أعلن بيان لرئاسة وزراء الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، “استعادة رفات الجندي المفقود تسفي فلدمان، الذي فُقدت آثاره منذ معركة السلطان يعقوب مع الجيش السوري خلال الحرب على لبنان عام 1982”.
وقال نتنياهو، في بيان، “في عملية خاصة للموساد والجيش، استعدنا جثة الجندي تسفي فلدمان، الذي فُقد في معركة السلطان يعقوب في حزيران/ يونيو 1982. طيلة عشرات السنوات، لم تتوقف جهودنا لتحديد مكانه ومكان الجنود المفقودين الآخرين في المعركة”.
وأضاف نتنياهو: “قبل ست سنوات استعدنا جثة زخريا باومل، واليوم نستعيد جثة تسفي، ولن نتوقف حتى نُعيد الجندي يهودا كاتس، الذي لا يزال مفقودًا”. وتابع: “لقد صادقت على العديد من العمليات السرية على مدار السنوات”.
ولم يذكر بيان حكومة الاحتلال المكان الذي استعيدت منه الجثة، فيما أفاد بيان مشترك للموساد والجيش الإسرائيلي، في وقت لاحق، باستعادة “رفات فيلدمان في عملية خاصة من قلب سوريا”، مضيفًا أن “عملية استعادة رفاته كانت معقدة، ويعود الفضل فيها إلى معلومات استخبارية دقيقة”.
تنفيذ دون وجود إسرائيلي على الأرض
ووفقًا لما كشفته إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإن العملية الميدانية داخل الأراضي السورية نُفذت دون مشاركة أي عنصر إسرائيلي، حيث استعان جهاز الموساد بشبكة من العملاء غير الإسرائيليين الذين يشكّلون ركيزة نشاطه الاستخباري في سوريا. واعتُبر هذا القرار جزءًا من استراتيجية تقليل المخاطر وتفادي الزجّ بمقاتلين إسرائيليين في بيئة عالية الخطورة. مضيفةً أن النظام السوري الجديد لم يكن جزءًا من عمليات استعادة رفات فيلدمان.
ونقلت الإذاعة عن مصدر استخباري مطّلع أن العملية جرت في عمق الأراضي السورية، على بعد عشرات الكيلومترات من الحدود، حيث كانت جثة فلدمان مدفونة. وتمكنت القوة الاستخبارية من دخول المنطقة من خلال عملية خداع وغطاء محكم، بعد سنوات من النشاط السري حتى في ظل حكم بشار الأسد.
وأشار المصدر إلى أن الأشهر الخمسة التي تلت انهيار نظام الأسد شهدت “تقدمًا عملياتيًا كبيرًا”، ما أتاح للموساد استغلال الفرصة الحاسمة لتنفيذ العملية.
وأضاف أن العملية شملت “خطوات شديدة التعقيد والمخاطرة”، وكان هناك جدل داخل الأجهزة الأمنية حول العودة إلى الموقع مجددًا، نظرًا لحجم التحديات الميدانية. وتأمل “إسرائيل” أن تسهم هذه العملية في كشف مصير الجندي المفقود الآخر، يهودا كاتس، الذي لا يزال الغموض يكتنف مصيره منذ المعركة ذاتها.
وفي بيان مشترك صادر عن جهاز الموساد والجيش الإسرائيلي، أوضحت المؤسستان أنه “تم تحديد هوية الجثمان في معهد الطب العدلي التابع للحاخامية العسكرية، بعد إجراء تحاليل دقيقة استندت إلى معلومات استخبارية فائقة الحساسية وتقنيات متقدمة”.
وأضاف البيان أن العملية تُعد استكمالًا للجهود التي أسفرت عام 2019 عن استعادة جثمان الجندي زكريا باومل، وهي تشكل “إغلاق دائرة استمرت أكثر من أربعة عقود”. وبالتزامن، تم إبلاغ عائلة الجندي يهودا كاتس بآخر التطورات، وأكّدت الجهات الأمنية استمرار مساعيها المكثفة لمعرفة مصيره، إلى جانب مصير باقي الجنود المفقودين.
حقيقة القصة الكاملة
القصة الكاملة لتسليم النظام السوري الجديد جثمان الجندي الإسرائيلي تسفي فيلدمان تبدأ بوثيقة مسرّبة تداولتها عدة مواقع سورية مقربة من النظام الجديد صادرة عن اللواء علي دوبا رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية وموجّهة إلى رئيس النظام السوري الأسبق حافظ الأسد.
تكشف الوثيقة بشكل واضح معلومات دقيقة عن مكان دفن الجنود الإسرائيليين وتُفصّل أسماء الأشخاص المكلّفين بالمقبرة ممن يعرفون الموقع بالتفصيل وعلى رأسهم أحمد جبريل وعمر الشهاب وطلال ناجي.
وبناءً على هذه الوثيقة أقدم النظام السوري الجديد قبل أسابيع على اعتقال طلال ناجي نائب الأمين العام للجبهة الشعبية وهو ما ساعد — بحسب الصحافة العبرية — في تحديد موقع دفن الجندي تسفي فيلدمان الذي أُسر خلال معركة السلطان يعقوب قبل أربعين عامًا وتم تسليم جثمانه مؤخرًا إلى الجيش الإسرائيلي بدون مقابل.
وفي وقت سابق، كانت شقيقة الجندي فيلدمان قد صرّحت أن سقوط نظام الأسد قد يكون “نافذة أمل نادرة”، مشيرة إلى احتمال أن يكون شقيقها قد بقي حيًا لسنوات في سجون النظام السوري. وقالت: “قضية أخي ليست مسألة عائلية، بل قضية وطنية، وعلى الدولة أن تستمر في واجبها حتى عودة كل المفقودين”.
يُذكر أن معركة “السلطان يعقوب” اندلعت بين القوات السورية وجيش الاحتلال الإسرائيلي في 10 حزيران/يونيو 1982 خلال اجتياح لبنان. ووقعت المعركة أثناء تقدم قوات الاحتلال لقطع طريق بيروت – دمشق. وحينها دارت معركة في “بيادر العدس” أو السلطان يعقوب في منطقة البقاع الغربي.
وخلال المعركة، قُتل 20 جنديًا إسرائيليًا على الأقل، وفقد 3 جنود آخرين (زخريا بوميل، ويهودا كاتس، وتسفي فيلدمان). وقد وقعت المعركة في اليوم السادس من “عملية سلام الجليل” الإسرائيلية، أي حرب لبنان عام 1982، وذلك قبل ساعات قليلة من إعلان وقف إطلاق النار مع النظام السوري، الذي وقع الاتفاق منفردًا بمعزل عن الفصائل الفلسطينية في لبنان.
وفي 2019، أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن استعادة رفات بوميل من خلال جهود روسية للتواصل مع نظام المخلوع بشار الأسد. وفي 2016 سلّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دولة الاحتلال دبابة كان الجيش السوري غنمها خلال المعركة.