المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    عاجل الآن.. سلسلة غارات عدوانية عنيفة على العاصمة صنعاء (الأماكن المستهدفة)

    شن العدوان الأمريكي الإسرائيلي، مساء اليوم الثلاثاء 6 مايو،...

    ما الذي يجعل صاروخ اليمن حدثاً غير عاديّ؟

    قوة الصاروخ الذي هزّ مطار بن غوريون هذه المرّة...

    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن

    في حادثة مأساوية تعكس عمق الأزمة الإنسانية في عدن،...

    ما الذي يجعل صاروخ اليمن حدثاً غير عاديّ؟

    قوة الصاروخ الذي هزّ مطار بن غوريون هذه المرّة حمل رسالة مهمة مفادها أنّ الأحداث في المنطقة تزداد تعقيداً، وحال الهستيريا الذي أحدثها يجعل أهمية الأمر في تعزيزه للجدل الداخلي في “إسرائيل”.

    من صنعاء إلى “تل أبيب”، صاروخ يمني يهزّ مطار بن غوريون الإسرائيلي، يحمل مع رأسه الكبير المتفجّر رسالة مدوّية، لا جغرافيا تحتضن المحتل، ولا أمان تحت سماء فلسطين المحتلة، وكما فرضنا حصاراً بحرياً في البحر الأحمر،  نفرض حصاراً جوياً جديداً في تطوّر استراتيجي غير مسبوق بات جزءاً من معادلة النار والردع الشامل، وما بعد الحدث ليس كما قبله فلا مكان لأوهام مفهوم النصر المطلق الذي تغنّى به الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومن خلفه نتنياهو بعد إعلانهم القضاء على 90% من صواريخ اليمن وأنهم باتوا على مقربة من إخضاع هذا البلد العربي. 

    ثمّة سؤال يطرح نفسه إزاء هذا التطوّر الاستراتيجي اللافت في معادلة النار والردع بعد قصف مطار بن غوريون، ما الذي يجعل الصاروخ اليمني حدثاً غير عاديّ؟ 

    يسجّل وصول الصاروخ اليمني إلى قلب مطار بن غوريون ضربة قاسية لـ “إسرائيل” باستهداف مرفق حيوي سيادي يعتبر فعلياً بوابة “إسرائيل” إلى العالم، وفشلاً واضحاً في منظومات الدفاع الجوية الأميركية والإسرائيلية معاً، ويحمل معه ثلاث رسائل ضمنية قوية؛ الأولى لنتنياهو ويمينه المتطرّف، أننا لسنا مقيّدين بالجغرافيا والحرب لن تحصر في غزة، أوقفوا الإبادة الجماعية، وإلا فالمنطقة ستبقى تغلي وتتحرّك على صفيح ساخن وستؤدّي إلى تصعيد مقبل غير مسبوق، والثانية لأميركا وحلفائها، أنّ دعمكم لـ “إسرائيل” له ثمن إقليمي ومصالحكم البحرية والجوية مهدّدة وباتت في خطر كبير، أما الثالثة فلشعوب المنطقة، أنّ محور المقاومة لم ولن يهزم كما تدّعون وتروّجون وهو يملك من قدرات الردع المتطوّرة ما يجعله قادراً على تغيير التوازن والمعاملات لصالحه. 

    قصف مطار بن غوريون يعدّ حدثاً ليس عابراً أو عادياً، “إسرائيل” التي تمتلك أنظمة دفاع متعدّدة الطبقات فشلت في اعتراض الصاروخ الذي ضرب هدفاً استراتيجياً إسرائيلياً، فالحدث بحدّ ذاته له عدّة أبعاد لا بدّ من التوقّف عندها . 

    عسكرية/ الصاروخ  يحمل اسم (فلسطين 2) مداه 2150 كيلومتراً،يعمل بالوقود الصلب، لديه القدرة على المناورة، سرعته 16 ماخ أي 19500 كلم في الساعة، لديه القدرة على المناورة والتضليل وتجاوز منظومات الدفاع الجوي، ونجاحه في الوصول إلى هدفه من دون اعتراض يثبت أنّ السلاح المستخدم عالي الدقة والقوات المسلحة اليمنية تمتلك صواريخ باليستية بعيدة المدى، ما يعكس امتلاكهم تقنيات عسكرية متقدّمة في مجال تصنيع وامتلاك الصواريخ  وتطوّر تقنيات التصنيع والتوجيه والتضليل أمام الرادارات الإسرائيلية والأميركية.

    استراتيجية وإقليمية/ استمرار الضربات الجوية والبحرية من قبل القوات المسلحة اليمنية يعني أنّ جبهة اليمن مستمرة في إسناد الشعب الفلسطيني في معركة طوفان الأقصى وتشارك في المعركة إقليمياً إلى جانب حماس وفصائل المقاومة بفرض حصار جويّ كما هو بحريّ، وهذا يعدّ تطوّراً يرفع مستوى التهديد ضدّ “إسرائيل”، ويرسل رسالة خاصة أن لا مكان آمناً في “إسرائيل” إذا استمرت حرب الإبادة في قطاع غزة بهذا الشكل ولم تتوقّف .

    سياسية/ حدث يشكّل إحراجاً دولياً لـ “إسرائيل” أكثر من أن يمنحها غطاءً للردّ، ويشكّل ضغوطاً على دول الغرب التي من المحتمل أن يقتل أحد رعاياها في أيّ قصف مقبل، وقد تجد نفسها مضطرة للضغط على “إسرائيل” لوقف الحرب على غزة خوفاً أو تحسّباً من توسّع المواجهة .

