخاطر الحرب.

    وقالت المجلة إن شركة “كوسموشيب مانجمنت” المالكة للسفينة تواجه خسائر تزيد عن 40 مليون دولار، نتيجة عدم التأمين على السفينة خلال رحلتها الأخيرة، التي انتهت بإغراقها بعد تحذيرات متكررة من البحرية اليمنية، بسبب اختراقها قرار الحظر المفروض على الملاحة إلى الموانئ الإسرائيلية.

    وأوضحت المجلة أن شركة التأمين الأميركية العملاقة “ترافلز” (Travelers) كانت قد أصدرت بوليصة التأمين السنوية الخاصة بالسفينة، لكنها لم تشمل تغطية مخاطر الحرب وقت دخولها منطقة البحر الأحمر.

    وبحسب القواعد الدولية المعمول بها في الملاحة والتأمين البحري، فإن دخول أي سفينة إلى منطقة مصنّفة “منطقة حرب” يتطلب إشعارًا مسبقًا لشركة التأمين. وتمنح هذه القواعد شركة التأمين حق فرض قسط إضافي أو رفض التغطية تمامًا، وهو ما تم بالفعل في حالة السفينة “إترنيتي سي”، مما جعلها مكشوفة أمام المخاطر.

    ويُعد هذا الإخفاق من الشركة المالكة إهمالًا مكلفًا، خاصة وأن السفينة كانت تتحرك في ممر بحري يشهد توترًا كبيرًا وتحذيرات متكررة من قوى إقليمية، في مقدمتها القوات اليمنية التي أكدت مرارًا أنها لن تتهاون مع أي سفينة مرتبطة بالموانئ الإسرائيلية.

    وكانت القوات المسلحة اليمنية قد أغرقت سفينتين، بينها “إترنيتي سي”، خلال الأيام الماضية، بعد اتهامهما بخرق قرار الحظر البحري إلى “إسرائيل”. وسبق عملية الإغراق تحذيرات مباشرة من البحرية اليمنية طالبت فيها السفينتين بتغيير وجهتهما المحظورة، وهو ما لم تلتزم به السفينتان.

    الحديدة لن تكونَ ساحةَ لعب

    دروسُ التحالفات السابقة يجب أن تُستوعَبَ جيِّدًا.

    إلى كُـلّ من يتحدث، أَو يخطط، أَو ينوون القيام بأي فعل عسكري تجاه محافظة الحديدة، وإلى من يروجون لسيناريوهات “التحرير” الزائفة.

    رسالتنا واضحة وصارمة: أي مساعٍ للسيطرة على الحديدة يدرك الشعب اليمني أنها ليست في مصلحة اليمن ولا تخدم سوى أجنداتكم الخَاصَّة؛ إنها محاولة مكشوفة لقطع شريان حيوي للشعب اليمني بأكمله، وتقويض صموده ومواقفه المبدئية، وعلى رأسها إسناد غزة.

    عليكم أن تدركوا جيِّدًا أن الحديدة ليست مُجَـرّد هدف عسكري يمكن تحقيقه بسهولة؛ إنها تمثل نقطة محورية في استقرار اليمن الاقتصادي والإنساني؛ أي محاولة للسيطرة عليها بالقوة هي بمثابة إعلان حرب شاملة على الشعب اليمني، وستؤدي إلى كارثة إنسانية لا تحمد عقباها، وستحملون أنتم مسؤوليتها كاملة أمام العالم.

    الأهم من ذلك، أن الحديدة أصبحت، بحكم موقعها وأهميتها، جزءًا لا يتجزأ من قدرة اليمن على إسناد غزة؛ استهدافها هو استهداف مباشر لكل مواطن يمني، ولموقف اليمن الثابت وغير القابل للمساومة تجاه القضية الفلسطينية.

    من يظن أن ضرب الحديدة سيُجبر اليمن على التخلي عن هذا الموقف، فهو واهم ومخطئ في تقديراته.

    دعونا نذكّركم بوضوح: التاريخ القريب جِـدًّا يحمل دروسًا قاسية حول عواقب مغامراتكم في اليمن؛ التحالفات السابقة التي راهنت على القوة العسكرية المفرطة فشلت فشلًا ذريعًا؛ لقد استنزفتم مواردكم، وخسرتم الكثير من عتادكم وقواتكم، وتحملتم أعباء سياسية واقتصادية هائلة، دون تحقيق أيٍّ من أهدافكم المعلَنة. لقد خرجتم من تلك التجربة بأيدٍ خاوية، بينما خرج اليمنُ أقوى وأكثر صلابة.

