مقالات مشابهة

إنهم لا يخشون من صواريخ اليمن وطائراته المُسيرة فقط.. بل ومن الأمل لدى شعوب الأمة

عندما أعلن اليمن دخوله في المواجهة المباشرة مع كيان العدو الإسرائيلي بتنفيذ عمليات عسكرية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة أظهر ناشطون وإعلاميون معروفون ذهولهم من اليمن وأيدوا وباركوا.. كان من هؤلاء المعلق الرياضي المعروف حفيظ دراجي وأذكره هنا كنموذج وهناك الكثير ممن أظهروا نفس الموقف.

نشر دراجي على حسابه في منصة إكس (يملك 3.2 مليون متابع) بيان المتحدث الرسمي للقوات المسلحة وأرفقه بعبارة “رجال كما عهدناكم” وصل منشوره إلى أكثر من 10 مليون مشاهدة، و6 ألف تعليق، لكن القصة لم تكتمل هنا.

سرعان ما استنفر الذباب الإلكتروني والشخصيات المعروفة بتبعيتها لمحور التطبيع أو ما أطلق عليه ناطق جيش العدو الإسرائيلي (الدول المعتدلة) في عملية إرهاب منظمة، للتشكيك في العملية والتشكيك في صدق النوايا والتقليل من الجهد.

لكن دراجي لم يستسلم كما فعل آخرون من المرتبطين بمصالح مع محور التطبيع وأبقى منشوره، وعلى عكس ذلك كان رئيس فرع حزب الإصلاح في مأرب الذي كتب منشورا ثم حذفه، وبرر حذفه أن الصواريخ لم تصل وأن علينا أن نظهر هذه الصواريخ هههه
ما تعرض له المباركون للعمليات اليمنية من إرهاب إلكتروني منظم، يعد نموذجا مصغرا لحالة قمع الأمل بروح التضامن الإسلامي وأن تاريخ الأمة يتخلق من جديد، وتشارك في هذا القمع مراكز دراسات ووسائل إعلام مرتبطة بشكل مباشر بالعدو بل ومراكز القرار لدى العدو الأمريكي الإسرائيلي.

لا نتحدث هنا بغرض التشكي من عدم الحصول على الاعتراف أو العرفان فموقفنا مبدئي وقضية فلسطين لدينا عقيدة والتحرك لنصرتها واجب نبتغي به رضا الله ونصرته، ولكن نتحدث عن الواقع الذي يريدنا العدو أن نعيش فيه وعن أسباب تلك المخاوف.

– على مدى 9 أعوام كانت حملة الشيطنة لأنصار الله في ذروتها يقودها التحالف السعودي الإماراتي المدعوم غريبا وامبراطوريات إعلامية في الشرق والغرب، حملة الشيطنة تلك كانت تتزامن مع حرب شاملة أطلقت تحت عنوان إعادة اليمن إلى الحضن العربي.
في لحظة، ظهر اليمن هو الذي ينتصر للعروبة والحضن العربي وظهر أعداءه وهم يتمنون من اسرائيل سرعة القضاء على حماس..أليس في ذلك فضيحة؟

– عمليات اليمن أعادت روح التضامن للأمة وأحيت الأمل بأن المظلومين في فلسطين ليسوا وحدهم وعبرت عن الطموح المكبوت لدى الأحرار في كل الشعوب الإسلامية الذين تضع الأنظمة حواجزا بينهم وبين فلسطين، فظهر اليمن نموذجا، وهو ما لا يريد الأمريكي ولا الإسرائيلي أن يكون، إن النموذج الذي يريدونه هو نموذج الإمارات والبحرين والسعودية.

– وضع قيادات الأنظمة في حرج أمام شعوبها، كيف تشارك دولة لا تزال تئن من العدوان الذي يقع عليها وتبعد نحو 2000 كم عن فلسطين المحتلة، بينما دول مجاورة تعجز عن فتح معبر لإدخال قنينة تخدير يحتاجها الأطباء في غزة لإجراء العمليات الجراحية.

– أظهر أن لدى الأمة عوامل قوة ستستطيع إخضاع العدو الإسرائيلي والأمريكي خلفه إذا استخدمتها، وامتلكت الجرأة على استخدامها، مثلما فعل اليمن بإغلاقه البحر الأحمر أمام سفن العدو الإسرائيل

إن الأمريكي والإسرائيلي يريدان أن يشعر العربي والمسلم بالذل والخضوع وأنه وحيد لا يجد من يناصره في مقابل الاحتشاد الغربي، يريدانه أن يضل يناشد ويستجدي في محيط مفرغ فلا يعود إليه سوى صداه، وأن يستهلك نفسه أمام الشاشات بالبكاء والحزن ولذلك منذ الأيام الأولى لعملية طوفان الأقصى حرص الأمريكي على توجيه رسائل تهديد وإرهاب لكل أطراف المحور بعدم التدخل، ثم لما تدخل اليمن وجه رسالة لكيان العدو الإسرائيلي بالتجاهل قدر الاستطاعة للأسباب التي تم ذكرها سابقا ولأسباب أخرى تتعلق بأزمة الكيان الداخلية، والمخاوف من نشوب حرب إقليمية.

