مقالات مشابهة

التفاصيل الجديدة للهدنة في غزة وموقف حماس

حركة حماس أعلنت مؤخرا بأن المقاومة لن تتنازل عن مطالبها، متحدثة أن تقرير وكالة رويترز يؤكد على تزايد الضغوط التي تتعرض لها المقاومة الفلسطينية، وقد صرَّح أحمد عبد الهادي، الممثل لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية، في لبنان، بأن ادعاءات وكالة رويترز بشأن تفاصيل وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية و “إسرائيل” تهدف إلى زعزعة استقرار الحالة النفسية وتأتي كجزء من التأثيرات النفسية الناتجة عن الحروب، وهي من صنع العقول الأمريكية، وأنه ليست هناك خطورة تذكر في ذلك، بل إنها تدخل في سياق الحملات الإعلامية والضغط على المقاومة، مع تمسك حركة حماس على استمرار المقاومة في المطالبة بحقوقها، حيث إن المقاومة الفلسطينية ترحب بوقف العدوان وتسعى إلى التوصل إلى حل مشرّف واتفاق جديد.

هل من هدنة وشيكة؟

بوضوح، يسعى المحتلون إلى تحميل حماس مسؤولية أي فشل محتمل في المفاوضات، ما قد يفتح الباب أمام هجوم على رفح، وقد أوضح ممثل حماس أن الأخبار الكاذبة حول الموضوع تتماهى مع الأفكار التي تم طرحها في لقاء “باريس 2″، والذي تم بمبادرة أمريكية، معتبراً أن المحتلين يسعون لنشر انطباع بأن حماس تقبل هذه الأفكار، وقد زعمت صحيفة رويترز الأمربكية، نقلاً عن مسؤول إسرائيلي كبير، بأن حماس قد وافقت عليها، كما أفادت بأن حركة حماس تلقت اقتراحًا من اجتماع في باريس يقترح وقفًا مؤقتًا لجميع العمليات العسكرية لمدة 40 يومًا.

وزعمت الصحيفة أن الاقتراح الذي قُدِّم في اجتماع باريس لحماس يتضمن ضمان دخول 500 شاحنة مساعدات إنسانية يوميًا، بالإضافة إلى توفير آلاف الخيام والكرفانات، كما يتضمن الاقتراح أيضًا إصلاح المخابز والمستشفيات في قطاع غزة، وأشارت وكالة رويترز إلى أن اقتراح باريس ينص على مبادلة “الأسرى الفلسطينيين” بـ “الأسرى الإسرائيليين” بنسبة 10 إلى 1، مع إطلاق سراح الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 19 عامًا والمسنين، مقابل إطلاق سراح بعض الأسرى الفلسطينيين.

وتلقت حركة حماس مسودة مقترح من محادثات باريس بخصوص الهدنة في قطاع غزة، حيث يتضمن المقترح وقفًا لجميع العمليات العسكرية لمدة 40 يومًا، ومبادلة أسرى فلسطينيين بمحتجزين إسرائيليين بنسبة عشرة إلى واحد، وفقًا لما أفاد به مصدر كبير مقرب من المحادثات مؤخرا، ووفقًا لوقف إطلاق النار المقترح، سيتم إصلاح المستشفيات والمخابز في قطاع غزة، وسيتم دخول 500 شاحنة مساعدات إلى القطاع يوميًا، بالإضافة إلى توفير آلاف الخيام والمساكن المتنقلة لإيواء النازحين.

المسودة المزعومة تنص أيضًا على أن حماس ستطلق سراح 40 من الرهائن الإسرائيليين، بينهم نساء وشبان دون سن الـ19، وكبار السن فوق سن الـ50 عامًا، والمرضى، في حين ستطلق “إسرائيل” سراح نحو 400 أسير فلسطيني دون إعادة اعتقالهم، ويبدو أن محادثات الهدنة في قطاع غزة تمثل أكثر المساعي جدية منذ أسابيع لوقف القتال في هذا القطاع الفلسطيني المنكوب، وتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأجانب.

وزاد الوسطاء جهودهم للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، بهدف تجنب هجوم إسرائيلي على مدينة رفح في القطاع، حيث يعيش أكثر من مليون نازح على الطرف الجنوبي من القطاع، وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن “إسرائيل” وافقت على عدم الانخراط في عمليات عسكرية خلال شهر رمضان في قطاع غزة، والذي من المتوقع أن يبدأ هذا العام في مساء العاشر من مارس آذار وينتهي مساء التاسع من أبريل نيسان، مع حديث الرئيس جو بايدن، أن “إسرائيل” التزمت بتمكين الفلسطينيين من مغادرة رفح في جنوب قطاع غزة قبل تكثيف حملتها هناك.

