أكد قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أن العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة لأكثر من 21 شهراً يمثل أبشع صور الإبادة الجماعية في العصر الحديث، مشيراً إلى أن الجرائم المرتكبة تكشف وحشية العدو الإسرائيلي، وشركائه في الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة.
وقال الحوثي في كلمة له، اليوم الخميس، إن العدو الصهيوني يستهدف بشكل متعمد مراكز الإيواء ومخيمات النازحين والمدارس، ما يؤكد أن العدو “لم يعد يكتفي بالقتل، بل بات يتفنن في وسائل الإبادة والتمثيل بالجثث وإذلال الناس”. وأضاف: “لو كانوا وحوشاً ضارية أو كلاباً مسعورة لسئموا من هذا الإجرام، لكنهم تجاوزوا كل حدود الإنسانية”.
وأشار السيد الحوثي إلى أن ما يجري في قطاع غزة يكشف حقيقة الكيان الصهيوني كعدو مجرم يتلقى دعماً كاملاً من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين، بما في ذلك الأسلحة الفتاكة والدعم اللوجستي وحتى الكلاب المدربة لنهش لحوم البشر.
وأكد أن الدعم الأمريكي والغربي للعدو الإسرائيلي لا يقتصر على السلاح، بل يمتد إلى التبرير السياسي، وتوفير الغطاء الكامل للمجازر اليومية في غزة، بما في ذلك مجازر “مصائد المساعدات”، التي قال إنها جريمة مركبة تُنفّذ بتقنية إسرائيلية وهندسة أمريكية، تراقب من خلالها الطائرات الناس وهم يتوجهون لاستلام كيس طحين ثم تقصفهم.
وشدد الحوثي على أن المؤسسات الدولية أثبتت فشلها وعجزها في وقف المجازر، داعياً الأمة الإسلامية إلى عدم الركون لهذه المؤسسات أو الرهان عليها، قائلاً: “الرهان على مؤسسات لا تمتلك قرارها هو ضياع للحق وإطالة للعدوان”.
كما ندد بالسياسات الإسرائيلية التي تستهدف المساعدات الإنسانية، مؤكداً وجود مخطط أمريكي – إسرائيلي لإنشاء ما يُعرف بـ”مصائد الموت”، حيث يتم استهداف الفلسطينيين أثناء توجههم لاستلام المساعدات الغذائية، بل وحتى بعد عودتهم بها إلى عائلاتهم. واعتبر هذا الأسلوب من أبشع أنواع الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، داعياً الدول والمؤسسات الدولية إلى تحمل مسؤولياتها والتحرك الفوري لإيقاف هذه المجازر.
وحول الأقصى والمقدسات الإسلامية، حذر الحوثي من استمرار الاقتحامات الصهيونية لباحات المسجد الأقصى، ومن التصريحات العلنية لقادة الاحتلال الذين يدعون لهدمه وبناء “الهيكل المزعوم”، مؤكداً أن التهاون مع هذا التهديد يعني فتح الطريق أمام استهداف الحرمين الشريفين في مكة والمدينة لاحقاً.
كما تطرق إلى الأوضاع في الضفة الغربية، حيث أكد تصاعد عمليات التهجير القسري التي طالت أكثر من 40 ألف فلسطيني من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، إضافة إلى التوسع في إنشاء البؤر الاستيطانية بهدف السيطرة الكاملة على المنطقة، وتقطيع أوصال المدن الفلسطينية عبر الحواجز والجدران.
وأشاد السيد الحوثي بصمود المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، مشيراً إلى أن المجاهدين تمكنوا رغم الإمكانيات المحدودة من مواجهة العدو الإسرائيلي وإفشال العديد من مخططاته، فيما فشل الكيان الصهيوني في تحقيق أي اختراق عسكري حقيقي أو استعادة أسرى له دون صفقة تبادل. كما نوه إلى النموذج الإيراني كمثال ناجح في بناء القوة والردع، والذي أجبر العدو الإسرائيلي على التراجع عن العدوان رغم الدعم الأمريكي والغربي الكبير.
وأكد أن الحل الحقيقي ليس في التفاوض أو الرهان على المؤسسات الدولية، بل في بناء القوة واعتماد معادلة الردع، ومواجهة الاحتلال بكل أشكاله، داعياً الدول العربية والإسلامية إلى اتخاذ موقف واضح من خلال المقاطعة السياسية والاقتصادية الكاملة للكيان الصهيوني، ومحاصرته دولياً.
واستنكر الحوثي مواقف بعض الأنظمة العربية التي تلتزم الصمت أو تتواطأ مع العدو، مشيراً إلى أن المجاهدين في غزة “يصمدون منذ 21 شهراً بما لا تصمد به جيوش عربية انهزمت في 6 أيام”. وأشاد بنموذج الردع الإيراني ضد العدوان الإسرائيلي، قائلاً: “تلك معادلة ردع حقيقية، أرغمت الاحتلال على التراجع”.
وفي الشأن الميداني، أعلن الحوثي عن استمرار العمليات العسكرية التي نفذتها القوات اليمنية خلال الأسبوع الماضي، والتي شملت إطلاق 10 صواريخ وطائرات مُسيَّرة استهدفت مدنًا إسرائيلية مثل يافا وبئر السبع وعسقلان وأم الرشراش، مؤكداً استمرار الحظر على الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وهو ما يشكل ضغطاً استراتيجياً على الكيان الصهيوني.
وفي ختام كلمته، دعا السيد الحوثي الشعب اليمني إلى الخروج في مظاهرات مليونية يوم السبت التالي في العاصمة صنعاء وجميع المحافظات، وذلك نصرةً للشعب الفلسطيني، وإعلاناً للثبات على الموقف الجهادي، واستعداداً للمواجهة المستمرة مع العدو الصهيوني وأدواته.