سارعت وسائل إعلام العدو ومراكز دراساته إلى خلق توظيف سيء للعمليات اليمنية ومع ذلك لم تستطع أن تخفي مخاوفها من مخاطر العمليات اليمنية وسنذكر نماذجا من ذلك في وقت لاحق

اتخذ العدو عدة مسارات للتعامل مع عمليات المقاومة -العمليات اليمنية نموذجا

التقليل في الجدوى

فرض العدو الإسرائيلي رقابة شديدة على العمليات اليمنية بالتزامن مع حديث حول أنها غير مؤثرة بينما في الحقيقة هناك تأثير انعكس أولا في تخصيصه جزء كبير من جهده العسكري إلى إيلات ، وكذلك في حالة القلق والذعر لدى المستوطنين الذين تم نقلهم من غلاف غزة والذين نقلت عنهم وسائل إعلام عبرية تصريحات أنهم هربوا من أجل الحصول على الأمان فإذا بهم أمام الانفجارات وصافرات الإنذار ، بمعنى أن العمليات هذه أكملت ظلع المستطيل حيث لم يعد هناك منطقة آمنة في اسرائيل، وأخيرا اتسعت المعاركة لتضاعف أزمة العدو الاقتصادية حيث تم إعلان منع سفنه من العبور في البحر الأحمر، وقد انعكس ذلك ابتداء في ارتفاع أسعار التأمين للشحن البحري من وإلى إسرائيل، كما دفع بالشركات التي تستورد من اسرائيل إلى البحث عن منتجين آخرين في جغرافيا آمنة.

وليس خفيا ما يتم نشره من قبل إعلام العدو عن معركة فضائية للتصدي للصواريخ الباليستية..
لعبت أمريكا دورا أيضا في الترويج إلى أن هذه العمليات ليس لها جدوى والهدف من ذلك تييئس الجماهير المتلهفة لأي عمل يوجع اسرائيل.

التشكيك في المقاصد

منذ الأيام الأولى للعمليات اليمنية اتجه الإعلام الغربي المرتبط بدوائر الاستخبارات والمؤسسات الرسمية الأمريكية إلى التشكيك في مقاصد العمليات اليمنية، وتفسيرها على أن الهدف منها محلي وليس نصرة فلسطين، حيث توهم هؤلاء أن صنعاء كانت تواجه ضغطا شعبيا وتهرب منه إلى الحرب ضد اسرائيل، وهم بذلك يقفزون على حقيقة أن الضغط الشعبي إن وجد فإن الذهاب نحو الحرب مع التحالف أسهل لأنه هو المتسبب في تدهور الوضع الاقتصادي وهو الذي يماطل.

ثم ذهب آخرون للحديث عن رغبة صنعاء في تحقيق مكاسب على التحالف، وهذه أكذوبة فالأمريكي عرض من أول يوم أن تحصل صنعاء على ما تريد مما كان يعارضه سابقا مقابل تجنبها الدخول في الحرب وتم رفض هذه العروض. وتفسيرات أخرى لا تخرج عن هذا الإطار، ومع ذلك لا تخفي المخاوف من تداعيات العملية اليمنية..

على سبيل المثال تقول بلومبيرج إن من المهم ألا يتم تقديم عمليات “الحوثيين” كجزء من معسكر إقليمي أكبر في إشارة إلى محور المقاومة، لأن ذلك يجعل المجموعة تبدو أقوى مما هي عليه، ويساعدها على فرض سلطتها على السكان المحليين.

وتكتب فاطمة أبو الأسرار في معهد معهد الشرق الأوسط في واشنطن أن “الحوثيين” يهدفون إلى خلق من انعدام الأمن بين الحكومات العربية التي قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وذلك لأن دخولهم هذه الحرب يعزز حديثهم أن الحرب التي تعرضت لها اليمن جزء من مؤامرة أمريكية اسرائيلية، كما تشير أبو الأسرار إلى جانب آخر من المخاوف وهي أن الحوثيين يثبتون لمنافسيهم أنهم أقوياء وليس من السهل هزيمتهم. هدفهم هو إضعاف معنويات خصومهم المحليين، ودفعهم تدريجياً إلى قبول قيادة الحوثيين باعتبارها الوضع الراهن. وتهدف هذه الإستراتيجية إلى سحق الآمال في التغيير الديمقراطي من خلال إظهار أنهم قوة قوية ودائمة في المنطقة.

في ذات السياق أيضا كتب آشر أوركابي في مجلة ناشيونال انترست أنه سيكون لإعلان الحوثيين الحرب على إسرائيل تداعيات محلية وإقليمية وعالمية. وسوف يتم إعلان النصر في الحرب في اليمن، بعد أن لعب الحوثيون أقوى أوراقهم في مهاجمة إسرائيل واستغلال المشاعر الشعبية الصاخبة التي تحتفل بعنف حماس

ويضيف: كان إعلان الحوثيين للحرب ضد إسرائيل، في الواقع، بمثابة إعلان انتصار على قوى المعارضة في اليمن، التي لا يستطيع أي منها الآن منافسة المجموعة التي صورت نفسها على أنها محاربون مقدسون ضد إسرائيل.

هذه النماذج تبرز مخاوف الغرب من العمليات اليمنية وتعكس جانبا من التشكيك في مقاصدها، بالرغم من أن المقصد الحقيقي من العمليات هو نصرة فلسطين ومساندة شعبها المظلوم، وقد يكون من ثمار ذلك بروز اليمن كقوة إقليمية بما تصنعه من نموذج التضامن وليس بما تمتلكه من أسلحة، لكن الهدف الأساسي من التشكيك في المقاصد هو قتل روح التضامن مع فلسطين ومنع الالتفاف حول قوى محور الجهاد والمقاومة.

إن العدو الذي يمنع المواطنين من رفع علم فلسطين في بلدان يقدمها نماذج للحرية، ويلغي وجودك من منصات التواصل الاجتماعي اذا تضامنت مع غزة بصورة أو بضع كلمات، لن يقبل بك وأنت تطلق الصواريخ والطائرات المسيرة على العدو الإسرائيلي وتمنع مرور سفنه من البحر الأحمر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
زكريا الشرعبي