في أجواء روحانية مفعمة بالمحبة والبهجة، اكتست شوارع العاصمة صنعاء والمدن اليمنية الحرة حلة خضراء وأضواءً إيمانية بهيجة، إيذاناً ببدء فعاليات الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف، التي تحوّلت إلى لوحة جامعة تعكس عمق الولاء لرسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ووحدة الحضور الرسمي والشعبي في مشهد مهيب يعكس الهوية الإيمانية للأمة.
وتنوّعت مظاهر الاحتفال بين إنارة الميادين الكبرى، التي دشّنها وزير الكهرباء والطاقة الدكتور علي سيف وأمين العاصمة الدكتور حمود عباد من ميدان السبعين، وبين المبادرات الشعبية التي اجتاحت الأحياء السكنية والشوارع والمؤسسات، حيث زيّنت المباني بالأوشحة الخضراء، وتحوّلت الجدران إلى جداريات ناطقة بالعشق المحمدي، فيما بادر الأهالي إلى تعليق الزينات وطلاء الشوارع في مشهد جماعي يعكس روح التلاحم المجتمعي.
هذه المظاهر، التي تجاوزت الطابع الرسمي إلى المبادرات الشعبية والمدرسية والثقافية، حملت رسالة بليغة بأن إحياء المولد النبوي هو إحياء للقيم التي جاء بها النبي الكريم: الرحمة، العدل، الصدق، والجهاد، وتجديد للعهد على استلهام سيرته في مواجهة التحديات التي تعصف بالأمة.
فعاليات علمائية وثقافية أكدت أن الزينة والأنوار ليست مجرد مظاهر جمالية، بل هي تجسيد للتولي الصادق والامتثال لتوجيهات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، وتعبير عن وعي الأمة بأهمية استحضار السيرة النبوية في مواجهة المؤامرات الفكرية والسياسية والثقافية التي تستهدف هويتها.
كما رأت هذه الفعاليات أن المولد النبوي بات منبراً سنوياً لتعزيز الهوية الجامعة وتحصينها من محاولات التهميش والتشويه، وفرصة لترسيخ القيم الأصيلة في نفوس الأجيال بما يفوق ما تقدمه المناهج التقليدية، مؤكدة أن هذه المناسبة تحولت إلى موسم للتربية الوجدانية، وبوصلة لإحياء الوعي الجمعي والهوية الإيمانية.
ولم تغب الأبعاد الثقافية والفنية عن المشهد، حيث امتزجت الرموز الدينية بالتعبيرات الشعبية من أناشيد وزوامل وأزياء خضراء، في ما يشبه “كرنفالاً إيمانياً” يعكس تمازج الهوية الدينية بالموروث الوطني، ويؤكد أن الشعب اليمني حوّل المناسبة إلى مساحة إبداعية مفتوحة تجسد تمسكه بجذوره الروحية والثقافية.
وهكذا، تكتمل صورة الاحتفاء في صنعاء والمدن الحرة كتعبير عن محبة راسخة وولاء متجدد لرسول الله، وتجديد للعهد على السير في نهجه ومقاومة كل التحديات، ليظل المولد النبوي محطة مضيئة في وجدان الأمة، ومناسبة سنوية تتجدد فيها أنوار العشق المحمدي في القلوب والساحات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من تقرير يحيى جابر
