مقالات مشابهة

مونديال قطر 2022 واستمرار كراهية الصهاينة

منذ بداية القرن الحادي والعشرين، توجه النظام الصهيوني نحو سياسة العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، وهو ما يسمى تطبيع العلاقات في مجال العلاقات الدولية. وتم تنفيذ هذه السياسة أولاً بعلاقات سرية مع بعض الدول العربية ثم من عام 2020 بإقامة علاقات رسمية مع 4 دول هي الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب.

نظرة على تاريخ تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني

تعتبر حرب 1973 بين مصر وسوريا مع النظام الصهيوني نقطة تحول في الحروب العربية الإسرائيلية. وفي هذه الحرب كانت هناك محاولة لتوحيد الدول العربية لمواجهة النظام الصهيوني، ومن جهة أخرى كان هذا النظام على وشك هزيمة تاريخية في ساحة المعركة لم تؤت ثمارها بسبب خيانة العناصر المؤثرة وجواسيس الكيان الصهيوني.

لكن بعد ذلك حدث تحول خطير في المنطقة، ومع اغتيال عبد الناصر، تحولت العلاقات بين مصر والنظام الصهيوني فجأة إلى علاقات ودية في عهد أنور السادات إلى الحد الذي ألقى فيه “أنور السادات” خطابًا في كنيست النظام الصهيوني بعد 4 سنوات من تلك الحرب، وبعد ذلك بعامين، في عام 1979، وقع اتفاقية السلام أو أول اتفاقية لتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني.

وفي عام 1993، عندما كان المجتمع الدولي منخرطًا في استمرار مؤتمر مدريد عام 1991، وقعت منظمة التحرير الفلسطينية – التي أجرت مفاوضات سرية مع الكيان الصهيوني لمدة عامين- اتفاقية أوسلو مع الكيان الصهيوني. وهذه هي الاتفاقية الثانية التي تعبر عن السلام العربي مع الكيان الصهيوني.

وبعد مرور عام على اتفاقية أوسلو، أعلن الأردن – الذي كان أحد الوسطاء الرئيسيين لاتفاقية أوسلو ومؤتمر مدريد- رسميًا علاقاته مع الكيان الصهيوني في اتفاقية “وادي عربة”. كما أقامت الجمهورية الموريتانية بعد ذلك علاقات رسمية مع الكيان الصهيوني عام 1996 إبان رئاسة “معاوية ولد الطائي” الذي وصل إلى السلطة بانقلاب عسكري. واستمرت هذه العلاقات حتى عام 2008، عندما أطيح بـ”والد الطائي” بانقلاب عسكري، وأعلن الثوار رسميًا إنهاء العلاقات بين الجانبين في عام 2009.

وعرفت فترة تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني من قبل وسائل الإعلام والسلطات الصهيونية بالتطبيع البارد، لأن الملوك المذكورين فقط هم من بدؤوا التواصل مع الكيان الصهيوني ودولهم لم تستمر في هذا التواصل بأي شكل من الأشكال. وفي مصر، كان شعب هذا البلد دائمًا في طليعة دعم فلسطين، وكداعمين للأمة الفلسطينية، كانوا دائمًا حاضرين في القتال ضد النظام الصهيوني. وفي فترة الصحوة الإسلامية، دمر الشعب المصري أنبوب الغاز المصري إلى الكيان الصهيوني، ولم يدخل المصريون ميدان التطبيع.

وفي الأردن، الوضع أسوأ فثلثا سكان الأردن هم مهاجرون ولاجئون فلسطينيون. ولطالما كان المواطنون الأردنيون في وضع يسمح لهم بالقتال ضد النظام الصهيوني بسبب حبهم لفلسطين والأماكن الإسلامية المقدسة وبسبب الانتماءات العشائرية القائمة بينهم وبين الفلسطينيين. وفي فلسطين، وعلى الرغم من اتفاق أوسلو، قام الشعب الفلسطيني بانتفاضتين حجريتين ومسلحتين.

وبعد ذلك، ومع اندلاع انتفاضة للعمليات الفردية والعمليات المسلحة، فإنها لم تعكس أبدًا تطبيع منظمة التحرير الفلسطينية. كما أنهت موريتانيا رسميًا التطبيع مع الثورة التي قام بها شعبها ولا تربطها الآن علاقات مع الكيان الصهيوني.

