الرئيسية أخبار وتقارير ثالثة الأثافي: “حظر بحري على ميناء حيفا”.. تحدٍّ استراتيجي يهزّ أمن الكيان...

ثالثة الأثافي: “حظر بحري على ميناء حيفا”.. تحدٍّ استراتيجي يهزّ أمن الكيان الاقتصادي والأمني

حظر بحري على ميناء حيفا

أعلنت القوات المسلحة اليمنية، أمس الإثنين 19 مايو 2025، فرض حظر بحري على ميناء حيفا شمال فلسطين المحتلة على البحر الأبيض المتوسط، كرد على تصعيد كيان العدو الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة وإعلانه عملية عربات جدعون على القطاع مرتكباً عشرات المجازر التي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى خلال أقل من أسبوع.

منذ نوفمبر 2023، تواصل القوات المسلحة اليمنية عمليات الإسناد لطوفان الأقصى ضمن معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، عندما بدأت بمنع الملاحة الإسرائيلية من الإبحار في منطقة عمليات القوات اليمنية، ومع مواصلة الكيان عدوانه وحصاره على القطاع وسع اليمن عملياته البحرية لتشمل استهداف كافة السفن والشركات المتجهة إلى موانئ العدو من أي دولة كانت، هذه العمليات كانت فتاكة إلى درجة إدخال ميناء إيلات “أم الرشراش” جنوبي فلسطين المحتلة في حالة موت سريري، وأجبر إدارة الميناء على طلب مساعدة حكومية بعد انخفاض النشاط إلى الصفر بحلول منتصف 2024، حينها قدرت الخسائر المباشرة للميناء بنحو 3 مليارات دولار.

ليأتي إعلان القوات المسلحة اليمنية الأخير بتوسيع عملياته البحرية بفرض حظر على ميناء حيفا كالملح على جرح إيلات الغائر في الغدة السرطانية، فتداعيات العمليات البحرية اليمنية ألقت بظلالها على زيادة أسعار البضائع وتكاليف الشحن التي اتخذت مسارها أبعد باتجاه رأس الرجاء الصالح، إضافة لتأخير واردات استراتيجية وحيوية، فضلاً عن ارتفاع تكاليف تأمين الشحن البحري إلى أضعاف عند ارتباط الأمر بـ”إسرائيل” الكيان، لأن اليمن سيظفر بإحدى سفنه في أي وقت إن مر في منطقة عملياته.

أهمية ميناء حيفا

تعد حيفا مركز نقل ومواصلات وصناعات تكنولوجية وطاقة وسلاح، مما يجعلها مدينة إستراتيجية تؤثر على الكيان بأكمله، ويُعد ميناؤها أحد رموزها وباجتماعه مع ميناء إيلات “أم الرشراش” في الحظر اليمني، سيفقد الكيان ما نسبته 65% من إجمالي الواردات للأراضي المحتلة، وباعتبار حيفا منطقة صناعية واقتصادية كبرى، فإن تعطيل الميناء فيها كلياً أو جزئياً وتعليق شركات الشحن البحري التعامل معه سيتسبب بصدمة اقتصادية غير مسبوقة تطال معظم القطاعات الحيوية للكيان.

سينعكس انقطاع الواردات –وخاصة السلع الاستهلاكية والصناعية– على زيادات حادة في التكاليف وتضخم الأسعار، فضلاً عن بطء في حركة الصادرات الزراعية والصناعية، وسيوجب تأمين بدائل عبر موانئ عسقلان وأسدود استثمارات إضافية وتنسيق لوجستي مع الأردن ومصر وآخرين للتخفيف من الضغط الاقتصادي، ولنا عبرة في الجسر البري لحبل الأعراب الممدود للكيان بسبب انقطاع 15% من وارداته عبر إيلات “أم الرشراش”، أما اليوم نتحدث عن إضافة 50% من إجمالي الواردات للكيان.

استراتيجية الردع الاقتصادي والأمني

في الثاني والعشرين من مارس الماضي وسعت القوات المسلحة اليمنية عملياتها لتعلن مطار اللد “بن غوريون” غير آمن لحركة الملاحة الجوية، وفي الرابع من مايو الحالي نجح صاروخ فرط صوتي باختراق عدة طبقات دفاعية وسقط داخل حرم المطار، ما أدى إلى تعليق الرحلات من قبل عشرات الشركات العالمية وخسائر فورية تقدر بملايين الدولارات يومياً، لتعلن يومها القوات اليمنية فرض حصار جوي شامل على كل مطارات الكيان، ما مثل تحدياً جريئاً لمنظومة الأمن لدى كيان العدو، بل كان البداية لتوسعة الحظر البحري ليشمل ميناء بحجم ميناء حيفا.

