في ظل حالة من الغطرسة “الإسرائيلية” غير المسبوقة وفي ظل دعم أمريكي مفتوح، يحاول نتنياهو كسبَ المعركة بأسرع وقت؛ لأَنَّه يُدرك أن المعركة إذَا طالت لن تكون لمصلحة كيان العدوّ الإسرائيلي.
بداية لا بدّ من الاعتراف بأن التفوق “الإسرائيلي” في سلاح الجو والإحاطة المعلوماتية بما فيها القدرات الاستخباراتية ساعد في تنفيذ الضربة الأولى التي حصلت في ظروف لم يكن أحد يعتقد أن اللحظة لحظة حرب؛ وبذلك حقّقت (إسرائيل) عاملَ المفاجأة الذي لم تستطع الاستفادة منه والاستثمار فيه بالشكل المطلوب، بدليل استعادة إيران لقدرات القيادة والسيطرة بعد 8 إلى 10 ساعات تلَت اغتيال قادة الأسلحة الرئيسة للجيش الإيراني وحرس الثورة الإسلامية.
الضربات الأَسَاسية كانت ما تم تنفيذه بواسطة مجموعات العملاء والكوماندوس الإسرائيلي التي نفّذت عمليات استهداف كبار الضباط ومنظومات الدفاع الجوي بواسطة المسيّرات المفخَّخة وبعض أنواع الصواريخ الدقيقة قصيرة المدى التي تم تهريبها إلى إيران على مدى شهور طويلة.
حتى اللحظة استطاع جيش العدوّ الإسرائيلي أن يُلحِقَ أضرارًا في البنية السطحية للمنشآت النووية وهو ما يمكن استعادته في سنة على الأكثر؛ ما يعني أن إمْكَانية القضاء على البرنامج النووي الإيراني أمرٌ مستبعَد وصعب؛ بسَببِ وجود البنية الأَسَاسية على أعماق بين 80 و100 متر تحت الأرض وهي أعماقٌ لا يمكنُ التأثيرُ فيها إلَّا بضربة نووية إلَّا إذَا كانت المنشآت معدَّةً لتلقي ضربات نووية وهو أمرٌ واردٌ وغيرُ مستبعَد.
في الساعات الـ 10 بعد الضربة الأولى سادت موجةٌ من الإحباط لدى محبي إيران، كما لو أن إيران انتهت ولم تعد قادرةً على فعل شيء وهو أمر حصل بنتيجة المفاجأة الحاصِلة إلى جانب عملٍ إعلامي مضاد منظَّم شاركت فيه آلافُ الأدمغة لتعميم حالة الإحباط واليأس واللوم وغيرها من الوضعيات السيئة.
ومع اللحظات الأولى لبدء إطلاق الصواريخ الإيرانية، بدأت الأمورُ تتغيَّرُ في أبعادها النفسية والعسكرية وتتحوَّلُ من اليأس إلى الفرح.
المهم الآن هو كيف سيكون مسار هذه المواجهة؟ هل نتجه إلى حربٍ طويلة أَو إلى أَيَّـام محدودة من القتال؟
من خلال بعض المصادر تتجهُ إيران للانتقال من الوضعية الدفاعية إلى الوضعية الهجومية وهو ما يتطلب سلوكًا إيرانيًّا مغايرًا عن المرحلة السابقة، وبالأخص التخلي عن نظرية الصبر الاستراتيجي والانتقال إلى مرحلة الضربات الاستراتيجية؛ فإيران تمتلك العديدَ من القدرات تتراوحُ بين إطلاق الصواريخ، وُصُـولًا حتى قطع وإغلاق الممرات البحرية.
إذا ما تطورت الأمور سنكون أمام وضعيات معقَّدة لا بل شديدة التعقيد؛ فالأمور حتى اللحظة بعد الرد الإيراني وصلت إلى مرحلة توازن الردع وهو ما يمكن أن يدفعَ الأمور نحو العودة للدبلوماسية لكن بطريقة بطيئة؛ لأَنَّ كُـلًّا من إيران والكيان الإسرائيلي لا يرغبان الآن بالتوقُّف وهو ما سيدفعُ الأمورَ نحو التصعيد أكثر خُصُوصًا إذَا ما نفَّذت إيران تهديدَها وقامت بضرب الكيان الإسرائيلي بـ 2000 صاروخ دفعة واحدة وهو ما سيجعل الأمور حينَها تختلُّ لمصلحة إيران بالنظر إلى عوامل الجغرافيا وعدد السكان، حَيثُ تساعدُ الجغرافيا الضيقة للكيان على حصر الضربات وإلحاق الكثير من الأذى بمنشآته العسكرية والمدنية إذَا ما وصلت الأمور إلى نقطة اللاعودة.