المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    شركات التكنولوجيا الأمريكية.. شركاء غير معلنين في حرب غزة

    على الرغم من أن الحرب في غزة تُخاض بوسائل...

    سلاح حزب الله… منار الأمن للشعب ومثار القلق للدولة

    عاش لبنان، بحكم تاريخه السياسي والعسكري المتشابك الأطراف، في...

    إثيوبيا تدشّن سد النهضة.. إنجاز تاريخي يفاقم التوتر مع مصر والسودان

    افتتحت إثيوبيا، اليوم الثلاثاء، سد النهضة الإثيوبي الكبير، أضخم...

    الاغتيالات لا تُحدث فرقًا: “إسرائيل” عالقة في اليمن

    لا تزال عملية استهداف مجلس الوزراء في اليمن تتفاعل...

    المقاومة كائن حيّ رغم أنوف الحاقدين

    مرّ على المقاومة في لبنان وفلسطين ما يكفي من...

    في مولد خير البرية… اليمن يثبت أنه درع الأمة وقائد تحريرها

    في مولد رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، يتجدد العهد معه ولأمته بأننا على خطاه ماضون، نستلهم من سيرته العظيمة ما يعيننا على مواجهة تحديات عصرنا ومواجهة الفساد والاستبداد. وكما كان النبي المخلص للبشرية من الإفساد الأول لبني إسرائيل، فإن اليمنيين اليوم، وتحت قيادة حفيده السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، يسيرون على درب مماثل، محققين رسالة الأمة في مواجهة الإفساد المعاصر الذي يمثله الكيان الصهيوني ومرتزقته، فقد تجسدت فيهم موصفات عباد الله أولي البأس الشديد، كما تحققت في صهاينة اليوم صفات المفسدين في الأرض.

    وليس الكلام هنا شعارات أو مبالغات إنشائية، بل هو واقع ثابت وموثق في كتاب الله الكريم، حين قال سبحانه: ﴿وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة﴾. هذه الآية الكريمة لم تكن مجرد إخبار عن وقائع مستقبلية عابرة، بل كانت إعلاماً للمسلمين منذ أكثر من 1400 سنة بأن المسجد الأقصى سيُحتل من قبل اليهود، وأن رجالاً من أمة محمد، صلى الله عليه وآله، سيستعيدونه من أيديهم. ومن يتأمل في هذه النبوءة يجد أنها تحققت بالفعل، بدءاً من أحداث حرب 1967، حيث كان احتلال القدس والأقصى مشكوكاً فيه بالنسبة للكثير من الناس آنذاك، إلا أن الخبر تحقق بدقة، كما سيتحقق وعد الله بتحرير المسجد الأقصى من ذلك الاحتلال.

    واليمن اليوم يقف في قلب هذا الصراع الحضاري، ليس من منطلق مكاسب سياسية ضيقة، وإنما من أجل حماية الأمة وصون مقدساتها وكرامتها. فالضربات اليمنية المتواصلة ضد الكيان الصهيوني، هي رسالة واضحة للعالم أن الأمة لم تضعف بعد، وأن إرادة الشعوب الحرة يمكنها قلب موازين القوى مهما عظمت الهجمات المادية والإعلامية. كما أن هذه الأعمال تتوافق مع ما جاء في القرآن الكريم: ﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم﴾، فالقدرة على تغيير الواقع والاقتدار على استعادة الحقوق يمكن أن تتحقق بالصبر والعزيمة والعمل المنظم.

    وللتذكير، فإن النبوءات القرآنية عن زوال بني إسرائيل وتحرير فلسطين ستتحقق كما تحقق غيرها من النبوءات القرآنية التي صدقها الواقع بعد قرون من ذكرها في القرآن الكريم. أحد أبرز الأمثلة هو نبوءة سقوط الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية: فقد ذكر الله في القرآن الكريم عن انتصار الروم بعد هزيمتهم أمام الفرس، وكان هذا التغيير التاريخي الذي تحقق بعد سنوات قليلة من نزول الآية شاهداً على صدق الله ووعده للمؤمنين بأن القوى التي تبدو قوية قد تنقلب لصالح المظلومين.

    وكذلك ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله عن علامات الساعة، حين قال: “ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان”، قد تحققت حرفياً في هذا العصر على يد الأنظمة الخليجية العميلة. فقد صارت هذه الأنظمة، التي يظن البعض أنها حامية للشعوب، تمثل بالواقع صورة الأعراب الذين وصفهم الله في كتابه بالأشد كفراً ونفاقاً، والأبعد عن حدود ما أنزل الله على رسوله. فهم يسعون إلى التسلط على الشعوب العربية، ويتطاولون في بناء القصور والمدن الفارهة، بينما يترك معظم المواطنين في فقر وحرمان، وكأنهم رعاع على هامش الثراء والقوة، عاجزون عن حماية أنفسهم وأوطانهم.

    وكلما ازداد هؤلاء علماً، خاصة في العلوم الدينية، ازدادوا عمالة وعداءً للأمة الإسلامية، مستغلين الدين لتفريق صفوف المسلمين، ولتكفير أبناء الأمة وشرعنة استباحة دمائهم. لقد تحولت المعرفة، بدلاً من أن تكون وسيلة للنور والهداية، إلى أداة للقمع والسيطرة، إذ يستخدمونها لتبرير تحالفاتهم مع المحتل الصهيوني، ولمهاجمة كل من يقف في وجههم من أبناء الأمة. وهذا الانحراف عن الرسالة الإلهية يمتد ليشمل الجانب الأخلاقي والثقافي، حيث تُغلق الأبواب أمام أي مقاومة حقيقية للظلم، وتفرض سياسات الإذلال على الشعوب تحت شعارات براقة لا معنى لها.

    إن نهج الأمة الحقيقية، يتمثل اليوم في اليمن بقيادة السيد القائد، وفي ذلك استمرار لرسالة النبي صلى الله عليه وآله في مواجهة الفساد والظلم والاستكبار. فالوقائع التاريخية والنبوءات القرآنية والنبوية التي تحققت على مدار القرون، تؤكد أن القوة الحقيقية ليست بالمال أو بالسيطرة، بل بالثبات على الحق، والعمل المنظم، والتمسك بالقيم الإلهية. وما نراه اليوم من صمود اليمنيين ضد الصهاينة وعملائهم، هو دليل حي على أن الأمة قادرة على استعادة كرامتها ومقدساتها مهما طال الزمن، وأن الظلم مهما علا، مصيره الزوال، كما وعد الله عباده الصالحين في كتابه الكريم.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد محسن الجوهري

    spot_imgspot_img