المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    إنهاء الحرب بيد طهران.. الاحتلال في مأزق والرهانات الأميركية تتهاوى

    بالنظر إلى السياق الميداني والإعلامي للعدوان المتبادل بين الجمهورية...

    ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟

    أكّد عضو في لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني،...

    عراقجي: كان من الضروري إجراء مشاورات وثيقة مع روسيا

    أكد وزير خارجية ايران عباس عراقجي أنه "كان من...

    ماذا بعد العدوان الأمريكي – “الإسرائيلي” الغادر على إيران؟

    ماذا بعد أن نفذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديده...

    تحليل سياسي اقتصادي | هل يقلب الإغلاق الإيراني لـ”مضيق هرمز” موازين الاقتصاد العالمي؟

    مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وتهديدات صريحة صدرت من طهران بإغلاق مضيق هرمز، عاد هذا الشريان البحري الحيوي إلى واجهة المشهد السياسي والاقتصادي العالمي، كواحد من أخطر “نقاط الاختناق” التي قد تجرّ العالم إلى أزمة طاقة غير مسبوقة.

    المضيق: شريان النفط العالمي

    يمر عبر مضيق هرمز يوميًا نحو 20 مليون برميل من النفط الخام، أي ما يعادل خُمس الإمدادات العالمية اليومية، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA). ويُعتبر الطريق البحري الوحيد لصادرات النفط من الدول الخليجية (السعودية، الإمارات، الكويت، العراق، قطر) إلى الأسواق العالمية، ما يجعل من هذا الممر الضيق – الذي لا تتجاوز ممراته الصالحة للملاحة عرض ميلين في كل اتجاه – شريانًا اقتصاديًا استراتيجيًا، خاصة للدول الآسيوية.

    الجغرافيا السياسية تمنح إيران ورقة ضغط

    إيران تسيطر على الجانب الشمالي من المضيق، بينما يقع الجانب الجنوبي في المياه الإقليمية لسلطنة عمان. وبحكم الجغرافيا والقدرات العسكرية، تملك طهران أدوات مؤثرة لتعطيل حركة الملاحة، ما يجعل تهديداتها أكثر من مجرد تصريحات سياسية.
    وقد سبق أن استخدمت إيران تكتيك التضييق على الملاحة في المضيق خلال الأزمات السابقة، وهو ما يرفع احتمالات تكرار ذلك في حال استمرار التصعيد العسكري.

    الأسعار تقفز والمخاوف تتصاعد

    عقب الغارات الأمريكية على منشآت نووية إيرانية، قفزت أسعار النفط العالمية بنسبة 10%، ليتجاوز خام برنت عتبة 80 دولارًا للبرميل لأول مرة منذ يناير، بحسب بيانات “Refinitiv”، في استجابة مباشرة للمخاوف من إغلاق محتمل للمضيق.

    وحذر خبراء الطاقة، من بينهم روب ثاميل، مدير الاستثمار في “تورتويز كابيتال”، من أن أي تعطيل فعلي لحركة الملاحة في مضيق هرمز قد يدفع أسعار النفط إلى حاجز 100 دولار للبرميل، ما سيعني ارتفاعًا حادًا في معدلات التضخم العالمية، وزيادة الضغط على اقتصادات الدول المستوردة للنفط.

    آسيا الأكثر تأثرًا… والولايات المتحدة أقل

    تشير بيانات EIA إلى أن 84% من النفط الخام الذي يمر عبر المضيق يتوجه نحو الأسواق الآسيوية. وحدها الصين تستورد أكثر من 5.4 مليون برميل يوميًا من خلاله، تليها الهند وكوريا الجنوبية.
    وبالمقابل، فإن الولايات المتحدة وأوروبا تستوردان نسبًا أقل نسبيًا (400-500 ألف برميل يوميًا)، ما يقلل نسبيًا من الضرر المباشر عليهما، لكنه لا يُنهي التأثير غير المباشر الناتج عن ارتفاع الأسعار عالميًا.

    رسائل إيرانية متعددة المستويات

    تصريحات حسين شريعتمداري – وهو صوت مقرب من المرشد الأعلى – بأن “الرد الإيراني قد يبدأ من هرمز”، وتصريح اللواء عبد الرحيم موسوي حول مواصلة العقاب حتى عجز “نتنياهو”، يعكس نبرة تصعيد متدرجة تجمع بين الرد العسكري والضغط الاقتصادي عبر أدوات جيوسياسية كهرمز.

    كما أن زيارة وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى موسكو تندرج في إطار البحث عن غطاء استراتيجي مع حلفاء كبار كروسيا والصين، ما يُعقّد حسابات الرد الأمريكي ويعزز مناورات طهران في قلب الممرات الاقتصادية الدولية.

    الخلاصة

    إغلاق مضيق هرمز – حتى ولو مؤقتًا – سيُعَدُّ زلزالًا اقتصاديًا وجيوسياسيًا قد يعيد رسم خريطة الطاقة العالمية.
    ورغم أن القرار الإيراني النهائي يخضع للمجلس الأعلى للأمن القومي، فإن الرسائل المتصاعدة من طهران، في ظل استمرار الاستفزازات العسكرية الأمريكية، تشير إلى أن الورقة الأقوى في يد إيران لم تُستخدم بعد.

    في حال اتخاذ هذا القرار، فلن يكون فقط ضربة للغرب، بل صفعة استراتيجية لأجندة ترامب الاقتصادية الانتخابية، كما وصفها خبراء، وقد يغير حسابات القوى الكبرى التي ظلت تراهن على استقرار الخليج كممر آمن لتدفقات الطاقة.

    spot_imgspot_img