يبدو أن النظام السوري برئاسة أحمد الشرع الجولاني، لا يملك من الأوراق أمام إسرائيل، إلا ما يمكن أن يستطيع تسويقه من دور أمام المقاومة الإسلامية في لبنان – حزب الله. وهذا ما يمكن تفسيره حول تعمد السلطات السورية زجّ اسم حزب الله كل فترة، عن نشاط له في داخل البلاد، أو حتى محاولة الجولاني التسويق الإعلامي بالقدرة على مواجهة الحزب.
ولقطع الطريق أمام نظام الشرع، من الترويج لأي مزاعم غير صحيحة قد تثير الحساسيات والفتنة بين شعبي البلدين. ولأن حزب الله هو الأحرص على سلامة ووحدة سوريا وشعبها، وخاصةً بوجه الأطماع الإسرائيلية. سارعت العلاقات الإعلامية في حزب الله لإصدار بيان تنفي فيه ما صدر عن وزارة الداخلية السورية من اتهامات. وجاء في بيان العلاقات: “تنفي العلاقات الإعلامية في حزب الله جملة وتفصيلًا ما أوردته وزارة الداخلية السورية من اتهامات بشأن انتماء عناصر جرى اعتقالهم في ريف دمشق الغربي إلى حزب الله. وتؤكد مجددًا على ما أعلنته سابقًا بأن حزب الله ليس لديه أي تواجد ولا يمارس أي نشاط على الأراضي السورية، وهو حريص كل الحرص على استقرار سوريا وأمن شعبها”.
فما هي المزاعم التي جاءت في بيان وزارة الداخلية السورية؟
وقد جاء في بيان وزارة الداخلية السورية، اليوم الخميس، أنها ألقت القبض على خلية زعمت بأنها تابعة لحزب الله، وأنها كانت تنشط في بلدتي سعسع وكناكر بريف دمشق الغربي. ونقلت البيان عن قائد الأمن الداخلي في ريف دمشق أحمد الدالاتي – الذي لم يمض على تعيينه في هذا المنصب إلا أيام قليلة، وكان متداولاً بأنه هو الشخص المسؤول عن علاقات التنسيق الأمني مع كيان الاحتلال الإسرائيلي – أنه قال “العملية تمت بعد متابعة دقيقة وعمل ميداني مكثف…وبالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة”. مدعياً بأن ما وصفها بالتحقيقات الأولية بيّنت أن عناصر الخلية الذين لم يُكشف عن عددهم، قد تلقوا تدريبات في معسكرات داخل لبنان!! (حصلت هذه التدريبات العسكرية رغم الاستباحة الجوية الإسرائيلية للبنان)، وأن العناصر كانوا يخططون لتنفيذ عمليات تهدد “أمن واستقرار المواطنين في سوريا”. وأضاف الدالاتي بأن قواته صادرت خلال العملية قواعد لإطلاق الصواريخ و19 صاروخا من طراز “غراد” وصواريخ مضادة للدروع وأسلحة فردية وكميات كبيرة من الذخائر المتنوعة. مشيراً إلى أن الملف أحيل إلى الجهات المختصة لمتابعة “الإجراءات القانونية”، بينما تواصل الأجهزة الأمنية التحقيق مع الموقوفين للكشف عن كامل الارتباطات والأهداف.
بيان الدالاتي واجتماع ديرمر بالشيباني المرتقب
يبدو أن هذا الحدث بكل تفاصيله، هو من صنيعة أجهزة الأمن في نظام الجولاني، كورقة يمكن لوزير الخارجية أسعد الشيباني طرحها خلال لقائه مع وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر هذا الأسبوع، وهو ما أفادت به هيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان) عن خبر اللقاء.
مع العلم بأنه بالرغم من كل اللقاءات التي عُقدت ولا تزال تعقد بين الكيان المؤقت وحكومة أحمد الشرع الجولاني، فإن الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا لم تتوقف، وأخر هذه الاعتداءات، ما حصل ليل الاثنين 08/09/2025، من غارات استهدفت كلية الدفاع الجوي في محيط مدينة حمص، فيما استهدفت غارات أخرى ثكنة عسكرية في منطقة سقوبين شمال مدينة اللاذقية. وذكرت وكالة الأناضول التركية أيضاً، إن سلاح الجو الإسرائيلي نفذ غارة في محيط مدينة تدمر الواقعة وسط سوريا.
