مقالات مشابهة

بين “عاصفة الحزم” و”الله غالب على أمره”.. يمنٌ منتصر

يطوي اليمنيون ثمانية أعوام من الصمود في وجه العدوان السعودي – الأمريكي، وحصاره الظالم وجرائمه المتوحشة. ثمانية أعوام تمّم فيها اليمنيون أبهى الانتصارات، وحققوا أوضح الإنجازات، وارتدت مخططات العدوان الى نحره، وكلما امتد الزمن، وطال الوقت، التم شمل اليمنيين أكثر، وتفرقت كلمة المعتدين، لتقدم صنعاء نموذجًا في الوحدة واجتماع الكلمة، والانقياد خلف قيادة حكيمة.

فيما يرزح تحالف العدوان تحت التمزق والشقاق ويعاني من التشتت والفرقة، ويترقب آخر مراحل الانهيار، ويتقاذف التهم، ويحمل كل طرف منهم الآخر مسؤولية الهزيمة وأسباب الفشل. فشل كان آخر تجلياته الإطاحة بعبد ربه منصور هادي وجنوح المعتدين نحو الهدنة.

الأرقام التي وردت قبل أيام في مؤتمر القوات المسلحة، كانت واحدة من مسببات هذه التراجع، وتفاصيلها واحدة من دوافع البحث عن مخرج، وتَتَابُع عمليات الردع بمختلف مراحلها، جلبت العدوان الى حلبة الرضوخ.

بالأمس خرج وزير الطاقة السعودية عبد العزيز بن سلمان، ليتحدث عن ضربة أرامكو، والليلة السوداء، التي شعر فيها بانتكاسة لم يشعر بها طول حياته، في تعبير عن حالة المملكة منذ ذلك التاريخ، سبتمبر 2019، حيث ضربت مجموعة من 25 صاروخا بالستيا وطائرة مسيرة معامل التكرير في بقيق وخريص، مشعلة أكثر من ثلاثة عشر حريقا ضخمًا فضلًا عن الحرائق الصغرى التي انتشرت في المواقع المستهدفة، حسب تصريحات كبير الإداريين التنفيذيين في شركة أرامكو، نقلها مع تصريحات بن سلمان الاعلام السعودي، لتتعمد “ام بي سي” عرضه يوم الذكرى الثامنة للعدوان.

المفارقة اللافتة هنا، هي انعدام أي حديث عما سمي “عاصفة الحزم” حيث غابت عنها لغة التهديد والوعيد، وذابت أوهام الاجتياح والاجتثاث، وانتهت خيالات نقل العاصفة في بلدان المنطقة، وهي الحالة التي تتناسب مع مآلات الفشل المرير، والخيبة الكبيرة، بالمقابل خرج الشعب اليمني بالمناسبة محتفلًا بهذا اليوم باسم اليوم الوطني للصمود وتحت شعار (والله غالب على أمره)، وهتفت الجماهير تأييدًا ودعما للمواقف التي أطلقها السيد القائد عبد الملك الحوثي في خطابه عشية المناسبة، مؤكدًا فيها على رفض توصيف المسألة بأنها مجرد مشكلة داخلية، ومحاولات السعودية تقمص دور الوسيط، وفي ذات الوقت أكد ضرورة خروج القوات المحتلة من كل الأراضي اليمنية.

وهي المسائل التي تضمنها خطابه بمناسبة استشهاد الرئيس الصماد، وزاد عليها الإشارة الى “ترسانةٍ صاروخيةٍ فتاكةٍ، بعيدة المدى، دقيقة الإصابة، قوية التدمير، تطال كل منشآت الأعداء، التي يعتمدون عليها في تمويل عدوانهم، وقادرةً – بإذن الله- على تمزيق أنسجة الضرع الحلوب، الذي يُدِر لأمريكا، وبريطانيا، وقطع يد الحالب، قادمون بالمسيرات المتنوعة، المتطورة، التي تعبر أجواء المعتدين متجاوزةً لكل دفاعاتهم، لتصل الى أهدافها بدقةٍ وقدرةٍ أكبر على التدمير… تطال كل هدفٍ في البحر الأحمر وخليج عدن، والبحر العربي، وكافة الجُزر”.

وهنا أهمية المفارقة، فقوى العدوان في مأتم للتذكير بالانتكاسة والأيام السوداء، والشعب المعتدى عليه، يفاخر بإنجازاته، وصموده، ويحذر من مغبة المماطلة، وعواقب التراخي والتسويف، تحت تهديد تكرار مثل تلك الضربات، ويد طولى تصل الى أي نقطة برًا أو بحرًا حتى عمق أراضي العدو.

ومع أن العدوان لا يزال يماطل في الاستحقاقات ويتريث في الإذعان للشعب، لكن عليه أن يدرك أن خيارات الضغط قائمة، وأنه لم يعد في الوقت متسع، وأن الرهان على دعم الشيطان الأمريكي أصبح هشيمًا تذروه الرياح، والركون الى سياساته الجديدة دون الاعتراف بأن أمر صنعاء في صنعاء، سيجعله أمام سراب بقيعة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
علي الدرواني