    هل نسيتم تكلفة تلك المغامرات؟

    هل تعتقدون أن تكرارَ نفس الأخطاء بنفس العقلية سيؤدِّي إلى نتائجَ مختلفة هذه المرة؟

    إن مَن لا يتعلَّمُ من التاريخ محكومٌ عليه بتكراره، ولكن هذه المرة سيكونُ الثمنُ أفدحَ بكثير.

    عليكم أن تستوعبوا هذه الحقيقة جيِّدًا.. اليمنُ اليومَ ليس كاليمن بالأمس.. لقد تطوَّرت قدراته الدفاعية والهجومية بشكل كبير وغير مسبوق، والاعتقاد بأن سماء اليمن لا تزال “ساحة لعب” سهلة لطائراتكم، أَو أن بحره سيكون “طريقًا ممهدًا” لسفنكم التي تدعم الكيان المجرم، هو وَهْمٌ قاتل.

    سماء اليمن أصبحت مصيدةً لمن يحاولُ العبثَ بها، وستُسقَط طائراتكم؛ وبحرُه تحوّل إلى مقبرة بحرية وقد شاهد العالَمُ السفينتين اللتين أغرقتها القواتُ المسلحة اليمنية الأسبوعَ الماضي، وكذلك ما حدث للبوارج والقطع العسكرية الأمريكية قبلها، بحرُنا سيصبح متحفًا لحطام سفنكم إن تجرأت على الاقتراب.

    إن أي طرف، ومهما كانت قوته العسكرية أَو دعمه الخارجي، يظن أنه يستطيع العبث بأمن اليمن أَو محاولة فرض إرادته عليه، فليتأكّـد أن الثمن سيكون باهظًا جِـدًّا وغير متوقع؛ وأن التورُّطَ المباشِرَ مع “الكيان” الصهيوني أَو وكلائه في المنطقة، تحت أية ذريعة، لن يكونَ مُجَـرّدَ مغامَرةٍ عسكرية محدودة، بل سيكون بداية لمواجهة إقليمية أوسع لا تُحمد عقباها، وستُقلب الموازين في المنطقة بأسرها.

    إن اليمنَ يوجِّهُ لكم تحذيرًا لا لَبْسَ فيه: لا تختبروا صبرَنا، ولا تكرّروا أخطاءَ الماضي الكارثية؛ فالمواجهة المفتوحةُ ستكونُ عواقبُها وخيمةً على الجميع، ولن تُحقَّقَ أهدافُكم أبدًا؛ التداعيات لن تقتصر على اليمن، بل ستمتدُّ لتشمل المنطقة برمتها، وربما تتجاوزها لتؤثر على المصالح الدولية وليفهم المجتمعُ الدولي ذلك.

    موقف اليمن في إسناد غزة هو موقفٌ مبدئي لا تراجُعَ عنه، ومَن يسعَ لكسر هذا الموقف أَو من يقفْ وراءه، سيُكسَرْ على صخرة الصمود اليمني، وسيدفعْ ثمنًا باهظًا لتعدِّيه

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    مبارك حزام العسالي

    اليمن والعالم العربي.. الخطُّ الفاصل

    بينما تئِنُّ غزةُ تحت وطأة الحصار والقصف والتجويع، يطالعنا الواقعُ العربي بمشهد بائس: صمت مريب، خنوع قاتل، ومواقف تبريرية تشبه التواطؤ أكثرَ مما تشبِهُ الحياد.

    “العالم العربي بلا روح”.. هكذا وصف قائدُ الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي المشهد، في خطابه الأسبوعي الأخير الذي حمّل فيه الدولَ العربية والإسلامية مسؤوليةَ التخاذل المهين، في مقابل عظمة الصمود الفلسطيني وروح الجهاد الممتدة من غزة إلى القدس، ومن جنوبي لبنان إلى عمق البحر الأحمر.

    في أسبوع واحد، سقط أكثر من 3700 شهيد وجريح في غزة، وسط ظروف هي أقربُ لمصائد الموت منها إلى الحياة.

    الطحين، أغلى من الذهب، المياهُ ملوثة، والمستشفيات مدمّـرة، والمعابر مغلقة.

