فشلت المليشيات “الإرهابية” الموالية لتركيا، السبت، فرض سيطرتها على مدينتي حلب وادلب.. يأتي ذلك مع تواصل اليوم الرابع من هجومها الواسع على اهم المدن السورية.
واعادت هذه الفصائل فرض حظر التجول في حلب، العاصمة الاقتصادية لسوريا، للمرة الثانية خلال ساعات. وأعلنت ما تعرف بإدارة العمليات المشتركة التي تتخذ من الحدود التركية مقرا لها ويشرف عليها ضباط اتراك فرض حظر التجوال من الخامسة مساء حتى فجر الاحد.
والحظر يعد الثاني خلال 24 ساعة. وجاء فرض الحظر مع نشر تلك الفصائل لقطات بطائرة مسيرة لتجوال مسلحين في بعض احياء حلب. وزعمت تلك الفصائل السيطرة على نحو 40 % من المدينة.
واكد الجيش السوري في بيان له انسحاب قواته من المدينة عقب هجوم وصف بالكبير واستخدم خلاله الأسلحة الثقيلة والمسيرات والمقاتلين الأجانب، مشيرا إلى أنه يستعد لهجوم مضاد.
وأوضح الجيش السوري بأن ما وصفها بالمليشيات الإرهابية فشلت في تثبيت نقاط تمركز مع تركيزه في استهدافه. وكانت المقاتلات السورية والروسية كثفت خلال الساعات الأخيرة غاراتها على مواقع وتجمعات العناصر المسلحة بأطراف حلب وادلب.
وجاءت الغارات مع ترقب وصول تعزيزات كبيرة من روسيا لحسم المعركة. واتهم الكرملين في بيان له تركيا بخرق اتفاق استانا مؤكدا بان للدولة السورية الحق في استعادة سيطرتها على كامل أراضيها.
لماذا قررت تركيا تحريك فصائلها بالشمال السوري؟
مع اعلان أمريكا رسميا عدم علاقتها بتصعيد الشمال السوري وتحميل روسيا لتركيا المسؤولية، تكون الصورة قد اتضحت حول من يقف وراء الهجوم على حلب وادلب، لكن ما الدوافع التركية في هذا التوقيت بالذات؟
بحسب وسائل اعلام أمريكية فإن إدارة بايدن تفاجأت بالهجوم الأخير للفصائل السورية المصنفة على لائحة الإرهاب في أمريكا وتركيا أيضا، في حين قالت مرشحة الرئيس الجديد دونالد ترامب لمنصب مديرة الاستخبارات الامريكية بأن سوريا لا تشكل تهديد مباشر لواشنطن في إشارة إلى عدم رغبتها بتغيير الوضع هناك فهي تعتمد أصلا على مليشيات كردية.
الأمر ذاته ورد على لسان الكرملين، رغم الصراع الدولي مع امريكا، وقد القى باللوم على تركيا التي اتهمها بانتهاك اتفاق استانا.
بالنسبة لتركيا، فقد سارعت على لسان وزارة الخارجية، لتبرير الهجوم بالحديث عن التصعيد الأخير في ادلب في إشارة إلى العمليات التي نفذها الجيش السوري ضد المجموعات الإرهابية، ولم يقتصر الامر على ذلك بل لوحت بالمشاركة عسكريا عبر التهديد بعدم السماح لمن وصفتها بالجماعات الإرهابية في إشارة إلى المليشيات الكردية المعروفة بقسد والمدعومة أمريكيا في بناء دولة.
هذه التصريحات التركية تزامن مع انخراط “قسد” بالمواجهات التي يشهدها الشمال السوري وتحديدا مدينة حلب حيث يتمركز نحو 5 الف مقاتل من تلك المليشيات وتسيطر على عدة احياء وسط تقارير عن توسيع هذه المليشيات رقعة سيطرتها مع تقدم المليشيات الموالية لتركيا في أطرافها.
ربما لم تكن تركيا تريد في الانخراط المباشر في المواجهة، لكن تزامن حديثه مع حديث الجيش السوري يالهجوم مضاد يشير إلى محاولة انقرة تثبيت وضع سيطرة فصالها على الأرض.
تريد تركيا مفاوضات مع الرئيس بشار الأسد بقوة بشان تحديد مستقبل الشمال لكن الأخير يرفض المحادثات قبل انسحاب الجيش التركي من مناطق الشمال وهي بالهجوم الأخير تحاول الضغط باتجاه هذه الخطوة، وتوقيت الهجوم يشير على ان تركيا كانت تراقب انخراط فصائل المحور التي تتمركز في المدينة والرديفة للجيش السوري، بالمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ خطة الهجوم الواسع هذا.
نجحت تركيا فعليا حتى اللحظة، وفق ما يتحدث به فصائلها، بالسيطرة على مناطق في حلب وادلب مع انسحاب الجيش السوري، لكن ربما تكون قد انغمست في مخاطرة غير محسوبة العواقب فالشمال السوري ليس ملعبا لتركيا فقط فثمة لاعبين دوليين في هذه المنطقة الاستراتيجية ابرزها أمريكا التي تحتفظ بقوات على الأرض وفصائل رديفه ومثلها روسيا وكذا ايران وهو ما يضع تركيا في الطرف الأضعف من المعادلة ويقلص إمكانية تحقيق اي مكاسب جديدة على الأرض رغم التوسع المتوقع تقليصه.
إلى جانب الابعاد الجيوسياسية لتركيا ثمة هدف يسعى اوردغان لتحقيقه ليس على مسار المفاوضات مع الحكومة السورية وتطويعها بل أيضا على المسار الأمريكي فهو تحدث مؤخرا عن رغبته بالتوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشان الشمال السوري وهو يشير بذلك إلى الفصائل المسلحة الموالية لأمريكا.
أيا تكون الدوافع من التصعيد شمال سوريا يؤكد التوقيت بانها لا تخرج عن مسار التخادم الصهيوني التركي والذي ظل واضحا في غزة ومناطق أخرى رغم محاولة اوردغان تضليله بهالة إعلامية من الحديث عن دعم المقاومة.