الصهاينة يسعون إلى سلام دافئ

منذ أن وضع النظام الصهيوني تطبيعًا جديدًا مع الدول العربية على جدول أعماله، سعى إلى إقامة علاقات مع كل من حكومات وشعوب الدول العربية. وفي هذا الصدد، حاولوا توسيع العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأكاديمية مع الدول العربية تحت مسمى السلام الدافئ والغرض منه إقامة علاقات بين الدول العربية والمهاجرين الصهاينة المقيمين في فلسطين. ومنذ عام 2020 وحتى الآن، كانت وسائل الإعلام العبرية، إحدى وسائل الدفع الإعلامية، هي وجه التطبيع هذا وقد زعمت دائمًا أن “السلام الدافئ” تتم إقامته.

مونديال 2022 في قطر وهزيمة السلام الدافئ للصهاينة

رغم كل المزاعم التي أطلقها الصهاينة في وسائل إعلامهم حول إقامة علاقات ثقافية واجتماعية بين الدول العربية والمهاجرين الصهاينة، أظهر مونديال 2022 في قطر أن كل تصريحات وسائل الإعلام العبرية أكاذيب في طريقة لخداع الرأي العام. وتنقل العديد من وسائل الإعلام العبرية هذه الأيام أحداثًا ومغامرات من مونديال قطر، حيث القضية الأساسية هي عزلة الصهاينة المتواجدين في مونديال قطر.

وعلى سبيل المثال، ذكر أحد مراسلي وسائل الإعلام العبرية أنه عندما علم سائق التاكسي بجنسيته الإسرائيلية، أخذه إلى مكان مجهول خارج المدينة وأنزله هناك، أو أن سائقًا آخر، عند علمه أن الشخص إسرائيلي، لم يعرض عليه تقديم الخدمة له. وقد أصبحت بعض الأحداث المذكورة من بين أكثر الأحداث قراءة في الفضاء السيبراني والشبكات الاجتماعية، مثل قصة مراسل ذكر جنسيته برتغاليًا حتى لا يواجه أي مشاكل، وفي الأراضي المحتلة، تم انتقاد هذا المستوى من الخوف بشدة.

ما يتضح من هذا المستوى من رد الفعل السلبي ضد الصهاينة هو أن مستوى كراهية الأمتين العربية والإسلامية تجاه الصهاينة لا يمكن تقليصه بأي شكل من الأشكال. وهذا موضوع ناقشته بعض المؤسسات البحثية العربية من قبل وأظهرت مدى كراهيتها للصهاينة. ومن أهم الدراسات التي أجريت كانت الدراسة التي أجراها مركز الدوحة للدراسات. وحسب هذه الدراسة التي أجريت في 12 دولة عربية، فإن متوسط ​​كراهية الصهاينة في مجتمعات هذه الدول العربية الـ 12 يبلغ 75٪. وفي دولة مثل الكويت تبلغ نسبة معارضة الصهاينة وكراهيتهم أكثر من 90٪.

وكل هذا ينطوي على نقطتين مهمتين وخطيرتين للغاية. أولاً، لا يرتبط مستوى كراهية الصهاينة في العالم الإسلامي والعالم العربي بعوامل مثل غياب العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، بل إن هذه الكراهية تنبع من الجرائم وفي مقدمتها اغتصاب الأرض التي فعلوها وأخذهم أقدس الأماكن في العالم الإسلامي خلال احتلالهم الجبان لفلسطين.

والنقطة الثانية هي إثبات أكاذيب الصهاينة لكسب الوقت والفرصة لأنفسهم حتى يتمكنوا من الحصول على الوقت المناسب لتنفيذ خططهم التوسعية والاحتلالية بشكل كامل. وإذا لم يكن الأمر كذلك، فهم يدركون تمامًا طبيعة هذه الكراهية، ولا يريدون إقامة صداقة بين دول المنطقة والمهاجرين الصهاينة في أرض فلسطين.

لأنه في الفكر الصهيوني العنصري، لا مكان لأحد وليس لأحد الحق في العيش إلا من يصفونه بأنه يهودي. لذلك، كل هذه ألعاب وتدابير لشراء الفرصة وتنفيذ تلك الخطة الخبيثة.