    ليست هذه ادِّعاءات إعلامية، بل هي شهادةُ منظمات دولية كـ “العفو الدولية” و”الأونروا” ومقرّري الأمم المتحدة، التي وصفت ما يجري بأنه من “أقسى جرائم التاريخ”، تجويعٌ منهجي وفخاخ موت متعمدة تستهدف المدنيين وتجرد الفلسطيني من إنسانيته.

    وفي الضفة الغربية، لا يقل المشهدُ سوداوية: قتلٌ، تهجيرٌ، مصادرةُ أراضٍ، وبؤر استيطانية جديدة تُمهِّدُ لخريطة تهويد أوسع، القدس تُنتهك، ومآذنُها تُكتم، وسكانُها يُرحّلون قسرًا، هذا العدوّ الصهيوني لا يتركُ وسيلةً إلا ويستغلُّها لطمس الهُوية وتفريغ الأرض من أصحابها.

    بعد 21 شهرًا من العدوان، لم يتمكّن العدوُّ من كسر إرادَة المقاومين، بل زادهم إصرارًا، وها هم جنود العدوّ يعانون من الانهيار النفسي والاختلال العقلي، بينما يقاتلون بجُبنٍ واضح، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ﴾.

    لكن المفارقة المؤلمة هي تخاذُلُ الأنظمة العربية والإسلامية، التي تترك العدوّ يتحَرّك بحرية، رغم هشاشته النفسية والمعنوية، فبينما تُدمّـر غزة، تقفُ هذه الأنظمة موقفَ المتفرج، الخِذلان العربي، وصفه السيد القائد بأنه “قبيح وجريمة كبرى”، ليس فقط في بُعده السياسي، بل في بعده القيمي والديني والإنساني.

    أن تُترَكَ غزة تواجِهُ مصيرَها، فيما العدوُّ يتداعى نفسيًّا ومعنويًّا، هو أمرٌ يحمل في طياته خيانة لموقعك كمسلم، كإنسان، وكصاحب مروءة.

    الله توعد المتخاذلين، وهذا الوعيد ليس مؤجلًا فقط للآخرة، بل حاضرٌ في الدنيا، في صورة الذل والهوان وفقدان الكرامة.

    أما اليمن، فقد انتقل من دورِ الداعم إلى دور القائد في معركة الأُمَّــة، فخلال الأسبوع الماضي، نفّذت القوات المسلحة اليمنية 45 عملية بين صواريخ ومسيرات وزوارق، مستهدفةً عمقَ الكيان الصهيوني، عمليات أغرقت سفينتين مرتبطتين بالكيان بالصوت والصورة، وَأوقفت الرحلات الجوية وأرغمت الملايين على اللجوء إلى الملاجئ.

    كل محاولات التشويه والحملات الإعلامية – كثيرٌ منها عربي – لا تؤثِّرُ في موقفِ اليمن. فالصبرُ والثباتُ هما السلاح، والإيمان بعدالة القضية يخفف ثقل الأحداث. فاللهُ هو الرعاية، وهو من وعد بالنصر، و”بشّر الصابرين”، واليمن، بروحها الجهادية وإيمانها الراسخ، تثبت أن الحقَّ أقوى، وَأن “الإيمان يماني”، وأنها تقودُ اليومَ معركةَ الأُمَّــة بمصداقيةٍ وحنكة وحكمة لا مثيل لها.

    باختصار هذا هو الخطُّ الفاصلُ بين الأمم الحية والميتة، بين الشعوب الأصيلة والمستعبَدة. معركة اليوم ليست فقطْ صراعَ وجود، بل معركةُ وعي وهُوية وقيم.

    ومن اختار طريقَ المقاومة، فاللهُ ناصرُه.. “ألَا إن نصرَ الله قريب”.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    سند الصيادي

    سيادة البحر.. نار يمنية خالصة

    رسالة من أبطال اليمن إلى أبطال فلسطين: من جبال اليمن إلى غزة العزة.. رسالة رصاص ووعد لا يُكسر

    إنّ ما بثه الإعلام الحربي اليمني من مشاهدٍ حيّة، تبدأ بالإنذار وتنتهي بإغراق السفن، ليس مُجَـرّد عمل عسكري منضبط، بل هو فنٌ حربيٌ ناطق، واستراتيجية إيلام مركّبة، ومشهدٌ نادرٌ في تاريخ المواجهة الحديثة. فأن تُستهدف سفينة، ثم تُتابَع لحظةً بلحظة، من التحذير إلى التنفيذ، ثم تُغرق بالكامل أمام أعين العالم، لهو حدثٌ يتجاوز دقته التقنية، ليصنع ملامح مرحلة عسكرية جديدة عنوانها: صنعاء تفرض البحر.. لا تفاوض عليه.

