من سيخرج أولًا من قطاع غزة: حماس أم نتنياهو؟ وكيف أفشلت قيادة كتائب القسام الجديدة الشابة معظم مخططات الجيش الإسرائيلي بدهاء غير مسبوق؟
معظم المخططات الإسرائيلية التي وضع تفاصيلها بنيامين نتنياهو وحكومته النازية في قطاع غزة منذ 650 يومًا مُنيت بالفشل، رغم استخدام أقصى قدر من القوة، والحشد العسكري، وحرب الإبادة والتجويع. وسبب هذا الفشل يعود إلى أمر واحد، وهو صمود المقاومة وفصائلها، وخاصة كتائب القسام “الحمساوية” و”سرايا القدس” الذراع العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي”، والتفاف معظم أبناء القطاع حولهما.
نتنياهو المتغطرس، الذي كان يتنقل مثل “الديك الرومي” نافشًا ريشه، يبيع وهم الانتصار المطلق لمستوطنيه أربع أو خمس مرات في اليوم، بات منكمشًا مطأطئ الرأس هذه الأيام، وعلامات الإحباط والهزيمة بادية على وجهه، ويدرك أنه وداعمه في حرب الإبادة دونالد ترامب أنهما باتا مكروهين في العالم بأسره، مثلما اعترف في آخر مقابلاته لمحطة روسية.
أكثر من عام ونصف العام ونتنياهو يكرر ليلًا نهارًا عبارته المشهورة: “عندما تلقي حماس سلاحها، وترفع الرايات البيضاء استسلامًا، ستتوقف الحرب، وقد نسمح لقيادتها وكوادرها بالخروج”، ولكن “حماس” ما زالت باقية وتتوسع وتزداد قوة وصلابة، والسبب الرئيسي يعود إلى العقول الجبارة التي تجلس أمام مقعد القيادة، وتدير المعركة في ميادين القتال، وتضع الخطط الذكية، والرصد الاستخباري المتطور، والتنفيذ الدقيق والمحكم للعمليات العسكرية.
اليوم الثلاثاء اعترف الجيش الإسرائيلي بمقتل ضابط احتياط وإصابة عدة جنود آخرين، ليكون ثاني قتيل عسكري في غضون 24 ساعة، ليرتفع عدد القتلى الشمولي إلى أكثر من عشرة في أقل من عشرة أيام، مضافًا إلى ذلك تدمير العديد من دبابات “الميركافا”، وحاملات الجنود، والجرافات.
فهل تفكر هذه القوة الجبارة، التي يخرج مجاهدوها من تحت الأنقاض أو من قلب الأنفاق ليصطادوا الجنود الإسرائيليين في كمائن محكمة الإعداد، مجرد التفكير في الاستسلام، وإلقاء السلاح، ورفع الرايات البيضاء، مثلما يحلم نتنياهو ورئيس هيئة أركان جيشه الجنرال إيال زامير، الذي اعترف اليوم بأن جيشه يخوض حربًا “صعبة جدًا” في قطاع غزة، ويدفع ثمنًا باهظًا؟
هذا الصمود، وهذه المقاومة الأسطورية، وهذه الحاضنة الشعبية الداعمة بالدم والأرواح، كلها مجتمعة هي التي سترسم خريطة الشرق الأوسط الجديد، الذي لن تكون إسرائيل النازية الجديدة جزءًا منه، بعد أن جرى تمزيق القناع الديمقراطي الزائف، وظهور ملامح وجهها الحقيقي الدموي الإرهابي البشع في أقبح صوره.
نعم.. إسرائيل تقاتل على سبع جبهات، وتخسر فيها جميعًا، وخاصة على الجبهتين الأسخن، أي الجبهة الفلسطينية (الضفة والقطاع)، واليمنية التي تضم الرجال الرجال، فأمس واليوم نجحت الصواريخ الفَرط صوتية اليمنية، المُصنَّعة في بطون الجبال الشاهقة، في إصابة مطارين رئيسيين: الأول مطار اللد المغلق منذ أشهر، والثاني رامون في صحراء النقب، علاوة على الإعلان رسميًا عن إغلاق ميناء أم الرشراش (إيلات)، وقريبًا جدًا موانئ حيفا وأسدود وعسقلان.
جبهة الجنوب السوري دخلت مرحلة التسخين، والجيش الإسرائيلي في حالة طوارئ قصوى، تحسبًا لهجمات تصل إلى العمق الفلسطيني المحتل، فالأشقاء الوطنيون الشرفاء في درعا وحوران يستعدون للثأر، وإعادة الهوية العروبية الأصلية الجامعة للوطن السوري الكبير، وإفشال المؤامرة الأمريكية الصهيونية التقسيمية التطبيعية.
نجزم بأنه ليست أيام بنيامين نتنياهو هي التي باتت معدودة فقط، وإنما دولة الكيان الصهيوني أيضًا، وعندما يقول نتنياهو: “إن الأمريكيين الذين لا يريدون دعم إسرائيل، لا يدعمون أمريكا”، ويصف مايك هاكابي، سفير أمريكا الأكثر صهينة وإجرامًا من بن غفير وتابعه سموتريتش، البيان الذي أصدرته 25 دولة أوروبية برئاسة بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأستراليا، وطالب بوقف فوري لحربي التجويع والإبادة، بأنه “مثير للاشمئزاز”، فهذا يؤكد هزيمة الثنائي نتنياهو وترامب ورهطهما النازي، وانتصار الكف على المخرز.
حركة “حماس”، عندما نفذت عملية “طوفان الأقصى” الإعجازية التاريخية في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، لم يزد عدد مقاتليها عن 24 ألف مجاهد، حسب التقديرات الإسرائيلية. الآن وصل العدد إلى أكثر من ثلاثة أضعاف هذا الرقم، والأهم من ذلك أن الرهان الإسرائيلي على نفاد الذخائر ثبت فشله، فقنابل الياسين تتكاثر مثل الأرانب بإعداد هائلة، والصواريخ ما زالت تنطلق من الشمال والوسط والجنوب، وصافرات الإنذار لم تتوقف في مستوطنات ومدن غلاف غزة.
نتمنى أن يقرأ نتنياهو الجزء المتعلق بالقطاع في مذكرات شارون قبل أن يهدد بالاحتلال الكامل للقطاع مجددًا، لعله يتعظ، ويتراجع قبل فوات الأوان، لأنه سيخرج مهزومًا ومهانًا بالطريقة التي خرج بها معلمه شارون.. والأيام بيننا