مقالات مشابهة

أزمة إقتصاد إماراتية وإتخاذ تدابير بعيدا عن الأسباب الرئيسية

المشهد اليمني الأول/

يتصاعد واقع الانكماش على اقتصاد دولة الإمارات في وقت يلجأ النظام إلى اتخاذ تدابير تجميلية للأزمة بعيدا عن الأسباب الرئيسية المتمثلة في فرضه ضرائب قياسية وإنفاقه المليارات على التسلح والتدخل العسكري الخارجي.

وأعلنت حكومة الإمارات عن اتخاذ المزيد من التدابير الهادفة إلى كبح ركود الأسواق عبر تشجيع الاستهلاك والحيلولة دون ارتفاع الأسعار، في الوقت الذي تظهر المؤشرات الرسمية سيطرة الانكماش على مختلف الأنشطة الاقتصادية في الدولة.

وتم اعتماد قانوناً اتحادياً بشأن حماية المستهلك، قالت الحكومة إنه يهدف إلى تشجيع الاستهلاك المستدام وتهيئة سوق حر مفتوح بأسعار عادلة، والعمل على تنظيم عمل المزودين والمعلنين والوكلاء التجاريين، والحد من زيادة الأسعار في الظروف غير الطبيعية، وضمان تنفيذ الضمانات للسلع والخدمات التي يوفرها المنتج أو الوكيل.

وتزامن إعلان القانون مع بحث اللجنة العليا لحماية المستهلك مُقترحاً بشأن مبادرة “سلة المستهلك” للسلع الغذائية الأساسية، التي تهدف إلى تحديد عدد من المواد والسلع الأساسية التي يتعامل معها المستهلك يومياً، والسعي إلى وضع حد لزيادة تكاليف بيعها على أرفف منافذ البيع والجمعيات التعاونية.

وتضمّ مجموعات سلة الأغذية المقترحة، الخبز والحبوب ومنتجاتها، واللحوم، والأسماك والمأكولات البحرية، واللبن والجبن والبيض، والزيوت والدهون، والفواكه، والخضروات، والسكر والمربى والحلويات، والشاي والبن والكاكاو، والمياه المعدنية والغازية والعصائر.

وتعاني الإمارات من تراجع القدرات الشرائية للسكان، في ظل تباطؤ الاقتصاد في العامين الأخيرين وارتفاع أسعار العديد من السلع، بعد أن فرضت ضرائب على الاستهلاك لتحصيل موارد مالية بعد تراجع عائدات النفط المتأثرة بهبوط الأسعار بنحو حاد في السوق الدولية منذ 2014.

وكانت وكالة بلومبيرغ الأميركية، ذكرت في تقرير لها منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، أنه من المتوقع أن ترتفع القروض المتعثرة في ظل الركود، وأن تلجأ البنوك إلى عمليات الاندماج للحفاظ على قدرتها التنافسية.

وفي وقت سابق من يونيو/ حزيران الماضي، أصدرت إمارة دبي قانوناً جديداً للإفلاس، من أجل التعامل مع حالات التعثر المالي للشركات، في وقتٍ تشير فيه البيانات الرسمية إلى تراجع معدل النمو، في ظل انكماش الأسواق وهبوط العديد من القطاعات، وعلى رأسها العقارات والتجارة والخدمات.

وفي وقت سابق من يونيو/ حزيران الماضي، أصدرت إمارة دبي قانوناً جديداً للإفلاس، من أجل التعامل مع حالات التعثر المالي للشركات، في وقتٍ تشير فيه البيانات الرسمية إلى تراجع معدل النمو، في ظل انكماش الأسواق وهبوط العديد من القطاعات، وعلى رأسها العقارات والتجارة والخدمات.

وتضاف هذه المخاطر بشأن توسع مقاطعة منتجات الإمارات لقائمة طويلة من التحديات غير المسبوقة التي يعانيها اقتصاد الدولة.

إذ تشهد الإمارات تفاقما غير مسبوق للأزمة الاقتصادية بمؤشرات تظهر تعمق حدة التدهور الحاصل وسط عجز حكومي عن إيجاد حلول.

والشهر الماضي سجل معدل تضخم اقتصاد الدول في السالب للشهر التاسع بواقع 108.53 نقاط مقارنة بـ110.93 العام الماضي، مع تراجع معدل نمو اقتصاد الإمارات ليهبط إلى 0.8% بفعل الركود.

كما يتم رصد تباطؤ عقاري وانحدار سياحي كبير بالتزامن مع انخفاض سعر النفط، فيما إمارة أبوظبي أجُبرت مؤخرا على العودة للاقتراض من السوق الدولية بسندات مقومة بالدولار.

وتظهر إحصائيات رسمية أن 8% فقط من عائلات الإمارات قادرة على ادخار المال وتراجع نصيب المواطن من الناتج المحلي بنسبة 3.5% بسبب ارتفاع الضرائب الحكومية التي تم بدء فرضها منذ مطلع العام الماضي.

وتقدر معدلات البطالة في الإمارات لفئة الشباب بأكثر من 24% في ظل إقرار رسمي بفشل التوطين ووعود متكررة للحل.