    لقد بات واضحًا أن اليمن انتقل في إسناده لغزة من مرحلة الرد والردع إلى مرحلة المبادرة والتأديب، ومن الصمت الاستراتيجي إلى الرسائل الصارخة. ليس بالصوت فقط، بل بهدير الصواريخ، وزئير البحر، وصدق الوعد.

    الرسالة الأولى كانت واضحة كالشمس: أنّ موقف اليمن من غزة ليس موقفًا ظرفيًّا، ولا نزعة حماسٍ لحظية، بل هو التزام إيماني، وخيار تاريخي لا رجعة عنه. كُـلّ سفينة تخترق قرار الحظر هي في مرمى الإغراق. وكل ميناء يمدّ الكيان بالمؤن والسلاح هو هدف مشروع. هذا ليس تحدّيًا لأحد، بل تطبيقٌ عملي لواجبٍ شرعي وأخلاقي وقومي.

    الرسالة الثانية كانت أعنف مما تخيله العدوّ وأعمق مما توقعه الحلفاء: أنّ البحر الأحمر قد تحوّل فعليًّا إلى مجال سيادة يمني. لم تعد تتحَرّك فيه السفن إلا بعينٍ على صنعاء. لقد سقطت الهيمنة الدولية من فوق مياهه، وذابت الأساطيل الأمريكية والبريطانية في الهامش؛ ليس لأَنَّها لا تملك القوة، بل؛ لأَنَّها لا تجرؤ على استخدامها أمام بأسٍ يمنيٍّ صارم، يعلم متى يضرب، وأين يضرب، وكيف يجعل من الضربة درسًا باقٍ للأبد.

    الرسالة الثالثة كانت ذكية ومدروسة: أنّ اليمن استطاع تحييد أمريكا والغرب عن البحر الأحمر، ليس بالدبلوماسية، بل بقوة الميدان. فالمصالح الاقتصادية، وخطوط التجارة، وشحنات النفط، أقوى من صراخ تل أبيب، وأغلى من دموعها الزائفة. صنعاء فهمت المعادلة، وعملت على أَسَاسها: اضرب، حَيثُ الألم، لتمنعهم من التهور.

    أما الرسالة الرابعة، فهي الجوهر العسكري الذي لا يُضاهى: أنّ اليمن لم يعد يُهدّد فقط، ولم يعد يكتفي بالإصابات المحدودة، بل أصبح يملك القدرة المؤكّـدة على الإغراق الكامل، وبالتوثيق الميداني الدقيق. من الطائرات المسيّرة التي تُلاحق الهدف، إلى عدسات الإعلام الحربي التي ترصد اللحظة، وُصُـولًا إلى الانفجار، ثم الغرق، ثم الرسالة المغلّفة في صورة وصوت: “نحن هنا، ولن يُبحر عدوٌ دون إذننا”.

    وما يثير الذهول حقًا، أن هذا الأداء العسكري محاطٌ بإيمان راسخ، ويقين ثابت، بأن ما يقوم به اليمن هو عبادة في ميدان المعركة، وسجودٌ بالبارود، وتكبيرٌ بالصواريخ. إنهم لا يحاربون؛ مِن أجلِ الجغرافيا، بل؛ مِن أجلِ قضية؛ مِن أجلِ مظلومٍ في غزة؛ مِن أجلِ وعد الله بالنصر؛ مِن أجلِ تطهير الأرض من رجس المحتلّين والمستكبرين.

    إنها مرحلة الإيلام المنظّم، والتأديب التكتيكي، والتحكم بالمجال البحري بكل أنواعه: اللوجستي، والاقتصادي، والعسكري، والنفسي.

    لقد أدار اليمن معركته بوعي لم يُسبق له في تاريخ العرب الحديث، وجعل البحر منصةً لتسديد الحساب، ومنصةً لرفع راية فلسطين، ومنصةً لإعادة صياغة المعادلات الدولية التي كانت تكتب من واشنطن وتُنفذ من تل أبيب. اليوم تُكتب المعادلات من صنعاء، وتُنَفّذ على بُعد آلاف الكيلومترات من السواحل اليمنية.