في هذا السياق يتخذ الإسناد اليمني سياق انتقائي لأهدافه في استراتيجية ردع اقتصادي وأمني ستؤدي في النهاية إلى تضييق خيارات الكيان أمام حربة الوحشية التي لا أفق فيها لترويج انتصارات وأهداف دعائية، ولا أفق فيها بشن هجمات على اليمن لردعه عن الإسناد المستمر رغم تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بقوة أنهتها باتفاق مع اليمن، على عكس عمليات اليمن المتخذة تصاعد مدروس وبقدر محسوب وانتقاء منظم للأهداف.

اليوم تنتشر منظومات الدفاع الجوي على امتداد الطريق بين صواريخ ومسيرات اليمن والأراضي المحتلة، بما في ذلك السعودية والأردن ومصر، فضلاً عن البحر الأحمر بالقطع الحربية الأمريكية والفرنسية والبريطانية جواً وبحراً وبراً، وحتى لا ننسى تم تعزيز الدفاعات الجوية في الأراضي المحتلة بقطع إضافية لمنظومات ثاد وباتريوت الأمريكية، كل ذلك بات نداً يرى الصاروخ اليمني مصدر قلق غير مسبوق وغير عادي، فأجزاء من الثانية كافية لحسم المواجهة الجوية، ولا يتوقع إلا أن تكون معركة أدمغة هادئة بلا صليل يسمع.

حقق اليمن نجاحات سابقة في ميناء إيلات “أم الرشراش”، وهو على عتبة مفاجئة في تنفيذ الحظر الجوي على مطارات حيوية للكيان، وحينها سيكون ميناء حيفا ثالثة الأثافي للتدخل العسكري الأكثر إنسانية في التاريخ، فالنتيجة فوق طاقة تحمل كيان هش يصارع البقاء بأقنعة أكسجين تمدها حبال الناس من أمريكا والأعراب والناتو.

الإسناد اليمني وخيارات الكيان؟

بالتوظيف المثالي للقدرات والجغرافيا كسر الإسناد اليمني قيود الإمكانيات والمسافات، وبقدر نجاحه في تجريع كيان العدو من نفس كأس الحصار، سيكون إجباره للعالم المادي على الإنحناء لسماع الصوت الفلسطيني الذي ظل خافتاً على الأذن العالمية طوال أشهر من صرخات الأطفال والنساء في مذبحة غزة الكبرى، ومن أجاد استخدام مفردات كيف ومتى وأين وما بينهما يجيد أيضاً الاحتفاظ بمفاجئات خارج السياق والتوقعات.

أما الإسرائيلي بات اليوم أمام ثلاثة سيناريوهات وكلها مقدمة للزوال المحتوم، فالسيناريو الأول إيقاف العدوان والحصار تحت ضغط دولي وإكراه عالمي وتدهور سمعة الاقتصاد والعسكر وترسيخ نفسه ككيان وحشي مدان وملاحق من المحاكم الدولية، وهنا سنكون على موعد مع انهيار دراماتيكي من الداخل الإسرائيلي المتصدع والهش.

والثاني تصعيد عسكري بالاستعانة بحبل من الناس السعودي والأمريكي المحروق وماله من نتائج كارثية ليس على الكيان فقط بل على أصدقاءه في المنطقة، والسيناريو الثالث الدخول في معركة عض الأصابع طويلة ومعها يتوجب على الإسرائيلي التحمل والتظاهر بعدم التأثر فمن يصرخ أولاً هو الخاسر، وهذا السيناريو يميل للعربي المسلم صاحب الأرض والقضية وقبل ذلك الاستجابة لله تعالى مهما كانت التضحيات، أما المستوطن اليهودي فلا أرض اللبن والعسل ظلت لبن وعسل، ولا أسطورة التفوق الأمني جاءت، ولا منظومة الردع حضرت، بل تدهور أمني واقتصادي ينتهي بالهجرة والشتات.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
المحرر السياسي
المشهد اليمني الأول
22 ذو القعدة 1446هـ
20 مايو 2025م

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version