وفي أعقاب هجوم مباغت نفذته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول، أعلنت “إسرائيل” أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، ردت “إسرائيل” بعد ذلك بشن هجوم بري على قطاع غزة، وأفادت سلطات الصحة في القطاع بأن هذا الهجوم أسفر حتى الآن عن استشهاد ما يقرب من 30 ألف شخص، ولا شك أن الكيان الصهيوني يرفض الانسحاب من قطاع غزة أو أي جزء منه، ولا يوجد أي مؤشر على انتهاء عدوانه الحالي، حتى الآن، لم يتم تقديم أي ضمانات لوصول المساعدات الكافية إلى غزة وإعادة إعمار المنشآت الحيوية مثل المستشفيات والمخابز، ولم يجد النازحون مأوى، ويرفض نظام الاحتلال الصهيوني أياً من هذه الإجراءات، ولذلك، يبقى السؤال حول ما يجب التوصل إليه بالضبط.

سياسة إسرائيلية خبيثة

تحاول السلطات الصهيونية تشويه الحقائق من خلال ادعائها بأن مطالب حركة حماس مبالغ فيها، في حين أن الواقع يظهر أن هذه المطالب ضرورية ومشروعة، ومن جهة أخرى، فإن التهديدات الصهيونية بمواصلة الحرب وتوسيعها إلى رفح إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين تعتبر تهديدات فارغة وليس لها قيمة، تظهر هذه التهديدات الفشل الكبير للكيان الصهيوني في إعادة أسراه من غزة، حيث إن الأسرى الصهاينة الوحيدين الذين غادروا غزة هم الذين تم إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، وهو ما يشير إلى عمق الأزمة التي يعيشها هذا النظام وتناقض تصريحاته.

وقبل ذلك، أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء نظام الاحتلال، علنًا أنه سيهاجم رفح في كل الأحوال، حتى لو تمت صفقة تبادل الأسرى، ويرجع ذلك إلى سياسته الوحشية والقتل والإبادة الجماعية التي اتبعها المحتلون منذ بداية غزو غزة، ويظل استهداف المدنيين، بما في ذلك الموجودون في رفح، مستمرًا بشكل يومي، وفيما يتعلق بالمناقشات المتعلقة باليوم التالي لحرب غزة وادعاءات الأمريكيين والصهاينة بشأن إدارة غزة، فإن نظام الاحتلال لا يستطيع الحديث عن إدارة غزة بشكل فعّال، وذلك بسبب الفشل الكبير في تحقيق أهدافه، حيث يعاني المحتلون اليوم من تناقضات واختلافات كبيرة فيما بينهم، حيث يهددون بتدمير حماس من جهة، ومن جهة أخرى يطالبون بالتفاوض مع هذه الحركة.

وفيما يتعلق بالموقف النهائي لحركة حماس من مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، تجري هذه المفاوضات بناءً على مصالح الشعب الفلسطيني، ولا تتأثر بالتصريحات والتهديدات، فرغبات حماس وأهدافها واضحة ومتفق عليها وطنيًا، الوقف الكامل لعدوان العدو والوصول الفوري للمساعدات اللازمة إلى قطاع غزة ورفع الحصار عنها وإعادة إعمارها هي شروطها الأساسية.

وفيما يتعلق بالمباحثات المتعلقة بالإدارة المدنية لقطاع غزة، فإن حماس تعرف كيف تدير شؤونها وتختار قادتها، وهذه قضية فلسطينية تمامًا ولا يحق لأي طرف آخر أن يملي عليها رغباته، وأعلنت حركة “حماس” أنها تشترط الموافقة على صفقة تبادل الأسرى مع “تل أبيب” مقابل وقف الحرب على قطاع غزة، وتمكين دخول المساعدات الإنسانية، وتحرير المعتقلين الفلسطينيين في سجون الكيان.

وباختصار، لم يتم اتخاذ أي قرارات إسرائيلية حاسمة خلال الأشهر الماضية، حيث تسير الحرب وفقًا لإنجازات تكتيكية لحركة حماس، دون تحركات كبيرة من جانب “إسرائيل” لتحقيق إنجازات استراتيجية، وينبغي على مجلس الحرب اتخاذ قرارات مهمة، بما في ذلك العمل على تنفيذ صفقة لتبادل الأسرى قبل حلول شهر رمضان المقبل، واتخاذ إجراءات لمنع تصعيد الوضع في الضفة الغربية خلال هذه الفترة، وعودة السكان الإسرائيليين إلى مستوطناتهم في الشمال والجنوب بعد النزوح جراء اندلاع الحرب، يتمنى الإسرائيليون توضيحًا عمليًا لمصطلح “النصر الكامل” الذي استخدمه رئيس الوزراء نتنياهو، ويعتبرون أنه يجب مناقشة هذا المفهوم بجدية من قبل مجلس الحرب.