استمعت لطفلة من غزة، الدموع تترقرق في عينيها، تشهق حزنا وقهرا، أكاد أسمع خفقات قلبها وهي تتحدّث بحسرة لم نشهدها طيلة حياتنا، حسرة نحن جميعا مشاركون فيها، لا نستطيع فعل شيء، ونحن أمّة لا إله إلّا الله، التي باتت بعيدة تماما عمّا يجري في القطاع.
الطفلة الفلسطينية تقول في الفيديو.. نفسي آكل خبز، امبارح أكلنا عشب، يا إلهي.. كم طفلة فلسطينية في غزة تعاني كلّ لحظة، يالهذه الأمّة المتهالكة التي لا تجرؤ على إدخال الخبز لأهلنا هناك، الويل لنا جميعا من عذاب يوم عظيم، كيف ستكون شهادتنا بحقّ أطفال غزة يوم نكون بين يديّ الله ؟ لا أريد لتلك اللحظة أن تأتي، فأنا متآمر ومتواطيء ومتخاذل، أنا لا أساوي شيئا أمام حسرة تلك الطفلة، ورغبتها في الحصول على رغيف خبز آخر، كلّ الأمّة سمعت وما زالت تسمع قرقعة بطون الجوعى في غزة ولا تحرّك ساكنا، الويل لنا جميعا.
أجزم بأنّ الملايين من أبناء هذه الأمّة شاهدوا تلك الطفلة، وهي ليست الأولى بالطبع، فهي تلخّص واقع الحال، في وقت يستمرّ العجز العربي والإسلامي بعد أكثر من عشرين شهرا من حرب الإبادة والتجويع، وهو عجز يعادل تماما المشاركة في هذه الجريمة، نعم.. نحن مشاركون فعليا، ولا أبرّيء أحدا أبدا، فالمقاومة مازالت تدفع الضريبة واحدة تلو الأخرى، دفاعا عن كرامتنا وشرفنا، وعن أيّ كرامة وشرف تتحدّث يا محمد ؟ لا تذكر هذين المصطلحين بعد اليوم أبدا، لقد فقدا تماما، غزة كشفت عوراتنا وضعفنا المزري، غزة جعلتنا نعيش حالة من الخزي والعار.
للأسف ؛ العرب والمسلمون اعتادوا المشهد في غزة، يقول عضو الكنيست الصهيوني تسفي سوكوت ؛ العالم أصبح معتادا على قتل مئة من سكان غزة كلّ يوم دون أن يكترث أحد، ويستمر في سخريته قائلا.. في السابق كانوا يقولون بأنّ صلاة يهودي واحد في الأقصى ستشعل الشرق الأوسط، واليوم آلاف اليهود يصلّون ويرقصون ويرفعون الأعلام ولا يحدث شيء أبدا ! إطمئن يا سوكوت، فلن يحدث شيء !
قلتها مرّات عديدة في السابق ؛ بتنا مسخرة الأمم، نحن في المؤخرة، وتعلمون جميعا ماذا تعني المؤخرة، لا تصفونا بخير أمّة، نحن أبشع أمّة على وجه الأرض، نحن الأسوأ بلا منافس، لأننا لا نستطيع تأمين رغيف خبز لتلك الطفلة، في حين يعاني الملايين المسلمين من التخمة، ولكنهم في واقع الأمر جوعى.. جوعى الكرامة والشرف !
ملاحظة حول الشارع العربي..
غياب تام لهذا الشارع في مختلف الدول العربية ماعدا اليمن، القبضة الأمنية تشتدّ على كل من يناصر غزة ومقاومتها، رفع العلم الفلسطيني بات من الموبقات والكبائر، وبذلك فإنّ الموبقات السبع أصبحت ثمانيا، وزغردي يافاطمة !!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. محمد أبو بكر