في وقت تتكثف فيه العمليات العسكرية للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، خرج آلاف الإسرائيليين في قلب تل أبيب ليصرخوا في وجه حكومتهم: “كفى.. أنقذوا أبناءنا قبل فوات الأوان”، بينما صرخ أسير صهيوني من غزة في رسالة مفتوحة لرئيس وزرائه: “أشعر أنني أحفر قبري بيدي.. أنتم لا تفاوضون، بل تقتلوننا ببطء”.
هذه الكلمات التي دوّى صداها في الإعلام العبري والعالمي، جاءت من أحد الأسرى الصهاينة لدى المقاومة الفلسطينية في غزة، لتكشف حجم المأساة النفسية والجسدية التي يعيشها هؤلاء المحتجزون، في ظل تجاهل حكومي تُرجم ميدانيًا بتوسيع دائرة الحرب عوضًا عن السعي لاتفاق تبادل.
وفي مؤتمر صحفي مشحون، اتّهمت عائلات الأسرى الصهاينة في غزة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو – المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – بـ”التضحية بأبنائهم خدمة لأجندة توسعية”، معتبرين أن أي توسيع للعملية العسكرية يعني عمليًا إصدار “حكم بالإعدام” على من تبقى من الأسرى.
وقالت إيناف زانغاوكر، والدة الأسير ماتان، والدموع تخنق صوتها: “لم يتبقّ من أبنائنا سوى العظام… إنهم يعيشون محرقة جديدة بفضل وزراء هذه الحكومة”. واعتبرت أن التحوّل من “استراتيجية استعادة الأسرى” إلى “استراتيجية غزو غزة” يكشف أن الحكومة تخلّت عنهم سياسيًا وإنسانيًا.
بدوره، حذر إيتزيك هورن، والد إحدى الأسيرات، من انهيار القيم التي تأسست عليها دولة الاحتلال، قائلاً: “إسرائيل تدمر الهيكل الثالث بيدها، أي وطن هذا يترك أبناءه للتعذيب؟” وشدد على أن استمرار الحرب يعمّق الفجوة مع أي حل سياسي، بل ويمحو حتى ذكرى من قُتلوا في 7 أكتوبر، وهو ما وصفه بأنه “محو للذاكرة الوطنية بالإنكار السياسي”.
المجموعة المحتجة أكدت أن الشروط التي تضعها الحكومة للتفاوض “وهمية وغير واقعية”، مطالبة باتفاق شامل لوقف العدوان مقابل إعادة جميع الأسرى. واختتمت بالقول:“لا أمل بعودة الأسرى دون انتفاضة شعبية ضد الكذب السياسي… أبناؤنا تحولوا إلى أوراق ضغط بأيدٍ لا تبحث عن خلاصهم”.
في سياق موازٍ، أعلنت العائلات أنها عقدت اجتماعًا مطوّلًا استمر ثلاث ساعات مع المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي أكد أن إطلاق سراح الأسرى “أولوية قصوى” لواشنطن، دون تقديم خطة واضحة لتحقيق ذلك. لكن العائلات عبّرت عن خيبة أمل من انحياز ويتكوف لموقف نتنياهو، معتبرة أن اللقاء جاء في إطار تسكين الغضب وليس حلّه، كما ربطت موقف المبعوث بـ“مسرحية سياسية” لتوفير غطاء أميركي لاستمرار العدوان.