    العدوّ في مأزق، والحلفاء في حيرة، والعالم في صدمة، أما اليمن…

    فهو مطمئن إلى الله، يمضي بخطى واثقة، لا يستعجل النصر؛ لأَنَّه يعرف أنه آتٍ لا محالة.

    ولله عاقبة الأمور.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    بشير ربيع الصانع

    لماذا العملة المعدنية أهم وأقوى؟

    العملة المعدنية أهم وأقوى لأسبابٍ كثيرة أولها أن قيمتها السوقية في نفسها، فهي تحمل قيمة حقيقية في ذاتها، بخلاف الورق الذي يعتمد فقط على “الثقة” في الدولة التي أصدرته وهذا ما يجعلها أقل عرضة للعقوبات الأجنبية والتي في الغالب تستهدف ثقة الناس في عملتهم كجزء من عقوبات اقتصادية تتم بدوافع سياسية، كما حدث ويحدث في أغلب الدول المناهضة للهيمنة الغربية.

    إضافة إلى أنها صعبة التزوير، حيث لا يقل تزويرها كلفةً عن صناعتها، وعندها قد تحمل قيمة يمكن الاتجار بها حتى خارج النظام النقدي، في حين أن العملة الورقية تفقد كل معناها إن انهارت الثقة بمن يصدرها، كما حدث في أزمات التضخم المفرط (مثل ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى أو فنزويلا مؤخرًا).

    وبالنسبة للعقوبات الخارجية، تتميّز العملة المعدنية بقدرتها على الإفلات من قبضة الأنظمة المالية العالمية، إذ لا تعتمد في وجودها أو قيمتها على النظام البنكي الدولي أو شبكات الدفع الإلكترونية، بل توجد ماديًا ويمكن تداولها مباشرة في السوق المحلية أو حتى استخدامها في المقايضة وحتى التهريب عند الضرورة.

    كما أن طبيعتها غير الرقمية تجعل تتبّعها إلكترونيًا أمرًا بالغ الصعوبة، مما يحصّنها عمليًا من إجراءات التجميد أو العقوبات التقنية. وبفضل حجمها الصغير نسبيًا وقيمتها المتماسكة، يمكن اكتنازها أو نقلها بسرّية، وهو ما يجعلها أداة مفضّلة في أوقات الحصار الاقتصادي أو الاضطرابات المالية، حين تفقد العملة الورقية أو الرقمية جدواها تحت سطوة العقوبات الخارجية.

    ونتذكر أن العملة الورقية تتيح للحكومات طباعة المال بكميات مهولة، كما حدث في المناطق اليمنية المحتلة، لسد العجز أو تمويل الحروب والسياسات التوسعية، مما يؤدي إلى تضخم مفتعل. أما العملات المعدنية، فلا يمكن طباعتها بلا حدود لأنها تعتمد على معادن حقيقية، ما يقيّد طموحات الطغيان المالي، ويُصعّب حتى على الدول الكبرى تمويل مشروعاتها الإمبريالية دون تكلفة حقيقية.

    ولهذه الأسباب يخشى الغرب من تداول العملات النقدية ويشجع على تكريس الأوراق بدلاً عنها، فالعملات المعدنية تمنح الدول سيادة نقدية حقيقية، لأنها تستمد قيمتها من ذاتها لا من وعود سياسية أو توازنات مؤقتة. فعندما تُسك العملة من المعادن فإنها تصبح أصلًا بحد ذاتها، يمكن تداوله أو تخزينه أو مقايضته خارج حدود النظام المالي المفروض.

    على النقيض من ذلك، العملة الورقية لا تحمل أي قيمة جوهرية، وتعتمد بالكامل على الثقة بالجهة المصدّرة، وهي ثقة يمكن أن تنهار فجأة بفعل اضطراب سياسي أو اقتصادي. وحين تنهار تلك الثقة، تنهار معها العملة، ويتحوّل النقد إلى أوراق لا تساوي ثمن حبرها. هذا الضعف البنيوي في الورق يجعل الدول النامية أو المعادية للغرب في حالة ارتهان دائم للنظام المالي الغربي، الذي يتحكم بتدفق الأموال والثقة والقدرة على الطباعة.

