في تقرير حديث لمجلة يوراسيان تايمز الهندية، المتخصصة في شؤون الدفاع الدولي والسياسة العالمية، نشرت مقالا للكاتب “سوميت أهلاوات” كشف فيه أن الولايات المتحدة كانت على بعد خطوات من خسارة واحدة من أكثر طائراتها تقدماً، وهي مقاتلة “إف-35″، خلال الحملة العسكرية ضد الحوثيين في اليمن، وهو ما يُظهر مدى هشاشة التفوّق العسكري الغربي أمام الجهات غير التقليدية.
وجاء هذا التقرير بعد ساعات من اعتراف صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية بأن الحملة العسكرية التي شنها ترامب على اليمن فشلت في تحقيق أهدافها، وانتهت إلى وقف النار جاء أكثره لصالح الحوثيين.
وأشار التقرير الهندي إلى أن الطائرات الغربية التي كانت تُعتبر رمزاً لا يُقهر، أصبحت اليوم عرضة للصواريخ البسيطة والدفاعات الجوية المتحركة، حتى داخل دولة تعاني من الفقر وضعف البنية التحتية مثل اليمن.
,ذكر الكاتب أن الحوثيين استخدموا في عملياتهم الأخيرة أنظمة صواريخ أرض-جو متنقلة، وقد نجحوا في إحداث ثغرات في المنظومات الدفاعية المتقدمة، بل وفي الاقتراب من إصابة الطائرات الأمريكية الحديثة مثل إف-16 وربما حتى إف-35 الشبحية.
وأشار التقرير إلى أن سقوط طائرة مقاتلة من نوع “رافال” هندية الصنع بيد الجيش الصيني مؤخراً، وفقدان طائرتي “إف-16” أمريكيتين في أوكرانيا، يضيفان وزناً لتلك المخاوف، ويؤكدان أن الطائرات الغربية لم تعد تحمل نفس القدرة الردعية كما في الماضي.
هل لا تزال “إف-35” طائرة شبحية حقاً؟
يطرح الخبراء تساؤلات جادة حول فعالية تقنية التخفي (Stealth) في مقاتلات “إف-35″، خاصة مع تقارير عن اكتشاف الحوثيين لمسار الطائرات واستهدافها بدقة عالية، وهو أمر قد يكون له انعكاسات استراتيجية كبيرة.
وقال المحللون إن نجاح جهة غير نظامية مثل الحوثيين في تتبع هذه الطائرات يثير القلق لدى واشنطن وحلفائها، لأنه يشير إلى أن الدول الأعداء الكبرى مثل روسيا والصين، والمجهزة بأحدث أنظمة رادار ودفاعات جوية متقدمة، ستكون قادرة على اكتشاف وضرب هذه الطائرات بسهولة أكبر.
تأثير اقتصادي ودبلوماسي مباشر
لو تم إسقاط إحدى الطائرات من طراز إف-35 على يد الحوثيين، لكانت النتيجة خسارة فادحة لأمريكا ولشركة لوكهيد مارتن، ولأثّر بشكل كبير على الصفقات المستقبلية لهذه المقاتلة التي تُعد أحد أهم الصادرات الدفاعية الأمريكية، وتُقدّر بمليارات الدولارات سنوياً.
تبلغ تكلفة كل طائرة أكثر من 100 مليون دولار، وقد تم تصديرها إلى 19دولة حول العالم، بينما تفكر دول أخرى مثل الهند وتركيا والمملكة العربية السعودية في شرائها، لكن إذا فقدت هذه الطائرات هيبتها في سماء اليمن، فمن المحتمل أن يتراجع الطلب العالمي عليها.
ترامب أعلن “النصر” قبل الفضيحة
من المرجح أن السبب الحقيقي لإعلان ترامب المفاجئ عن وقف إطلاق النار مع الحوثيين، هو الخوف من تطورات قد تؤدي إلى إسقاط إحدى المقاتلات المتقدمة، وهو ما سيشكل صفعة سياسية وعسكرية لنظامه قبل الانتخابات الرئاسية القادمة.
فبينما كانت الحملة العسكرية تهدف إلى كسر الحوثيين وإعادة فتح الممرات البحرية الدولية، فإن الواقع بيّن أن الطرف الأمريكي هو الذي تعرض لضربة استراتيجية، وبدأ يفقد زخم الحشد، ليس فقط في اليمن، بل أيضاً في المنطقة بأكملها.
ختامًا: لم يعد الحديث عن التفوق الجوي الغربي مجرد مسألة تقنية أو ترسانة، بل تحول إلى اختبار حقيقي لقدرة هذه الطائرات على البقاء آمنة حتى أمام الجهات المسلحة غير النظامية.
ومن اليمن إلى أوكرانيا، ومن البحر الأحمر إلى المحيط الهندي، يتأكد أن التكنولوجيا الغربية لم تعد حصينة، وأن الحرب الحديثة بدأت تكتب فصلاً جديداً، حيث لم يعد العدو هو الدولة العظمى فقط، بل حتى من يمتلك صواريخ بسيطة وراداراً متنقلاً.