وألمح الشرع مؤخراً الى دور نظامه الممكن ضد حزب الله، والذي قد يكون مباركاً أمريكياً وإسرائيلياً، حينما قال للوفد الإعلامي العربي الذي زاره مؤخراً: “بعد وصولنا إلى دمشق كان من حقنا القيام بردة فعل على حزب الله بناء على ما فعله بسوريا خلال السنوات الماضية، وهو ما كان متاحا ومباركا دوليا، لكني آثرت عدم الذهاب في هذا الاتجاه الذي قد يرحب به أغلب اللبنانيين، لكن هذا حقل ألغام والخطوة الخاطئة فيه تفجر الوضع”.
الشيخ قاسم: لا علاقة لحزب الله بالوضع الداخلي السوري
ومن المفيد التذكير، بما سبق للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن أعلنه خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة الميادين، والذي جاء فيها بأن حزب الله “لا علاقة له بالوضع الداخلي السوري بعد أن حصل هذا التطوّر في البلاد”، متمنياً للسوريين ان “يستطيعوا إقامة نظام مستقلّ مترابط تتمثّل فيه كل الجهات والقوى، وأن يكون هذا النظام في وجه إسرائيل، لأنّ إسرائيل عدو لهم كما هي عدو للكل”.
حتى أن الشيخ قاسم، ورداً على سؤال عمّا إذا كان حزب الله سينخرط داخل سوريا لمنع تطبيعها مع الكيان من خلال دعم جماعاتٍ عسكريةً ضد “إسرائيل”، أجاب بأنّ الحزب “لن ينخرط عملياً لنغيّر وجهة نظر النظام السوري، فلا علاقة لنا”، بل “نحن ضد التطبيع نظرياً”. أما سؤال إذا ما كان للحزب أي علاقة بأي مجموعة الآن ترفع شعار المقاومة في سوريا، فأجاب الشيخ قاسم بالنفي أيضاً، وقال: “لا علاقة لنا بهذه المجموعات، حتى الذين يسمون أنفسهم الآن مقاومة وأولي البأس وإلى آخره، ربّما أحبوا هذا الاسم وأحد ما سمّاه”. مضيفاً “لا علاقة لنا بالمقاومة في سوريا ولا عندنا مشروع مؤسس لمقاومة هناك”.
وتعليقاً على ما يُتداول عن إمكانية استغلال نظام الشرع ضد حزب الله، قال الشيخ قاسم في حينه: “لنا حق أن نفكر بطريقة حذرة، لأنّه تصلنا تقارير من بعض الدول الأجنبية والعربية أنّ فكرة كهذه موجودة، وأنّ هناك من يرغب في أن يكون للنظام السوري الجديد وظيفة للعبث في الوضع اللبناني”.
وأمل الشيخ قاسم في أنّ “تكون هذه التقارير مجرد أحلام أو أفكار وألاّ يكون لها تطبيق واقعي”، مؤكداً بأنه “علينا أن نبقى حذرين، وعلى لبنان أن ينتبه أن بعض الدول التي تتحدث معه بطريقة إيجابية لكنّها لا تعطي شيئاً، وفي الوقت نفسه عندهم آمال أن يستخدموا سوريا ضد لبنان”. مشيراً إلى أنّ “هناك قوى تفكر أنّه ممكن إعادة التجارب السابقة لكن بصيغة أخرى، فكما دائماً كانت سوريا مسيطرة على لبنان بطريقة معينة وتخدم أجندات أحياناً أجنبية وأجندة سوريا”. متمنياً أنّ تكون هذه الأفكار من “دون تطبيق عملي لها”، وداعياً المسؤولين اللبنانيين والقوى السياسية في لبنان إلى الانتباه إلى الذين يقولون كلاماً من غير أن “يقدموا المساعدة”.