حمّل المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية ما وصفه بـ“التجويع الممنهج” للسكان المدنيين، منتقدًا بشدة محاولات إزاحة الأونروا لصالح كيانات بديلة ذات دوافع سياسية، وعلى رأسها ما يُسمى بـ“مؤسسة غزة الإنسانية”.
وفي منشور رسمي على منصة “إكس“، قال لازاريني إن “تهميش الأونروا وإضعافها لا علاقة له بمزاعم تحويل المساعدات إلى جماعات مسلحة”، مؤكداً أن هذه الخطوة تأتي “كإجراء متعمد للضغط الجماعي ومعاقبة سكان غزة لمجرد أنهم بقوا في أرضهم”.
وأضاف المسؤول الأممي أن “ما يحدث اليوم ليس نتيجة فشل إداري، بل جزء من مخطط أوسع يسعى إلى استبدال المنظومة الأممية في غزة بمؤسسات بديلة تعمل خارج إطار الشرعية الدولية”، في إشارة واضحة إلى الخطة الإسرائيلية–الأميركية التي بدأت منذ 27 مايو/أيار، عبر تكليف “مؤسسة غزة الإنسانية” بتوزيع المساعدات بمعزل عن الأمم المتحدة.
وأكد لازاريني أن منع دخول المساعدات الإنسانية عبر الأونروا منذ أكثر من خمسة أشهر أدّى إلى تفاقم المجاعة، مشيراً إلى “مسؤولية مباشرة” للمؤسسة البديلة في وفاة ما يقرب من 1,400 فلسطيني بسبب الجوع المحض.
وفي السياق ذاته، وصف المستشار الإعلامي للأونروا، عدنان أبو حسنة، المشهد في غزة بأنه “هندسة للفوضى والجوع” تقودها سلطات الاحتلال، مؤكداً أن الفلسطينيين باتوا “يُخيرون بين الموت جوعاً، أو الموت تحت القصف أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز المساعدات”.
وحذر أبو حسنة من أن “كل القيم الإنسانية والقوانين الدولية، وعلى رأسها اتفاقية جنيف الرابعة، يتم العصف بها يوميًا في غزة”، مشددًا على أن “أي حديث عن غياب المجاعة هو تجاهل للوقائع الميدانية، وتواطؤ ضمني مع الجريمة”.
وتشير بيانات وزارة الصحة في غزة إلى أن عدد الشهداء الذين سقطوا أثناء انتظار المساعدات أو بسبب الجوع بلغ حتى مطلع أغسطس 1,422 شهيدًا، إلى جانب أكثر من 10 آلاف إصابة منذ أواخر مايو، مع تواصل المنع الكامل لدخول الإمدادات الإنسانية منذ 2 مارس/آذار الماضي.
وتأتي هذه السياسات في سياق ما بات يُعرف بالإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي أسفرت – بحسب الإحصاءات المحلية – عن أكثر من 209 آلاف شهيد وجريح، بينهم أعداد ضخمة من الأطفال والنساء، فضلًا عن أكثر من 10 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين الذين باتوا ضحية “حصار مركّب من الجوع والنار”.
نداء أممي أخير: افتحوا المعابر فورًا
في ختام تصريحاته، وجه لازاريني نداءً سياسيًا وإنسانيًا عاجلًا، قائلاً:
“لا وقت لإضاعته بعد الآن، يجب اتخاذ قرار سياسي فوري بفتح معابر غزة دون قيد أو شرط”.
ومنذ بدئها الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بالتوازي جريمة تجويع بحق فلسطينيي غزة حيث شددت إجراءاتها في 2 مارس/آذار الماضي، بإغلاق جميع المعابر أمام المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية، ما تسبب بتفشي المجاعة ووصول مؤشراتها إلى مستويات كارثية.
وخلّفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 209 آلاف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.