    ولهذا السبب، يحارب الغرب بشدة أي اتجاه نحو العودة إلى العملات المعدنية أو الاعتماد على الذهب والفضة كغطاء نقدي، لأن ذلك يعني فك الارتباط بمنظومة الهيمنة الغربية، وتحررًا نقديًا يهدد سلطة المال المعولم.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    جائزة نوبل للسلام في خطر… فهل يتدخل الرأي العام العالمي لإنقاذها؟

    لطالما كانت جائزة نوبل للسلام منارةً إنسانية تُضيء عتمات الحروب، وتمنح الأمل لمن يناضلون من أجل السلام والعدالة ،وها هي اليوم امام اختبار صعب قد يفقدها البوصلة، ويحولها إلى أداة سياسية لتبييض صفحات سوداء لبعض الزعماء، بدلًا من أن تكون وسامًا يُمنح لمن يستحق منهم.

    وباتت الجائزة العريقة في خطر حقيقي، بعد أن تسلل إلى لجنتها الداعمة شيء من الانحياز والتسييس، فباتت تُمنح بناءً على توازنات دولية، لا على تضحيات الضحايا أو إنجازات المخلصين.

    ومن المفارقات التي فجّرت الجدل في الفتره الأخيرة، هو إعلان نتنياهو قاتل الأطفال والنساء وهادم المستشفيات وقانص الصحفيين ترشيح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام ،هذا الرجل الذي يدعم القتل والتجويع والإرهاب في غزة واليمن وإيران، وهو من يشعل الشرق الأوسط باتفاقات سياسية أُطلق عليها تجاوزًا “اتفاقيات سلام”، بينما هي في جوهرها صفقات تجارية، كرّست الاحتلال وأهملت القضايا العربية.

    فالسيد ترامب لم يكن رجل سلام، بل رجل مصالح، ومع ذلك خرج علينا بعض الإعلام الغربي ومراكز التأثير السياسية لترويج اسمه كـصانع سلام، في محاولة مكشوفة لإضفاء شرعية أخلاقية على قراراته المثيرة للجدل، فهو من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وهو من ضم الجولان وهو من يدعم قتل الاطفال وحرب الإبادة وقد وصف نتنياهو   بأعظم رجل في العالم بعد أن رشحه لجائزة نوبل وهو يعلم جرائمه اليومية، وما يقوم به من جرائم ومخالفات للقانون الدولي ويظهر أمام الكاميرات  كمرشح لرجل الحرب بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، فرغم تاريخه الدموي في غزة ولبنان، وضلوعه في حصار شعب بأكمله، لا يزال بعض اللوبيات الدولية الرخيصة يسوّقون صورته كـصانع للاستقرار ،بينما صور الأطفال تحت الركام تملأ الشاشات، والمجازر تُرتكب بدم بارد تحت ذرائع أمنية.

    فنتنياهو لا يؤمن بالسلام بقدر ما يتقن استثماره، ولا يخجل من محاولات طمس الحقائق عبر تحالفات إعلامية غربية، تُشيطن خصومه، حتى بات من غير المستبعد أن نشهد – لا قدّر الله – ترشيحه يومًا ما لجائزة نوبل، تحت عنوان “السلام عبر الحسم العسكري”.

    مما يجعلنا نتساءل هل نحن أمام نهاية رمزية نوبل؟

    حين تُمنح جائزة نوبل للسلام أو حتى يُلوّح بها لأشخاص ساهموا في نشر الفوضى، وزرع الفتنة، وتقويض الاستقرار العالمي، فإننا لسنا أمام أزمة جائزة فقط، بل أمام سقوط أخلاقي مدوٍّ للمعايير الدولية التي تحكم هذا العالم.

    لقد بات واضحًا أن الرأي العام العالمي هو الأمل الأخير لإنقاذ ما تبقى من الجائزة ،فعلى الشعوب أن ترفع صوتها، لا لتعارض الترشيحات المشبوهة فحسب، بل لتعيد تعريف “السلام” الحقيقي، الذي يبدأ من حماية المدنيين، والدفاع عن المظلومين، ورفض الاحتلال، ووقف المجازر، لا من توقيع اتفاقيات شكلية أمام الكاميرات.