وتطال الأزمة الاقتصادية البنوك العاملة في الإمارات في ظل ارتفاع نسبة القروض المعدومة لأعلى مستوى في 5 أعوام ما دفع البنك المركزي الإماراتي لاقتراح وضع سقف ائتماني يحدد حجم القروض لمواجهة حالة العزوف الحاد عن العقارات وتعثر قطاع الاستثمار.

ويحدث هذا الركود والتراجع لاقتصاد الإمارات على أكثر من صعيد وخاصة في مجال العقارات التي تشكل إلى جانب النفط والتجارة والسياحة أهم أعمدة الاقتصاد الإماراتي.

على سبيل المثال تراجعت أسعار المنازل في عاصمة الإمارات والشرق الأوسط العقارية دبي بنسب تراوحت بين 20 إلى 30 بالمئة منذ عام 2014 حسب مؤسسة التجارة والاستثمار الألمانية/ GTAI.

ومع التوقعات باستمرار التراجع خلال العام الجاري 2019 بنسبة حوالي 10 بالمائة يقترب مستوى التدهور إلى مثيله في عام 2010، عندما ضربت الأزمة المالية العالمية الإمارة التي تعد ثاني أهم الإمارات بعد أبو ظبي كونها عاصمة الأعمال والخدمات على مستوى الإمارات والخليج.

وإذا كان الوضع المالي أفضل في إمارة أبو ظبي بفضل صادراتها النفطية على غير الإمارات الأخرى التي ليس لدى غالبيتها نفط، فإن الوضع الاقتصادي ليس ورديا هناك بسبب استمرار انخفاض أسعار الذهب الأسود، التي تعتمد عليه هذه الإمارة الغنية.

أما الإمارات الأخرى التي تعد فقيرة مقارنة مع أبو ظبي ودبي فتعاني بدورها من الركود بسبب اعتمادها على دعم الإمارتين الغنيتين.

ويزيد الطين بلة الثمن الباهظ لتكاليف تورط الإمارات في حروب ونزاعات الشرق الأوسط وفي مقدمتها حروب وأزمات اليمن وليبيا والسودان.

وهذا الأمر الذي يجد انعكاسه في معدلات النمو التي بلغت أقل من 2 بالمائة خلال العام الماضي وأقل من 1 بالمائة خلال العام الذي سبقه بعدما كانت معدلات النمو في الإمارات مثالا يحتذى وتتراوح بين 3 و5 بالمائة سنويا حتى عام 2016.

ومما يعنيه ذلك أن معدلات النمو خلال العامين الماضيين كانت أقل من معدلات التضخم التي زادت على 2 بالمائة سنويا.

وفي محاولة منها لمواجهة منحة الركود والتدهور من خلال جذب مزيد من الاستثمارات والأعمال تطلق حكومة الإمارات من فترة لأخرى مشاريع تشييد كبيرة في إطار “رؤية الإمارات 2021” ومعرض “إكسبو 2020”.

وتقدر قيمة هذه المشاريع خلال العامين الماضيين بنحو 2.5 مليار دولار من بينها توسيع مترو دبي ومطارها وبناء محطة للطاقة الشمسية.

ومؤخرا ألغت وزارة الاقتصاد الإماراتية الرسوم التي كانت تفرضها على 115 خدمة حكومية رسمية من بينها الرسوم على التراخيص الصناعية والعلامات التجارية وبراءات الاختراع والسجلات العقارية.

قبل ذلك أطلقت الإمارات نظاما يقضي بمنح الإقامة الدائمة للمستثمرين والكفاءات الأجنبية بمختلف المجالات. وقد ترك قسم من هذه الكفاءات إمارة دبي بعيد الضربة التي تلقتها بسبب الأزمة المالية العالمية.

ويتردد الكثير من القسم المتبقي بالبقاء بسبب تراجع وتيرة أعمالهم ودخولهم هناك بسبب الركود وارتفاع الأسعار وفرض ضرائب مثل ضريبة القيمة المضافة.

وتقف الإمارات أمام تحديات كبيرة وخطيرة لن يستطيع تجاوزها على ضوء المعطيات الحالية خاصة مع استمرار تدهور سمعتها خارجيا وتنامي حملات المقاطعة الشعبية لمنتجاتها.

الجدير ذكره أن مداخيل الدولة من النفط تقلصت بين عامي 2014 و2018. ومن التحديات الأخرى تغطية تكاليف التسلح والتدخل في حروب وأزمات منطقة الشرق الأوسط والتي تستنزف أموالا ضخمة لا بد من تغطيتها من احتياطات البلاد من العملات الصعبة أو عن طريق الاقتراض.

ووصلت قيمة الدين العام في عام 2018 إلى أكثر من 246 مليار دولار، أي ما يعادل نحو 58 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي البالغ نحو 425 مليار دولار في نفس السنة حسب مؤسسة التجارة والاستثمار الألمانية.

ومن المرجح استمرار المنحى الصاعد لهذا الدين على وقع بقاء أسعار النفط على مستواها الحالي. ومن المعروف أن عائدات النفط هي المحرك الأساسي لمشاريع الدولة في كل دول الخليج. كما أنها محرك رئيسي لعقود وأعمال القطاع الخاص يتعلق القسم الأكبر منها بمشاريع الدولة.