الرئيسية زوايا وآراء ماذا بعد العدوان الأمريكي – “الإسرائيلي” الغادر على إيران؟

ماذا بعد العدوان الأمريكي – “الإسرائيلي” الغادر على إيران؟

ماذا بعد أن نفذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب تهديده بالاعتداء على إيران مستهدفا، ليل الجمعة- السبت الماضي، أهم منشآتها النووية الأساسية (فوردو ونطنز واصفهان)، بوابل من القنابل الضخمة الخارقة للتحصينات “GBU-57” وبعدد من صواريخ “التوماهوك”، عبر سرب من القاذفات الاستراتيجية “B-2” الشبحية، والمدعومة بعشرات القاذفات المقاتلة “F-35″ و”F-22” ؟؟.

في الواقع، هناك كثير من المعطيات والتساؤلات الحساسة التي فرضها هذا العدوان، تستوجب الإشارة إليها؛ وهي:

أولاً- مرة جديدة، تثبت الإدارة الأميركية أنها لا تعطي للقانون الدولي ومؤسساته أيّ قيمة، وهي تتجاوز – ساعة تجد مصلحتها وأين تجدها – القوانين والمؤسسات الدولية كلها، والتي تدعي- أي الولايات المتحدة الأمريكية- أنها شريكة أساسية في نشآتها وفي وجودها. لقد انقسم الداخل الأميركي حيال مشروعية هذا العدوان أو عدم مشروعية، وفي جدواه أو عدم جدواه، حيث اتفقت أغلب دول العالم على عدم مشروعية هذا العدوان، ووضعته ضمن مسار الخداع التاريخي الذي تشتهر به الإدارة الأميركية لتسويغ اعتداءاتها على الدول، بحجج واهية، تختلقها بكل سهولة واستهتار بالوقائع الصحيحة والفعلية.

ثانيًا- على الرغم من إدعاء الإدارة الأميركية- بشخص رئيسها ترامب- أن العدوان حقق هدفه بتدمير القدرة النووية السلمية الإيرانية بكاملها، وبتدمير النواة العسكرية لهذه القدرة، يمكن الاستنتاج من أغلب المصادر والمعطيات الجدية، سواء الإيرانية أم الدولية، وخاصة بسبب عدم ورود أي إفادة عن أي تسرب إشعاعي من أي من المنشآت المستهدفة، وبتأكيد أكثر من مصدر للحركة الضخمة لشاحنات نقل وُجدت في المواقع المستهدفة قبل تنفيذ العدوان، بأن هذا الأخير كان أشبه باستعراض إعلامي سياسي عسكري، وبأن البنية الأساسية للقدرات النووية الإيرانية، لناحية أجهزة التخصيب الحديثة أو لناحية كميات اليورانيوم المخصب بدرجة عالية، قد نقلت إلى أمكنة بعيدة وآمنة وسرية، وأن الكادر الفني والهندسي العلمي النووي الايراني، على الرغم من استشهاد بعض مهندسيه غدرًا في الاعتداءات “الإسرائيلية”، ما يزال موجودًا وقادرًا على متابعة عمله السيادي، ساعة تريد القيادة الإيرانية، وفي المكان المناسب.

ثالثًا- على الرغم من هذا العدوان الأميركي على منشآت إيران النووية، تابعت طهران وبتصاعد لافت، مناورتها الصاروخية ضد كيان الاحتلال، محدثة تدميرًا غير مسبوق وغير منتظر، في كل مدن الكيان. ومع إدخالها صواريخ جديدة ومتطورة، في دقتها وفي قدرتها التدميرية، وفي إمكاناتها الواسعة على الإفلات من أكثر منظومات الدفاع الجوي الحديثة “الإسرائيلية” والأميركية، أثبتت إيران إن قدرتها على التأثير وعلى الردع في مواجهة العدو “الإسرائيلي” تنمو وتتطور وتتوسع، وبأن هذه القدرات مستقلة تمامًا عن القدرة النووية التي استهدفها العدوان الاميركي، وهي غير مرتبطة بها بتاتًا.

انطلاقا من ذلك كله؛ وبمعزل عن المسار الديبلوماسي الذي ما يزال استئنافُه واردًا وبقوة، والذي لم ترفضه أصلاً إيران يومًا، لم يعطِ هذا العدوان الأميركي على المنشآت النووية الإيرانية أي نقطة إيجابية لمصلحة أمن كيان الاحتلال وتوازنه وموقفه، لا بل تزداد يومًا بعد يوم حال اليأس والخوف بين المستوطنين، وتضعف يومًا بعد يوم ثقة هؤلاء بمسؤوليهم وبقدرتهم على حمايتهم وعلى تثبيت وجودهم الآمن أو حمايته في الأراضي التي يحتلونها، والأهم من ذلك كله، أن هذا العدوان الأميركي قد حرر إيران من قيود منظمات دولية معنية بالطاقة الذرية أو بغيرها، لم تكن يومًا إلّا ذراعًا خبيثًا للولايات المتحدة الأمريكية وللصهاينة.

شارل أبي نادر
عميد متقاعد في الجيش اللبناني

لا يوجد تعليقات

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

Exit mobile version