تتواصل لليوم الثالث على التوالي التظاهرات الحاشدة في مدينة تعز، المعقل الأبرز لحزب “الإصلاح“، احتجاجاً على اغتيال مديرة صندوق النظافة والتحسين إفتهان المشهري، فيما باءت محاولات احتواء الأزمة بتسليم “قربان” جزئية بالفشل.
تجمع الآلاف أمام المجمع الحكومي وإدارة الأمن، مردّدين هتافات مطالبة بـ”محاسبة العصابات” ورفع الغطاء عن المتورطين، ومؤكدين استمرار الاعتصامات حتى تنفيذ القصاص للمتهمين الرئيسيين في الجريمة. وفي الوقت ذاته تزايدت أكوام النفايات في شوارع المدينة إثر إضراب عمال النظافة، ما أثار تحذيرات من خطر صحي وبيئي جراء تكدس القمامة.
حاول حزب “الإصلاح” احتواء الاحتقان عبر دفع قيادي محلي لتسليم نفسه، غير أن المطالبة بتسليم المتهمين الرئيسيين — نجل القيادي ونجل شقيقه — ما تزال دون استجابة، وسط أنباء عن تحصّن المتهمين في مقر اللواء 170 للدفاع الجوي، وتصاعد التوتر مع استخدام أسلحة خفيفة ومتوسطة من قبل عناصر مَن حول المقر عند محاولة تقدم قوة أمنية.
تأتي هذه التطورات في سياق تدهور أمني أوسع شهدته المدينة في الفترة الأخيرة، وتمثّل سابقة مقلقة في تاريخ البلد نظرًا لأن الضحية كانت امرأة تعمل في موقع إداري مدني، ما أضاف بُعداً مجتمعياً وأخلاقياً إلى الغضب الشعبي. ويتهم مشاركون أن دوافع الجريمة مرتبطة بنزاعات مالية على الجبايات، مع اتهامات متبادلة بدور قيادات محسوبة على أجنحة مسلحة في المدينة.
المشهد في تعز اليوم يعكس اختباراً حقيقياً لقدرة مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية على استعادة سلطة القانون وفرض الأمن، ويطرح تساؤلات حادة حول جدية الأجهزة المعنية في معالجة ظاهرة التسلط المسلح وحماية المدنيين. وفي غياب إجراءات حاسمة وسريعة، يخشى أن يمتد الإضراب ويتحوّل التململ الشعبي إلى أزمة صحية واجتماعية أوسع.