المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    كرامة الشعوب أم العقوبات الاقتصادية؟

    بسبب الضغوط الصهيونية توقفت قناة الجزيرة عن بث المشاهد...

    ناصر قنديل: خطة ترامب ونتنياهو لاستمرار الحرب

    تضمّن المؤتمر الصحافي المشترك للرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس...

    أمريكا تدفع بالأدوات كدروع بشرية في مواجهة اليمن

    جهود مكثفة تبذلها واشنطن لمحاولة إيقاف الإسناد اليمني لغزة،...

    اعتذار إسرائيلي مذلّ وخطة أمريكية مشبوهة.. والمقاومة: لن نساوم على الحرية وتقرير المصير

    في سابقة تعكس عمق المأزق الذي وصلت إليه دولة الاحتلال، اضطر رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو لتقديم اعتذار رسمي ومهين إلى دولة قطر بعد العدوان الذي شنّه سلاح الجو الإسرائيلي على العاصمة الدوحة، والذي أسفر عن استشهاد ضابط أمن قطري وعدد من أفراد حماس وانتهاك صارخ لسيادة دولة عربية ذات سيادة.

    الاتصال الثلاثي الذي جمع نتنياهو برئيس الوزراء القطري والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم يكن مجرد إجراء دبلوماسي، بل جاء تحت ضغط أمريكي ثقيل، كشرط أساسي لاستمرار الدور القطري في المفاوضات المتعلقة بوقف الحرب على غزة.

    هذا الاعتذار، الذي وصفته وسائل إعلام عبرية بأنه “غير مألوف ومحرج”، كشف عن تراجع غير مسبوق في هيبة الكيان الصهيوني، وأكد أن موازين القوة بدأت تميل لصالح محور المقاومة الذي فرض شروطه ميدانيًا وسياسيًا بعد عامين من الحرب الوحشية على غزة.

    صدمة داخل الكيان وانقسام سياسي عميق

    الخطوة التي أقدم عليها نتنياهو أشعلت عاصفة غضب غير مسبوقة في الداخل الإسرائيلي، إذ وصفها رموز اليمين المتطرف بـ”العار” و”الإهانة الوطنية”. الوزير إيتمار بن غفير هاجم رئيس حكومته بعنف، معتبرًا أن الاعتذار “طعنة في الظهر” وأن قطر “دولة تموّل الإرهاب” – في إشارة إلى دعمها للمقاومة الفلسطينية.

    أما أفيغدور ليبرمان، فاتهم نتنياهو بأنه “يعتذر للأعداء ولا يعتذر لشعبه عن مجازر 7 أكتوبر وفشله في حماية الإسرائيليين”، في حين وصف الصحفي أميت سيغال الاعتذار بأنه “مقزز ومثير للاشمئزاز”، ووصفت قناة عبرية نتنياهو بأنه “أرنب مذعور”.

    هذا الانقسام الداخلي كشف عن عمق الأزمة التي تعصف بالمؤسسة السياسية في الكيان، حيث يجد الاحتلال نفسه مضطرًا إلى التراجع والانحناء أمام شروط دول عربية ومطالب المقاومة بعد أن كان يفرض إرادته بالقوة.

    واشنطن تضغط… و”خطة ترامب” لإخضاع غزة

    في ظل الانهيار الميداني الإسرائيلي في غزة وفشل كل محاولات كسر إرادة المقاومة، دفعت الإدارة الأمريكية بوجه جديد لما يسمى “صفقة القرن”، في محاولة لفرض تسوية سياسية مشبوهة تخدم المصالح الإسرائيلية.

    الخطة التي أعلنها ترامب تهدف – بحسب زعمه – إلى “السلام الدائم” في الشرق الأوسط، لكنها في جوهرها تسعى إلى نزع سلاح المقاومة وتجريد غزة من قوتها الدفاعية، عبر مجموعة من البنود أبرزها:

    • وقف الحرب مقابل تسليم الأسرى خلال 72 ساعة.
    • الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل رهائن إسرائيليين.
    • نزع سلاح الفصائل وتدمير الأنفاق تحت إشراف دولي.
    • إدارة غزة من قبل لجنة “تكنوقراطية” بإشراف أمريكي-إسرائيلي دون مشاركة حماس أو السلطة.
    • تحويل القطاع إلى منطقة اقتصادية بإدارة دولية لدمجها في المنظومة الإسرائيلية الجديدة.

    ورغم محاولات واشنطن تقديم الخطة كحل سياسي، إلا أن مضمونها يكشف عن مسعى لفرض وصاية دولية على غزة وتفريغ المقاومة من مضمونها، وتهيئة الأرضية لمرحلة “سلام إجباري” يخدم أمن إسرائيل فقط.

    موقف المقاومة: لا تنازل عن السلاح ولا تفريط في الحقوق

    رد حركة حماس جاء حاسمًا وقاطعًا. فقد أكد القيادي محمود مرداوي أن الخطة “لم تصل إلى أي طرف فلسطيني ولم يتم التشاور بشأنها”، مشددًا على أن سلاح المقاومة ليس عدوانًا بل وسيلة للتحرر والاستقلال.

    وأضاف أن أي مقترح لا يتضمن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وحمايته من المجازر لن يُقبل، وأن المقاومة لن تسمح بتحويل نضالها إلى ورقة تفاوضية في مشروع أمريكي-إسرائيلي.

    هذا الموقف يعكس ثبات الموقف الفلسطيني وتمسكه بخيار المقاومة كطريق وحيد لانتزاع الحقوق، مقابل مشاريع الاستسلام والتطبيع التي تُحاك في غرف البيت الأبيض وتل أبيب.

    الخلاصة: من اعتذار مذلّ إلى صفقة إذعان… لكن المقاومة بالمرصاد

    اعتذار نتنياهو لقطر ليس مجرد حادثة دبلوماسية عابرة، بل هو دليل على تآكل قوة الردع الإسرائيلية وتراجع نفوذها في المنطقة، وإشارة واضحة إلى أن الكيان لم يعد قادرًا على فرض إرادته كما كان يفعل في السابق.

    أما “خطة ترامب“، فهي في جوهرها محاولة لفرض الهزيمة على الفلسطينيين عبر أدوات سياسية واقتصادية بعد أن فشلت آلة الحرب في كسر إرادتهم.

    لكن التاريخ أثبت أن الشعب الفلسطيني لا يساوم على حريته، ولا يقايض حقه في العودة والاستقلال بأي مشاريع مشبوهة، وأن المقاومة التي صمدت أمام أعتى آلة عسكرية في المنطقة لن تسمح بتمرير “سلام مزيف” يكرّس الاحتلال بدلًا من إنهائه.

    وفي الوقت الذي تتهاوى فيه أوراق القوة الإسرائيلية وتتعرى فيه المشاريع الأمريكية، يبقى خيار المقاومة هو الطريق الوحيد لتحرير الأرض وبناء مستقبل فلسطيني حرّ ومستقل، مهما كانت التضحيات.

    spot_imgspot_img