الرئيسية أخبار وتقارير المشهد الصحافي رسالة إلياس.. قاتل الصهاينة في واشنطن

رسالة إلياس.. قاتل الصهاينة في واشنطن

إلياس رودريغيرز مواطن أميركي من ولاية شيكاغو، ليس مواطنًا فلسطينيًا، ولا عربيًا، ولا مسلمًا. إلياس إنسان حر، حركت إنسانيته جريمة الإبادة الجماعية التي اقترف أفعالها ولا يزال كيان الإجرام الصهيوني بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بشراكة القوى الاستعمارية الغربية، وعدد من الأنظمة الوظيفية العربية والإسلامية.

هذه الجريمة وإن كانت مقترفة في نطاق جغرافي محدد هو قطاع غزة، وعلى أبناء الشعب الفلسطيني في القطاع، لكنها جريمة تمس الإنسانية بأسرها، وكل من لديه ضمير إنساني حي، لا بد أن يتحرك لمواجهتها، ليس في جغرافية فلسطين فحسب، ولا في الجغرافيا العربية، ولا في النطاق الأوسع وهو جغرافيا الأمة الإسلامية، بل يشمل ذلك جغرافيا الإنسانية عموماً، باعتبار أن هذه الجريمة تمس الإنسانية بأسرها، ولا تمس أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة فحسب.

الأصل أن تكون مشاعر الإنسان الحر (إلياس) تجاه الإجرام الصهيوني هذه المشاعر التي جسدتها عملية واشنطن، الأصل أن تكون هذه المشاعر شاملة النطاق الجغرافي للإنسانية بأسرها، بحيث لا يجد الصهاينة مكانًا آمنًا على أي نقطة على وجه الأرض.

عملية إلياس البطولية التي نفذها في عاصمة الإجرام العالمي واشنطن، هي رسالة للفلسطينيين وللعرب وللمسلمين وللإنسانية عموماً، حيث وقف (إلياس) حرًا عزيزًا شامخًا، لم ينتحر ولم يهرب ولم يتزحزح عن موقفه الإنساني الحر، بل انتظر الشرطة ليبلغ العالم رسالته بشكل علني واضح؛

هذه الرسالة التي مفادها أنه لا سبيل لمواجهة الإبادة الجماعية المقترفة في قطاع غزة، ومنع استمرار أفعالها وقمع ومعاقبة مقترفها وشركائها إلا بتفعيل الضمير الإنساني، باعتبار أن جريمة الصهاينة في قطاع غزة تمس الإنسانية بأسرها. وإذا كانت رسالة (إلياس) في معناها العام موجهة لضمير

الإنسانية، فإن معناها الخاص يفيد أن على الفلسطينيين والعرب والمسلمين مغادرة مواقف الذل والخنوع، ومواجهة الصهاينة بشجاعة، فمن المعيب ألا يتحرك ضمير أبناء الشعب الفلسطيني، وأبناء الأمة العربية والإسلامية عموماً وهم بالقرب من قطاع غزة.

يكفي لوقف أفعال جريمة الإبادة الجماعية أن يدرك الصهاينة المجرمون أن مشاعر الفلسطينيين والعرب والمسلمين تجاههم هي مشاعر الإنسان الحر (إلياس) الذي هتف عقب اعتقاله وأمام عدسات الكاميرات: (الحرية لفلسطين).

موقف الإنسان الحر الشجاع (إلياس) يقول للفلسطينيين خصوصاً وللعرب والمسلمين عموماً: هل ستقفون مكممي الأفواه ومكبلين الأيدي، وعاجزين اختيارياً عن الفعل المؤثر في مواجهة الصهاينة المجرمين بحق إخوانكم في قطاع غزة؟ رسالة الإنسان الحر الشجاع (إلياس) تقول للفلسطينيين وللعرب والمسلمين: ما قيمة حياتكم بلا كرامة، وبلا ضمير إنساني؟ وما قيمة وجودكم وأنتم تشاهدون صباحاً ومساءً جريمة إبادة جماعية بحق إخوانكم من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟ رسالة الإنسان الحر (إلياس) تقول: يجب لوقف أفعال الإبادة الجماعية أن يشعر كل الصهاينة بالرعب وأن حياتهم في خطر، طالما أن حياة أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة معرضة للخطر.

