المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    من جبال اليمن إلى قلب البحر الأحمر.. شعب لا يُقهر

    في زمنٍ تخلّى فيه كثيرون عن القضايا العادلة، أبى...

    “معاريف”: الشاباك يدخل ميدان الاغتيالات و”حماس” الخارج لم تعد محصنة

    كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية في تقرير تحليلي لافت للصحفي...

    موجهاً رسالة لنتنياهو.. أسير إسرائيلي في غزة: “ما أفعله الآن هو حفر قبري بيدي، لأن الوقت ينفد”

    بثّت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)،...

    “لوموند” الفرنسية: المحكمة الجنائية الدولية تحت حصار “الضغوط الغربية” لحماية “إسرائيل” من العدالة الدولية

    كشفت صحيفة لوموند الفرنسية في تحقيق استقصائي نُشر يوم الجمعة عمّا وصفته بـ“العام الأسود” للمحكمة الجنائية الدولية، مشيرة إلى أن المحكمة تعرضت خلال العام الماضي لموجة غير مسبوقة من الضغوط والتهديدات، هدفت إلى منع محاسبة مسؤولين إسرائيليين متورطين في جرائم حرب وإبادة جماعية بحق الفلسطينيين، على رأسهم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.

    وبحسب التحقيق، فإن المحكمة لم تشهد منذ تأسيسها عام 2002 تحديات مماثلة، حيث امتدت العقوبات الأمريكية لتطال أربعة قضاة والمدعي العام كريم خان شخصيًا، في إطار حملة تقودها واشنطن لإجهاض أي تحرك قضائي دولي ضد إسرائيل.

    وأكد محامون ومسؤولون داخل المحكمة أن التدخلات بلغت حد التهديد المباشر والتحريض السياسي العلني، حيث كشف المحامي البريطاني أندرو كايلي، المكلّف سابقًا بالملف الفلسطيني، أنه تلقى تهديدات واضحة بأنه “عدو لإسرائيل“، ما اضطره للاستقالة خشية التعرض لعقوبات أمريكية بعد فوز دونالد ترامب.

    وعقب إعلان كريم خان في مارس/آذار 2024 عزمه السعي لإصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت، تحركت إسرائيل بشكل محموم لحشد حلفائها ضد المحكمة، حيث تلقى خان اتصالًا غاضبًا من وزير الخارجية البريطاني آنذاك، ديفيد كاميرون، هدد فيه بانسحاب بلاده من “نظام روما الأساسي” المؤسس للمحكمة.

    كما مارس مسؤولون أمريكيون – بينهم بلينكن وسوليفان – ضغوطًا مباشرة على خان، واتهموه بـ“تهديد حياة المحتجزين الإسرائيليين وتقويض عملية السلام”، وهي لهجة وُصفت داخل المحكمة بأنها غير مسبوقة وتكشف عن حملة دولية منسقة لإجهاض العدالة الدولية حين تقترب من إسرائيل.

    ووفق وثيقة صادرة عن الاستخبارات الهولندية بتاريخ 17 يوليو/تموز 2024، فقد أصبحت المحكمة الجنائية الدولية هدفًا رئيسيًا لعمليات التجسس والتخريب الرقمي من قبل دول عدة، وعلى رأسها إسرائيل والولايات المتحدة. كما أشارت الصحيفة إلى توتر داخلي داخل مكتب المدعي العام، واتهامات بتأثير خارجي على بعض المستشارين، ما أدى إلى تآكل الثقة في إدارة الملف الفلسطيني.

    واستعرض التحقيق اجتماعًا عقد في لاهاي مطلع مايو/أيار الماضي، جمع المدعي العام كريم خان بالمحامي الجنائي الإسرائيلي نيكولاس كوفمان، والذي نقل تهديدات مباشرة إلى خان بأن الاستمرار في مذكرات التوقيف سيؤدي إلى “تدميره الشخصي وتدمير المحكمة”، كما اقترح تصنيف ملف نتنياهو “سريًا للغاية” لإتاحته للحكومة الإسرائيلية.

    بعد رفض خان الانصياع للضغوط، نشرت وول ستريت جورنال تقريرًا يتهمه بالتحرش الجنسي بإحدى الموظفات، رغم عدم وجود شكوى رسمية، وهي خطوة اعتبرها القاضي السابق كونو تارفسر “انقلابًا إداريًا ناعمًا”، يهدف إلى الإطاحة بالمدعي العام وتعليق الملف الفلسطيني.

    وبالفعل، تم تعليق مهام خان مؤقتًا، وجرى تحويل التحقيق إلى الأمم المتحدة، وسط توقعات بإصدار تقرير حاسم في سبتمبر المقبل قد يؤدي إلى عزله. وتداولت أوساط دبلوماسية غربية إمكانية تعيين امرأة من دولة “ضعيفة سياسيًا” كمدعية عامة بديلة، ما يُقرأ كمسعى غربي لضمان “مرونة سياسية” في التعامل مع ملفات تمس إسرائيل.

    وخلص تحقيق لوموند إلى أن الجنائية الدولية تواجه أخطر تهديد لشرعيتها واستقلاليتها منذ إنشائها، حيث باتت ساحة صراع بين القانون الدولي والإرادات السياسية للدول الكبرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.

    وفي وقت تتعالى فيه الشعارات عن حماية القانون الدولي وحقوق الإنسان، تغرق المحكمة في وحل الحسابات الجيوسياسية، وتدفع القضية الفلسطينية – كما المعتاد – ثمنًا باهظًا لصمت الغرب وتواطئه.

    المصـــــــــــدرلوموند الفرنسية
    spot_imgspot_img