المشهد اليمني الأول/

 

كان العرب يجتمعون في ما مضى لمناقشة القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي بعتبار إسرائيل هي العدو الأول للعرب والمسلمين، صحيح انهم كانوا يخلصون إلى بيانات هزلية لا ترقى ولو 1% لما يجب أن تكون عليه بياناتهم وقراراتهم، وكانت إجتماعاتهم شكلية، إلا أنها كانت تؤكد إلى حد ما أن هناك قضية عربية مشتركة وهي القضية الفلسطينية بإعتبارها قضية العرب والمسلمين، لكن لأننا أمة مستهدفة، لم يكتفي اليهود بوضع هش ومستضعف وهزيل للأمة والجامعة العربية، بل إستطاعوا إختراق قضية العرب والمسلمين والنفوذ إلى أبعد مدى وهو إستبدال العدو إلى عدو إفتراضي، بل التحالف مع العدو التاريخي بالأخلاق والوطنية والإنسانية اليهود الصهاينة.

 

درسنا في كتاب التاريخ والوطنية، أن هناك عوامل مشتركة بين الدول العربية منها، الدين، اللغة، الأرض، التاريخ المشترك، دعونا نستعرض ما الذي فعلته الصهيونية الماسونية في هذا العوامل التي كانت تجمع الامه العربية.

 

الدين.. فرقونا مذاهب وطوائف و بثوا فينا الفتن و الدسائس بإسم الدين ما بين سنة وشيعة و تكفيريين و و و حتى جعلونا نكره بعضا البعض و نكره الدين بإعتباره سبب تفرقنا.

 

اللغة.. همشوا اللغة العربية وجعلوا اللغة الإنجليزية هي اللغة السائدة ولها الأفضلية بين كل اللغات، فتخلينا عن لغتنا وبدأنا بدراسة اللغات الأخرى، بل ونخجل من لغتنا العربية.

 

الأرض.. جعلوا لنا حدود وأسلاك شائكة في ما بيننا كعرب بينما اراضينا مفتوحه لكل الأجانب من جميع الدول.

 

التاريخ المشترك.. جعلوا من الحاضر حلبة صراعات ونزاعات وحروب بين الدول العربية وجعلوا مننا أعداء متناحرين وبذلك أعدم التاريخ المشترك وبقي الحاضر المؤلم والمستقبل المظلم.

 

وبذلك لم يعد هناك عوامل يمكنها أن توحد العرب تجاه أي قضية حق، يجتمعون بأسم الباطل وبموافقة أهل الباطل وليس بأسم الدين أو اللغة أو الأرض أو حتى التاريخ المشترك.

 

الآن إجتمع العرب في وارسو وبشكل علني مهين مع إسرائيل لمناقشة أوضاع العدو الافتراضي ( إيران )، عدو إفتراضي خلقه العدو الصهيوني في أذهان الدول العربية بشعوبها لحرف البوصلة، ليبدو على أنه الصديق المخلص والوفي الذي سيساعدهم على القضاء على عدوهم الإفتراضي.

 

عقود من سياسات كي الوعي ومراكز بحوث إستراتيجية تعمل ليل نهار وبقدرة الماكينة الإعلامية الصهيونية استطاعت إسرائيل ان تصور إيران هي العدو الذي يجب أن تواجهه الدول العربية والإسلامية، وصورت إسرائيل كدولة يجب على الجميع حمايتها من الخطر الإيراني، أو أن إسرائيل ستساعد العرب للدفاع عن انفسهم من الخطر الايراني القادم.

 

مع الأسف إنطلت هذه اللعبة على البعض من شعوب المنطقة ولانقول السواد الأعظم الرافض لهذا الإنحلال في الهوية بدليل هزالة تلك المؤتمرات بالرغم من إنفاق المليارات وعلى مدى عقود ليظهر بمظهر باهت في النهاية، ومع ذلك أصبح البعض ينطلق من مبدأ إسرائيل خير لنا من إيران، وهنا نسأل أنفسنا كيف استطاعت إسرائيل تبديل قناعات ومبادئ وقيم المجتمعات العربية حتى وصل الوعي العربي إلى هذا السخف والوهن للمنطق وللمسلمات التي عشنا وتربينا عليها كمجتمعات إسلامية عربية.

 

أين كنا وإسرائيل تنخر وتبث سمومها وسياساتها الصهيونية داخل الفكر والوعي العربي، كيف ولماذا ولما وما الذي جعل الموازين تتغير 180 درجة، ربما أننا لم نأخذ الأمور بجدية وتحليل عميق وتساهلنا وتغاضينا عن أمور كثيرة جدا لم يكن يجب التغاضي عنها، في إعتقادي أن الأوان لم يفت بعد وأن الوضع مازال مناسب لإسترداد الوعي والفكر والقيم والمبادئ والهوية العربية الاسلامية، و إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح والحقيقي، علينا مضاعفة الجهود لإعادة نشر الوعي بين شعوبنا لمعرفة العدو الحقيقي للأمة العربية والإسلامية، وكيفية التعامل معه، وبكل طاقاتنا، إنها معركة وعي بالغة الأهمية ستسقط معها كل أحلام بني صهيون ومن لف حولهم.

 

إسرائيل الصهيونية هي العدو الأزلي وسبب بلاء الأمة، ومنذ أن بعث سيدنا محمد برسالته العالمية الإنسانية وستضل هي العدو إلى أبد الدهر، وسنقاوم ونواجه هذا العدو الخبيث، وسننتصر، وأول خطوات الإنتصار هو تشخيص عدو الأمة ومعرفة من هو عدونا لنعرف كيف نواجهه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
أمة الصبور المروني