فهل سيكون لرسالة الإنسان الحر (إلياس) صدى لدى الفلسطينيين والعرب والمسلمين، سواء في البلدان المطبّعة أو السائرة في طريق التطبيع، أو البلدان المتخاذلة حكوماتها وشعوبها عن نصرة أبناء الشعب الفلسطيني؟ أم أنها ستستمر في خذلانها، وتسمح لحكوماتها بالتآمر والشراكة مع الكيان الصهيوني والقوى الاستعمارية الغربية في إبادة أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة،

رغم انكشاف هذه الشراكة بشكل واضح وبصور متعددة؟ وانكشاف تغطية وسائل الإعلام الناطقة بالعربية لجريمة الإبادة الجماعية من خلال استمرار ترويجها لمصطلحات وعبارات تخدم كيان الإجرام الصهيوني وشركاءه في الجريمة، كما هو الحال بالنسبة لتوصيفها للحالة في غزة بأنها حالة (حرب)، وترويجها المستمر لمصطلحات (التفاوض) و(أطراف النزاع) و(وقف إطلاق النار) وغيرها من المصطلحات والعبارات التي عملت من خلالها هذه الوسائل الإعلامية على صرف نظر الرأي العام عن جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

وفي تعليقه على حادثة واشنطن قال وزير الثقافة الصهيوني: (إن سبب الحادثة هو تشويهنا من جانب بعض السياسيين بأننا نرتكب إبادة جماعية)، وهو يشير بذلك إلى تصريحات بعض السياسيين في أمريكا وأوروبا وفي الكيان الصهيوني ذاته، عندما صرح عضو الكنيست “يائير جولان” بأن (قتل الأطفال في قطاع غزة هو ممارسة هواية).

وأكد ذلك وزير الخارجية الصهيوني في مؤتمره الصحفي عقب حادثة واشنطن بساعات بقوله: (إن سبب الحادثة التحريض والدعاية الكاذبة ضد دولة إسرائيل باقتراف إبادة جماعية، وهو نطالب زعماء العالم الذين انجرفوا وراء هذه الدعاية بالتوقف)!

والواضح أن هذه الحادثة بثت الرعب في قادة كيان الإجرام الصهيوني، وما يؤكد ذلك هو تخفيض عدد العاملين في سفارات الكيان حول العالم إلى النصف! وكما هو واضح، فقد أرجع وزير الخارجية الصهيوني سبب الحادثة إلى التحريض ضد إسرائيل باقتراف إبادة جماعية، وهو ما سبق لوسائل الإعلام الناطقة بالعربية أن عملت جاهدة على صرف الرأي العام عنها من خلال تصويرها لما جرى ويجري في قطاع غزة بأنه نزاع مسلح بين طرفين.

حيث عملت هذه الوسائل الإعلامية واسعة الانتشار بشكل حثيث على تضليل الرأي العام العربي والإسلامي والعالمي بتصويرها للحالة في غزة أنها حالة حرب، وهي قاصدة فعلاً صرف الرأي العام عن جريمة الإبادة الجماعية المقترفة في قطاع غزة من جانب الكيان الصهيوني.

ولم يكن لهذه الوسائل الإعلامية من خيار إلا التغطية على جريمة الإبادة الجماعية بوصفها وسائل مملوكة وتابعة لأنظمة وظيفية تابعة للقوى الاستعمارية الشريكة في الجريمة، وهذه الأنظمة شريكة أيضاً في الجريمة، وليس متوقعاً من هذه الوسائل الإعلامية أن تعمل على كشف شراكة الأنظمة الوظيفية التي تملكها وتمولها، وليس متوقعاً منها إلا تغطية الجريمة باستخدام مصطلحات أخرى تلطف وتسطح وتخفف من بشاعة الجريمة وأثرها على الرأي العام، الذي تجمد وتخدر بفعل تضليل هذه الوسائل الإعلامية الناطقة بالعربية.

لقد عملت هذه الوسائل الإعلامية، من خلال تضليلها للرأي العام، على توفير حالة من الأمان لتحركات الصهاينة حول العالم، ولو أنها، منذ بداية ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، غطت هذه الجريمة في تناولاتها بشكل موضوعي ومهني، لكان الصهاينة قد أصيبوا بحالة رعب ولتوقفوا عن الاستمرار في ارتكاب الجريمة.

بل لو أن وسائل الإعلام الناطقة بالعربية تجنبت التضليل للرأي العام، وتجنبت صرفه عن جريمة الإبادة الجماعية، لما تجمد الرأي العام العربي والإسلامي بهذه الصورة، ولما تحرك الصهاينة حول العالم بكل هذه الحرية! فهل ستتتحرك الشعوب العربية والإسلامية المجاورة لمسرح الجريمة في قطاع غزة؟ وهل ستغادر حالة الجمود واللاَّ فعل إلى حالة الفعل؟ خصوصًا بعد أن تحرك ضمير الإنسان الحر (إلياس)، وهو على بعد آلاف الأميال من مسرح الجريمة؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. عبد الرحمن المختار

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version