    أمنية واقتصادية/ شكّل الحدث بحدّ ذاته شللاً في حركة الطيران، وإعلان القوات المسلحة اليمنية فرض الحصار الجوي الشامل على المطارات الإسرائيلية يعني أنّ قراراً فعلياً بهذا الاتجاه دخل حيّز التنفيذ كما هو سارٍ على حركة الملاحة البحرية منذ شهور ، وهذا يعني مزيداً من تعطّل حركة التجارة العالمية ومزيداً من الخسارة الاقتصادية الكبيرة على “إسرائيل”. 

    ما السيناريوهات المتوقّعة إزاء هذا الحدث؟ 

    السيناريو الأول/ تصريحات نتنياهو بعد الحدث تشير إلى احتمالية ردّ إسرائيلي محدود على أهداف في اليمن في محاولة إسرائيلية لتثبيت الردع من دون توسيع دائرة الحرب والمواجهة، وهذا الردّ سينعكس على “إسرائيل” مجدّداً إما بمعاودة استهداف المطار أو أنّ أهدافاً جديدة ستكون في دائرة الاستهداف، أو بتصعيد جديد سيشهده البحر الأحمر وسيكون هناك استهداف ضد السفن الإسرائيلية أو التي لها علاقة بـ “إسرائيل”، وهذا سيناريو محتمل بدرجة كبيرة في هذه المرحلة. 

    السيناريو الثاني/ تصعّد “إسرائيل” المشهد أكثر من المعتاد وتتعامل مع الحدث كجزء من خطاب نتنياهو المتكرّر أنّ “إسرائيل” تخوض حرباً على سبع جبهات وتطلب دعماً عسكرياً ومشاركة أميركية بريطانية من البحر الأحمر في قصف أهداف يمنية أو إيرانية في محاولة لخلط الأوراق ونسف جهود المفاوضات مع إيران، وهذا يعدّ وقتها تصعيداً إقليمياً كبيراً يمكن أن تكون له تداعيات خطيرة على المنطقة ككلّ وعلى حركة التجارة العالمية في البحر الأحمر. 

    السيناريو الثالث/ أن يشكّل الحدث مفتاحاً للحلّ السياسي بتدخّل جهود دبلوماسية لتهدئة الأوضاع تكون مرتبطة بشكل خاص بالوصول إلى تهدئة ووقف الحرب في قطاع غزة خاصة قبيل زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة العربية، وهذا السيناريو فيه حفظ ماء الوجه لأطراف عديدة أولها “إسرائيل”، وهذا السيناريو يبقي التهديد اليمني قائماً كورقة ضغط مستمرة حال تجدّدت الحرب على غزة، وهذا السيناريو قابل للتحقّق حال توفّرت ضغوط أميركية حقيقية على “إسرائيل” بوقف الحرب على غزة. 

    السيناريو الأخير/ تكثيف ضربات القوات اليمنية المسلحة على أهداف إسرائيلية جديدة ما سيشكّل  استنزاف الدفاعات الجوية الإسرائيلية سيدفع دولاً مجاورة كي تتصدّى لإحباط الضربات اليمنية وهكذا تكون جزءاً من حال المواجهة، وهذا سيناريو محتمل حدوثه ما لم تتسابق الأطراف لإيجاد حلّ لبيئة التسخين المتصاعد في المنطقة.

    ما أعلنته القوات المسلحة اليمنية من قرار فرض حظر التجوال الدولي الشامل على الملاحة الجوية في “إسرائيل” تطوّر لافت، وما هو معروف عن القوات المسلحة اليمنية أنها لا تهدّد فحسب، بل تفعل ثمّ تتحدّث، وسبق أن أعلنت عقب تاريخ السابع من أكتوبر عن إغلاق مضيق باب المندب أمام السفن الإسرائيلية ولا يزال قرارها سارياً حتى يومنا هذا، وترتّبت على أثرها خسائر لحركة التجارة العالمية التي باتت بالمليارات، وتعطّل ميناء إيلات منذ شهور ولا تزال حركة التجارة العالمية تشهد انتكاسة تلو الأخرى وتسجّل خسارات كبيرة .

    قوة الصاروخ الذي هزّ مطار بن غوريون هذه المرة حمل رسالة مهمة مفادها أنّ الأحداث في المنطقة تزداد تعقيداً. وإسرائيلياً، وصف هذا الصاروخ بالأكثر تأثيراً منذ شهور مضت، وحال الهستيريا الذي أحدثها يجعل أهمية الأمر في تعزيزه للجدل الداخلي في “إسرائيل”، أما على صعيد المشهد الدولي فربما يشير إلى أنّ المفاوضات مع إيران ليست كما يجب رغم الحديث المتكرّر عن تقدّمها، ويبقى السؤال هنا، ما هو ردّ فعل ترامب الذي تكفّل بضرب اليمن وتأثير ذلك على المفاوضات مع إيران، لكن من الواضح أن أسئلة ترامب تبقى دائماً بلا إجابة كما هو معتاد منذ دخوله البيت الأبيض.

    يبدو واضحاً أننا سنكون أمام تطوّرات متسارعة بل وعلى مقربة من مشهد بات يغلي على صفيح ساخن وهذا الذي يجعل الحدث غير عاديّ، إذ إنّنا نمرّ في أيام فاصلة، لكنّ أي تصعيد محتمل في المنطقة قد يفتح الباب أمام إيجاد حلّ ومخرج لوقف الحرب والإبادة الإسرائيلية المستمرة في قطاع غزة.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    شرحبيل الغريب

    spot_imgspot_img