مقالات مشابهة

معهد دول الخليج في واشنطن: برامج رمضان السعودية تبييض إعلامي ودعم لمبادرات ابن سلمان

انتقد معهد دول الخليج في واشنطن غياب البرامج الخيرية والإغاثية الإنسانية – غير الموجهة – خلال شهر رمضان عبر الشاشات السعودية واستعرض في دراسة بحثية البرامج الخيرية السعودية، مؤكدا أن برامج موجهة لدعم خطط ومبادرات ولي العهد محمد بن سلمان.

وقالت الدراسة التي أعدتها “إيمان الحسين” ونشرها المعهد في موقعه إن ذلك تجلى في البرنامج التلفزيوني الشهير “سين” ومن خلال الإعلانات للمنصات الخيرية الحكومية خلال البرامج التلفزيونية الرمضانية كما تم الترويج بشكل خاص لـ”المنصة الوطنية للعمل الخيري” (إحسان) على وسائل التواصل الاجتماعي باعتبارها الأحدث بين عدد من المبادرات الخيرية التي تقودها الدولة.

وأضافت الدراسة البحثية أن رمضان أضحى فرصة مهمة لتشكيل السرديات حول القضايا الاجتماعية والأحداث التاريخية في السعودية ففي عامي 2018 و 2019، أثار مسلسل “العاصوف”، وهو مسلسل عن حصار مكة عام 1979 وما تلاه من صعود الصحوة الإسلامية، الكثير من الجدل داخل المملكة وخارجها, فقد كان ذلك الحصار موضوعاً محظوراً في السعودية لعقود، ومع ذلك، فإن تصوير ذلك الحصار وما تلاه، باعتباره الجاني الرئيسي الذي تسبب في كون المملكة محافظة، كان جزءا من سردية حكومية ناشئة.

أما في رمضان الحالي، فقد تجاوزت المسلسلات والبرامج التلفزيونية تشكيل التصورات والترويج للسردية الرسمية فهي تشجع المواطنين بنشاط على المساهمة في التنمية الاقتصادية للبلاد، وتجلى ذلك في برنامج “سين” وهو الحرف الأول في كلمة “سؤال”.

ويحظى مقدم البرنامج “أحمد الشقيري” بشعبية كبيرة في العالم العربي من خلال برنامج “خواطر” الذي تم بثه خلال شهر رمضان من 2005 إلى 2015 والذي ركز في الغالب على عرض مبادرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية الدولية من خلال رحلات “الشقيري” حول العالم.

وأثار أسلوب “الشقيري”، الذي أدخل تناولًا حديثًا للإسلام واستكشف الثقافات الأخرى، الكثير من الاهتمام والثناء في جميع أنحاء العالم العربي.

ويشبه برنامج “سين” في أسلوبه برنامج “خواطر”، لكن البرنامج الجديد يركز فقط على السعودية إذ يسافر “الشقيري” في جميع أنحاء المملكة لاستكشاف مشاريع التنمية المختلفة وتسليط الضوء على إمكانية اتخاذ المزيد من المبادرات.

ومن خلال الزيارات، يسلط “الشقيري” الضوء على المبادرات الحكومية التي لا يزال الكثير منها غير معروف إلى حد كبير إذ عرض برنامجه رسوماً بيانية وسلط الضوء على مقارنات عالمية، وأعلن “الشقيري” في الحلقة الأولى أن الوصول إلى المراكز العشرة الأولى في التصنيف العالمي يجب أن يكون هدف المملكة تماشياً مع “رؤية 2030”.

وتجلى التركيز على تهيئة الأفراد للتغيير في الأغنية الرئيسية للبرنامج، والتي تطلب من المشاهدين مباشرة لعب دور في هذا التحول, كما ركز البرنامج على التغيير الإيجابي على المستوى الشخصي، بما في ذلك الحلقات المخصصة لقضايا الصحة ونمط الحياة.

وركزت حلقة أخرى على ممارسة الرياضة من خلال النظر في جهود الحكومة للترويج للرياضة، بما في ذلك هوكي الجليد والكريكيت.

تحوّل العقد الاجتماعي

تركيز رمضان هذا العام على المشاركة المجتمعية في التنمية الاقتصادية في دول الخليج هو علامة أخرى على تحول العقد الاجتماعي، والذي يتطلب الآن من المواطنين والشركات رد الجميل بعد الاستفادة من نظام الدولة الريعية, وبالمثل، فقد تم تشجيع مجتمع الأعمال في الخليج في عام 2020 على مساعدة الحكومات في تخفيف الأثر الاقتصادي لوباء فيروس “كورونا”, وقد أصبح إعادة تحديد مسؤوليات الشركات والمواطنين تجاه الحكومة موضوعًا مشتركًا في دول الخليج التي تعمل على اقتصاد ما بعد النفط.

وعلى هذه الخلفية، وكمحاولة للاستفادة من التبرعات الرمضانية، تم تقديم مبادرات حكومية جديدة للتخفيف من الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها الأسر الفقيرة, ففي مارس/آذار، أطلقت السعودية “المنصة الوطنية للعمل الخيري” (إحسان)، وقد تم الترويج لها بشكل كبير منذ بداية شهر رمضان, وعلى موقع “إحسان” الإلكتروني، يتم ربط العطاء بـ”رؤية 2030″، وتوصف التبرعات بأنها دليل على “المواطن المسؤول” داخل المجتمع.

وفي نفس وقت إطلاق منصة “إحسان” تقريباً، وافق مجلس الشورى السعودي على إجراءات جديدة لمكافحة التسول والتي لا تستهدف الحد من التسول التقليدي فحسب، بل تستهدف أيضاً أولئك الذين يطلبون المساعدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي تزايد في السنوات الأخيرة, ونتيجة لذلك، يمكن اعتبار “إحسان” محاولة لتركيز التبرعات في منصة واحدة مع الحد من مؤشرات الفقر المرئية مثل التسول في الشوارع أو وسائل التواصل الاجتماعي.

وتُظهر المبادرات الرمضانية لهذا العام، والتي تركز على الانتماء للمجتمع والمساهمة في التنمية، كيف أصبحت الحكومة السعودية تعتمد بشكل متزايد على المواطنين للعب دور في عملية التحول, ومع ذلك، يبدو واضحاً أن الدولة تريد أيضاً ضمان أن تظل هذه الجهود مركزية وأن تدار من خلال مبادرات حكومية مثل منصات التبرعات التي تقودها الدولة.

وأصبحت توعية المواطنين السعوديين بدورهم في المجتمع وجعلهم جزءاً من مشروع التحول الوطني موضوعاً رئيسياً، مثلما تجلى بشكل خاص في “سين”, ومع ذلك، فإن استمرار مشاركة المواطنين بعد شهر رمضان سيظل تحديًا رئيسيًا لخطط التحول المقبلة.