    إن السكوت على هذا الانحراف هو مساهمة في شرعنته ،لذلك يجب أن نتحرك جميعًا كإعلاميين، ومفكرين ونقابات وهيئات إلى لجنة نوبل وشعوب العالم وندعوهم من موقع المسؤولية الأخلاقية، ومن ضمير إنساني لم يُطفئه الدخان المتصاعد من الحروب، ونقول لهم لا تفرّطوا بما تبقى من رمزية الجائزة ، لا تجعلوا من نوبل وسيلة لشرعنة القتل، أو تلميع من لوّثوا أيديهم بدم الأبرياء. راجعوا معاييركم، وطهّروا قراركم من التسييس، وانحازو لمن يُضحّون بأرواحهم دفاعًا عن المستضعفين، لا لمن يُبرِمون الصفقات على حساب المآسي.

    وإلى شعوب العالم، وإلى كل من لا تزال في قلبه بقية من ضمير:

    لا تصمتوا على انحدار القيم، ولا تسمحوا بأن تتحوّل نوبل إلى شهادة زور تُمنح للمتنفذين ،طالبوا بالشفافية، بالعدالة، بصوت المقهورين، لا بروتوكولات الزيف. لتكن وقفتكم اليوم صرخة إنسانية تُعيد الاحترام لجائزةٍ كادت تفقد معناها.

    فجائزة نوبل للسلام لا تُمنح لمن يملك السلاح، بل لمن يدفنه ، ولا تُمنح لمن يبني جدرانًا، بل لمن يهدمها ليبني جسور المحبة والكرامة.

    وإن سكتنا اليوم، فقد نستيقظ غدًا لنجد نوبل في جيب طغاةٍ جدد يبتسمون وهم يطعنوننا من الخلف.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    د. بسام روبين

    تفاصيل صادمة عن هجوم إسرائيلي استهدف الرئيس الإيراني داخل اجتماع أمني بطهران

    كشفت وكالة “فارس” الإيرانية، اليوم الأحد، عن معلومات خطيرة تتعلق بهجوم إسرائيلي استهدف اجتماعًا رفيع المستوى لمجلس الأمن القومي الإيراني، حضره الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان، في 15 يونيو/حزيران الماضي، وذلك في تصعيد غير مسبوق للحرب السرية بين تل أبيب وطهران.

    ووفقًا للتفاصيل المنشورة، استهدف الهجوم اجتماعًا استثنائيًا حضره رؤساء السلطات الثلاث في إيران، وعدد من كبار قادة الدولة، وقد عُقد في أحد الطوابق السفلية المحصّنة داخل مبنى أمني غربي العاصمة طهران.

    وقالت الوكالة إن الطائرات الإسرائيلية استخدمت 6 قنابل موجهة بدقة، استهدفت منافذ الدخول والخروج للمبنى بهدف خنق الحاضرين ومنعهم من الفرار أو الحصول على تهوية، وهي نفس الطريقة التي استخدمت سابقًا – بحسب زعم فارس – في محاولة اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

    على الرغم من شدة الهجوم، تمكن المسؤولون الإيرانيون، ومن بينهم الرئيس بزشكيان، من الخروج عبر فتحة طوارئ خاصة أُعدّت مسبقًا تحسبًا لهجمات مماثلة. وقد تعرض عدد من المسؤولين لإصابات طفيفة في القدمين خلال عملية الإجلاء.

    وكالة فارس أشارت إلى أن السلطات الأمنية الإيرانية أطلقت تحقيقًا واسعًا حول احتمالية وجود خرق أمني أو تجسس داخلي، مؤكدة أن “دقة المعلومات التي استند إليها الهجوم” تشير إلى امتلاك العدو معلومات حساسة عن مكان الاجتماع وتوقيته، ما يفتح الباب أمام احتمال اختراق أمني خطير.

    ويأتي هذا التطور في سياق العدوان الإسرائيلي الأخير على إيران، والذي بدأ في 13 يونيو/حزيران واستمر 12 يومًا، بدعم مباشر من الولايات المتحدة، حيث استُهدفت مواقع نووية وعسكرية، بالإضافة إلى منشآت مدنية وقادة بارزين.

    وفي المقابل، شنت إيران هجمات بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة استهدفت قواعد عسكرية ومقرات استخباراتية إسرائيلية، فيما أعلنت الولايات المتحدة في 24 يونيو وقفًا لإطلاق النار بين الطرفين.