الرئيسية أخبار وتقارير “نيويورك تايمز” تكشف سر إعلان ترامب فجأة النصر على الحوثيين؟

“نيويورك تايمز” تكشف سر إعلان ترامب فجأة النصر على الحوثيين؟

في تقرير حديث، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن “النصر” على جماعة أنصار الله (الحوثيين) في اليمن، رغم عدم تحقيق الأهداف الأساسية للحملة العسكرية التي شنها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة ضد الجماعة.

وبحسب التقرير، فإن سبب إعلان ترامب المفاجئ عن وقف إطلاق النار مع الحوثيين يعود إلى عدم رضاه عن نتائج الحملة العسكرية الأمريكية التي بدأت قبل شهرين تحت شعار “إعادة فتح الملاحة في البحر الأحمر”، كانت تهدف إلى إضعاف القدرة الصاروخية والبحرية للحوثيين.

لكن الجماعة المسلحة واصلت عملياتها النوعية، وأسقطت سبع طائرات مُسيّرة من طراز MQ-9 Reaper، وقامت بإطلاق صواريخ باتجاه العمق الإسرائيلي، بما فيها هجومٌ جديدٌ استهدف مطار بن غوريون الدولي بصاروخ باليستي، ما دفع صفارات الإنذار إلى الدوي في مناطق متعددة داخل الكيان الصهيوني.

الحسابات الاستراتيجية كانت خاطئة

كشف التقرير أن الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، قد اقترح عملية مدتها 8 إلى 10 أشهر تستهدف تدمير أنظمة الدفاع الجوي الحوثية ثم تنفيذ اغتيالات مركزة ، وهو المقترح الذي دعمته السعودية وقدمت قائمة بأسماء 12 من القادة الحوثيين الذين يجب استهدافهم.

لكن النتائج لم تكن بالمستوى المتوقع. فالحوثيون عززوا مواقعهم تحت الأرض، ونقلوا مخزوناتهم من الأسلحة والمعدات، واستمروا في عملياتهم النوعية ضد الوجود العسكري الأمريكي والإسرائيلي.

فشل أجبره على الانسحاب

وبينما يحاول ترامب تسويق الانسحاب من اليمن كـ”نصر دبلوماسي”، فإن التقرير يُظهر أنه كان فراراً من الفشل العسكري، وتكثيفاً لعزلة الكيان الصهيوني في المنطقة.

وأكد تقرير الصحيفة ان الحوثيون لم يسقطوا، بل ثبتوا أنهم لاعب استراتيجي قادر على مواجهة أمريكا وإرغامها على التراجع، بينما بقي الهدف الرئيسي للعملية – وقف استهداف السفن الإسرائيلية – بعيد المنال.

الرئيس ترامب، الذي كان قد وعد بـ”نتائج سريعة”، فوجئ بأن الحوثيين ما زالوا قادرين على التحرك العسكري رغم الضربات الجوية المكثفة، وأنهم عززوا مواقعهم وتغلبوا على القصف عبر تحويل أسلحتهم ومعداتهم إلى مخابئ تحت الأرض، وهو ما بيّن مدى ضعف الحسابات الاستراتيجية التي بنيت عليها العملية الأمريكية.

وقال ترامب في تصريحاته إنه “ضرب الحوثيين بقوة”، وأبدى إعجابه بما وصفها بأنها “شجاعة كبيرة” من الجماعة، في تحول لافت في لهجة الخطاب الرئاسي. كما صرّح أن الحوثيين وعدوا بعدم استهداف السفن الأمريكية، وهو ما اعتبرته الإدارة إنجازاً دبلوماسياً.

وفي الوقت الذي أشاد فيه ترامب بـ”شجاعة الحوثيين”، ووصفهم بأنهم “تم تصديهم بقوة”، فإن الواقع يقول إن الإدارة الأمريكية خرجت من الصراع بلا نصر حقيقي، بل بعد تلويث صورة الجيش الأمريكي وقدرته على فرض السيطرة على جهة غير تقليدية مثل الحوثيين.

فعلى الرغم من تعهد الحوثيين بعدم استهداف السفن الأمريكية، لم يتوقفوا عن استهداف السفن الإسرائيلية، بل واصلوا ضرب العمق الإسرائيلي بصواريخ باليستية، آخرها استهداف مطار بن غوريون الدولي بصاروخ فرط صوتي، ما أدى إلى تفعيل صفارات الإنذار وتوقف حركة الطيران المدني.

وأشار التقرير إلى أن الحملة العسكرية الأمريكية أدت إلى استنزاف أكثر من مليار دولار خلال الشهر الأول فقط، إلى جانب خسائر بشرية مباشرة نتيجة سقوط طائرتي F/A-18 Super Hornet في البحر الأحمر، بالإضافة إلى إصابات بين الطيارين الأمريكيين، مما زاد من ضغوط البيت الأبيض لإيجاد مخرج سريع من الأزمة.

الوساطة العمانية أنقذت ترامب من الفضيحة

على الصعيد السياسي، تدخلت السلطنة العمانية كطرف وسيط وقدمت حلًا غير مباشر، حيث اقترحت إدارة ترامب وقف الضربات مقابل التزام الحوثيين بعدم استهداف السفن الأمريكية فقط، دون التزام رسمي بوقف استهداف السفن الإسرائيلية أو تعطيل الملاحة المرتبطة بها، وهو ما يُعتبر اعترافاً ضمنياً بأن الهدف الأساسي للحملة – ردع الحوثيين عن مهاجمة المصالح الإسرائيلية – لم يتحقق.

وهذا الاتفاق الجزئي أنقذ إدارة ترامب من مأزق سياسي وإستراتيجي، خاصة بعدما بدا واضحاً أن الحملة العسكرية لن تتمكن من كسر مقاومة الحوثيين أو حتى منعهم من استهداف المصالح الأمريكية والإسرائيلية بشكل كامل.

وكان ظهرت مؤشرات من داخل البنتاغون على الخلافات داخل الإدارة الأمريكية حول جدوى الحملة، حيث أعرب رئيس هيئة الأركان الجديد الجنرال دان كين عن قلقه من أن تؤدي العمليات طويلة الأمد إلى استنزاف الذخائر والاستعدادات اللازمة لمواجهة محتملة مع الصين.

كما عارض عدد من كبار مستشاري الأمن القومي تمديد العملية، مشيرين إلى أن النتائج الميدانية لم تكن كافية لتبرير التكلفة البشرية والمادية المتراكمة.

ولفت التقرير إلى أن الرئيس ترامب لم يكن يوماً مؤيداً للانخراطات العسكرية الطويلة في الشرق الأوسط، وهو ما ظهر بوضوح عندما رفض تمديد العمليات وقرر إنهاء الحملة قبل أن تتفاقم الخسائر البشرية والمادية، خاصة بعد الحادثة التي شهدت فيها حاملة الطائرات “ترومان” سقوط طائرات وحوادث خطيرة بسبب ضغوطات الحوثيين.

في الأخير، إعلان ترامب عن “النصر” على الحوثيين لم يكن إلا مخرجاً سياسياً لإنهاء عملية عسكرية باءت بالفشل، وظهر أن الهدف الأساسي منها – منع الحوثيين من استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل – لم يتحقق.

بينما تستمر الصواريخ والحرب اليمنية على الممرات البحرية والمطارات الإسرائيلية، يبدو أن ترامب لم يفز، بل تراجع أمام جماعة مسلحة غير تقليدية، وأعاد تسويق الفشل العسكري كإنجاز دبلوماسي.

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version