“خاص”
منذ ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962 ضد الحكم الإمامي ومنذ اعلان الجمهورية اليمنية والبلد يرزح تحت حكم الوصاية للخارج، خلا فترة حركة التصحيح بقيادة المقدم الشهيد إبراهيم الحمدي، والبردوني يقول أن الجمهورية أطيح بها في انقلاب 5 نوفمبر 1967، وتخلت القومية المصرية عن أصدقائها باتفاقية مع السعودية، والمادة (37) من دستور إنقلاب 67 تنص على أن الحزبية بجميع أشكالها محظورة، وتم ضرب الملكيين والجمهوريين لصالح “الطرف الثالث” الاعتدال السعودي بفيلق العمالة، وتم إدخال الجمهورية إلى الديوان الملكي السعودي، الذي أدخلها إلى البيت الأبيض، في طريقها إلى الكنيست الصهيوني كما صرح وزير دفاع الكيان أمس برفع الراية الصهيونية في العاصمة صنعاء.
حتى سبتمبر 2014 عاش الشعب اليمني حالةً من الظلم والبطش واستئثار عائلات بمصير وثروات الشعب واقتيادة إلى أقبية السفارات والإنبطاح، ونتيجة الإنفلات الأمني والوصاية الأمريكية قبيل الثورة المجيدة أصبح المواطن اليمني يخاف الإنتقال بين المحافظات من عصابات السرق والنهب، وتسيد المشهد الإغتيالات والتفجيرات والقتل بدمٍ بارد وصلت لقلب العاصمة بل في دماغها في وزارة الدفاع نفسها، بينما كانت الأجواء اليمنية مستباحة لطائرات التجسس والقتل الأمريكية بشكل غير مسبوق في تاريخ اليمن، وفي خيانة غير مسبوقة أقدم الأمريكي بالتعاون مع النظام السابق بحصر أسلحة الجيش وتفجير أسلحة الدفاع الجوي من بطاريات وقبضات وصواريخ عينة بسيطة من فاجعة السقوط الحر الذي عاشته البلد جغرافيا ومقدرات وإنسان.
أمام هذا الجنون جاءت ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر كحاجة ملحة لحماية مقدرات الوطن والخروج من عباءة الوصاية للخارج وتأمين المدن والمعسكرات حتى انحسرت وغابت فرق الإغتيال بضبط الانتحاريين ودحرهم وإقامة الصلح بين القبائل ووقف نزيف الدم اليمني، وتحرير مؤسسات الدولة من الوساطات والحكم العائلي.
بعد انتصار ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر 2014 بمشاركة شعبية واسعة من كل أطياف الشعب اليمني ورغم تورط خصومها بملفات دموية شهدتها اليمن في مختلف المحطات، فتحت الثورة الباب لجميع الأحزاب والشخصيات والمكونات لبناء وطن للجميع لا يستثني أحداً ولا يخضع للوصاية الخارجية على مبدأ الشراكة وكان اتفاق السلم والشراكة، وهي الثورة الوحيدة التي قامت بتنصيب خصومها في مناصب أعلى منها في سابقة ومفارقة استثنائية.
وبخلاف غيرها، وما يميز ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر كانت ثورةٌ شعبية يمنية غير مدعومة من الخارج ولاترتهن لأي نظام خارجي، ثورة شعبية بقيادة شعبية يمنية بدعمٍ كامل من القبائل اليمنية، وبذلك تحررت القبائل اليمنية من الوصاية والتكفير السعودي، وهو المتغير الاستراتيجي الذي ستقوم عليه الثورة وتواجه كل التحديات لاحقا.
فقدت السعودية وأمريكا أذرعها، وفقدت معها مشاريع التقسيم والتمزيق والنهب، وتأثر المحيط المجاور من استقلالية الثورة اليمنية، وخسرت الولايات المتحدة دولة ذات موقع جغرافي مهم تزخر بثروات هائلة في جميع المجالات، وعندما تيقنت قوى الخارج من خطى الثورة الثابتة للحرية والكرامة والاستقلال وسعيها على الاستقلال الغذائي بالزراعة والسعي لتوطين الصناعة والانفتاح على التطور في جميع المجالات، والأهم القضاء على أذرع الاستخبارات الأمريكية داعش والقاعدة ودحر وجودهم من اليمن، وسط فرار الطبقة الناهبة لخيرات البلد لعقود، كلها خطى عززت مخاوف الأمريكي بالوصول لنموذج شعبي متميز، فوصلت مخاوف الأمريكي للدرجة الفارقة، وقامت بإطلاق عدوانها على اليمن من واشنطن بتحالف أذرعها في المنطقة بقيادة المملكة السعودية لدحر الثورة وإعادة حكم الوصاية والارتزاق وأحلام التقسيم والنهب والتطويع والقتل المباح والسافر حيثما وكيفما أرادت، وانطلقت عاصفة الحزم بعدوان مارس 2015 وما زالت الثورة وقيادتها شعبيا وأمنيا وعسكريا واقتصاديا واجتماعيا إلى اليوم تتصدى ببسالة لمحاولات الإخضاع بالقوة العسكرية القاهرة وبعصا قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، بل وتتقدم صفوف العرب والمسلمين للمشاركة في معركة إسناد قضية العرب والمسلمين في فلسطين وقطاع غزة في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس.
وثورة 21 سبتمبر أخرجت صرخات نتنياهو مبكراً “يجب إيقاف المد الثوري في اليمن” واليوم تخرج صرخات وزير دفاعها من شعار الموت لأمريكا وإسرائيل، وأكثر من ذلك نقول أن الجمهورية اليمنية هي جمهورية الموت لأمريكا عدوة الإنسانية، جمهورية إستقلال وحرية وكرامة، لا جمهورية موز وانبطاح ووصاية وفساد، جمهورية دين الرحمة للعالمين، لا دين أدعياء الاسلام بالفتن والذبح والقتل ونبش القبور وهدم اضرحة أولياء الله الصالحين والتفرقة والتعصب الوهابي والاخواني، جمهورية يدٌ تحمي ويدٌ تبني برؤية الشهيدين إبراهيم الحمدي وصالح الصماد، جمهورية الدولة والمؤسسات والقضاء العادل والدولة هي مظلة جميع الشعب اليمني بالحقوق والواجبات، جمهورية الأمن والأمان والاستقرار والاطمئنان للشعب اليمني داخل وخارج الوطن ومن كل الألوان والأطياف باستثناء جملكية الطرشان والعميان والمطبلون والمُزمِّرون والراقصون بالأربع في زفة الشيطان النجدي وأولياءه من الصهاينة والامريكان “قاعدة عامة” أسفلها الرقص في شارع الهرم وأعلاها مجالسة نتنياهو الكيان والتصفيق لغاراته، وصنعاء عربية مسلمة قرآنية شامخة منتصرة إلى يوم القيامة، وأضغاث أحلام الصهاينة كانت أشد قبل الثورة، ومع ذلك سُحقت في ساعات، بل أن أماني بني صهيون بإسرائيل الكبرى ستتحول إلى كوابيس في منامات الصحو على إنذارات وصرخات وشعار الأنصار في عقر يافا المحتلة، وما ذلك على الله بعزيز.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحرر السياسي
المشهد اليمني الأول
٢٨ ربيع الأول ١٤٤٧ هـ
21 سبتمبر 2025م