أكد مسؤولون أمريكيون لصحيفة “نيويورك تايمز” أن الحملة العسكرية الأمريكية على اليمن، التي شنّها الرئيس دونالد ترامب خلال الأشهر الماضية، لم تحقق أي نتائج استراتيجية، وانتهت بعد فشل الولايات المتحدة في كسر الحوثيين أو فرض تفوّق جوي كامل في الأجواء اليمنية.
وكشفت المصادر إلى أن “السعودية” دعمت مقترح كوريلا، وقدمت قائمة بأسماء 12 من القادة الحوثيين الذين يُعتقد أن استهدافهم سيضعف الحركة، لكن ذلك لم يحدث، بل عزز الحوثيون مواقعهم وواصلوا الهجمات بصواريخ أكثر دقة ومسيّرات أكثر تعقيداً.
وكان المقترح الذي قدّمه قائد القيادة المركزية الأمريكية يقوم على حملة مدتها 8 إلى 10 أشهر تستهدف تدمير أنظمة الدفاع الجوي اليمنية، تليها عملية اغتيالات مركزة لقيادات الحوثيين، لكن هذا الخطة باءت بالفشل بعدما تبيّن أن البنية العسكرية والمعلوماتية لحركة الحوثيين أقوى مما كان متوقعاً.
وأفاد المسؤولون بأن الدفاعات الجوية اليمنية، رغم تصنيفها بأنها محدودة من قبل البنتاغون، كادت أن تسقط عدة طائرات حربية أمريكية متقدمة من طرازي F-16 وF-35 خلال العمليات الجوية، وهو ما أثار حالة من القلق داخل القيادة الأمريكية حول مدى فعالية هذه الطائرات في مواجهات مستقبلية مع خصوم أكثر تطوراً مثل الصين أو روسيا.
وأكدت الصحيفة أن الحوثيين أسقطوا 7 طائرات استطلاع أمريكية بدون طيار من طراز MQ-9 خلال الشهر الأول من الحملة فقط، مما شكّل ضربة معنوية ولوجستية للجيش الأمريكي، وأظهر ارتباكًا في الحسابات الاستراتيجية التي بنيت عليها العملية.
وقال مصدران مطلعان لـ”نيويورك تايمز” إن الرئيس ترامب طلب من قادة البنتاغون “نتائج سريعة”، لكن الإدارة الأمريكية فوجئت بعدم وجود تقدم حقيقي على الأرض، خاصة في ظل صمود البنية العسكرية والدفاعية لدى الحوثيين، واستمرار إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة باتجاه العمق الإسرائيلي، وعبر الممرات البحرية الدولية.
في الوقت نفسه، بدأت الضغوط داخل الإدارة الأمريكية تتزايد لإنهاء الحملة، لا سيما من قبل رئيس هيئة الأركان الجديد الجنرال كين وعدد من كبار المسؤولين العسكريين، الذين عارضوا تمديد العمليات بسبب غياب النتائج الملموسة وتكثيف الاستنزاف في الذخائر المتطورة، والتي تقدر بملايين الدولارات لكل ضربة تنفذها الطائرات الأمريكية.
كما أعرب مسؤولون عن مخاوف البنتاغون من أن هذه الحملة كانت اختباراً مؤسفاً لقدرات الجيش الأمريكي في حال واجه قوة غير تقليدية في منطقة مضطربة، مشيرين إلى أن الصراع في اليمن كشف ضعفاً في الاستعداد لتلك السيناريوهات، وأن استخدام كميات كبيرة من الذخائر المكلفة ضد جهة لا تملك بنية عسكرية حديثة يثير تساؤلات حول الكفاءة والاستخدام الفعال للموارد.
في سياق متصل، ذكرت الصحيفة أن إدارة ترامب كانت تخطط لإعلان “نصر وهمي” على الحوثيين إذا توقفت الهجمات الصاروخية ولو بشكل مؤقت، لكن الحوثيين استمروا في تصعيد عملياتهم، ما أفقدها الوجهة السياسية التي أُطلقت له الحملة.
وفي لحظة تحول دراماتيكية، تدخلت السلطنة العمانية كطرف وسيط، ونجحت في إبرام تفاهم مع الحوثيين يقضي بتوقف الهجمات على السفن الأمريكية مقابل وقف الضربات الجوية الأمريكية على اليمن، وهو ما وصفته بعض الدوائر السياسية بأنه “خروج أمريكي مُهين” من الأزمة، بعد فشل الحملة في تحقيق أي من أهدافها الرئيسية.