المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    صنعاء تعلن بدء صرف مرتبات شهر مارس 2025م

    أعلنت وزارتا المالية والخدمة المدنية، والبنك المركزي اليمني، بدء...

    الذي يزرع “الإصلاح”.. يحصد العار

    اللافت في تجربة حزب الإصلاح (إخوان اليمن) أنهم لا يشكّلون خطرًا حقيقيًا على من يعاديهم، فشرّهم لا يتعدى من يضع ثقته فيهم أو يرفعهم فوق حجمهم الحقيقي. فلا يكتوي بنارهم إلا الحلفاء الذين أحسنوا الظن بهم، فدفعوا الثمن خيانةً وابتزازًا وتآمرًا.

    ومن يتأمل الواقع اليمني جيدًا، يدرك أن الإمارات على وجه الخصوص، كانت من أكثر المستفيدين من حزب الإصلاح، رغم أنها عاملتهم بنهج لا يختلف كثيرًا عن تعامل الاستخبارات الإسرائيلية مع عملائها؛ استخدامٌ مؤقت يعقبه الإقصاء أو التصفية. فكما رأينا في عدن عام 2015، حين صدح شيوخ الإصلاح بمكبرات الصوت داعين إلى “الجهاد” إلى جانب تحالف العدوان بقيادة السعودية والإمارات، لم تمضِ سوى أشهر قليلة حتى بدأت أبوظبي في تصفية كوادر الحزب، بدءًا من القادة العسكريين ووصولًا إلى أئمة المساجد، ضمن سياسة تفريغ الجنوب من تأثيرهم.

    السعودية لم تكن أقل صرامة. فقد رأينا كيف استُقبل عبدالمجيد الزنداني ـ أحد رموز الحزب ـ عند فراره إلى الرياض، وهو يثني على “عاصفة الحزم” ويتغزل بقيادة المملكة. لكن سرعان ما تغيرت النغمة، إذ تعرض للإهانة والاعتقال في سجونها، ثم طُرد في نهاية المطاف مذموماً مدحورًا.

    ولولا هذا الحذر الذي مارسته الرياض وأبوظبي، لكانت نهايتهما على أيدي حزب الإصلاح فالخيانة نهجهم ولا يستحون في الغدر بمن وثق بهم.

    فالنظام السابق بقيادة الخائن علي عفاش كان حليفًا لحزب الإصلاح خلال التسعينيات، بل مكنهم من السيطرة على الخطاب الديني، ومنحهم نفوذًا واسعًا في الجامعات والمساجد والمراكز الدينية. وبدل أن يكونوا له سندًا، انقلبوا عليه، وأصدروا فتاوى بتكفيره، وكانت نهايته مأساوية بالحرق في يونيو 2011، بعدما خانوه تحت عباءة “الثورة”.

    ولا يمكن نسيان دورهم في حرب صيف 1994، حين تحالفوا مع صالح لإسقاط شريك الوحدة، الحزب الاشتراكي، واحتلال الجنوب. لقد استخدمهم صالح كعصا دينية لضرب خصومه، ثم اكتشف متأخرًا أنه كان يُربي أفعى في حضنه.

    إن تجربة التعامل مع حزب الإصلاح تمثل درسًا قاسيًا في التاريخ اليمني الحديث، مفاده أن هذا الحزب لا يعرف الوفاء لحليف، ولا يملك مشروعًا وطنيًا، بل يتحرك وفق مصالحه الضيقة وأجندات خارجية. فمن يتخذهم سندًا، كمن يستند إلى هشيم؛ لا يلبث أن يسقط ويُكوى بنار خيانتهم. وما لم يدرك اليمنيون والعرب أن “الإخوان” ليسوا شركاء دولة بل أدوات فوضى، فستظل الكارثة تتكرر بأسماء مختلفة.

    اليوم، وبضغطٍ أمريكي متزايد، يجد النظام السعودي نفسه مضطراً لإعادة فتح قنوات التعاون مع حزب الإصلاح، وذلك في إطار حملة برية تهدف إلى تأمين الملاحة الصهيونية وحماية المصالح الإسرائيلية في البحر الأحمر، ووقف الهجمات المساندة لأهلنا في غزة.

    الجميل في هذا التطور أن تمركز مسلحي الإصلاح على الحدود السعودية لا يعني أن بوصلتهم موجهة نحو اليمن فحسب، بل هو تموضع استراتيجي يُمكن أن يتحول لاحقًا إلى رأس حربة داخل المملكة نفسها، خاصة أن لدى التنظيم سوابق في نقل المعركة حيث تتهيأ له الفرصة، كما فعلوا من قبل ضد نظام عفاش خلال حروب صعدة الست.

    وإذا طرأت مستجدات سياسية أو عسكرية ـ كما حدث في عام 2011 حين انقلبوا على صالح ـ فإن وجودهم المسلح داخل الأراضي السعودية سيشكل خطرًا وجودياً على آل سعود. ومع وجود أطراف إقليمية ـ مثل قطر ـ يُحتمل أن تموّل أو تدعم هذا السيناريو، فإن احتمال التوغل شمالًا والسيطرة على مناطق داخل المملكة يصبح فرضية لا يمكن استبعادها.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    spot_imgspot_img