في أول انتهاك واضح لاتفاق وقف إطلاق النار الذي أُبرم ضمن المرحلة الأولى من خطة ترامب للسلام، شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، صباح الثلاثاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة في قطاع غزة، أسفرت عن استشهاد ما لا يقل عن ستة فلسطينيين وإصابة آخرين، في مشهد أعاد أجواء الحرب رغم مرور خمسة أيام فقط على سريان الهدنة.
وأكدت مصادر طبية في مستشفى المعمداني استشهاد خمسة مواطنين على الأقل جراء إطلاق نيران من طائرات مسيّرة إسرائيلية من طراز كوادكوبتر على مجموعة من المدنيين أثناء تفقدهم منازلهم المدمّرة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة. كما استُشهد مواطن سادس شرق خان يونس إثر استهداف مماثل من طائرة مسيّرة، بينما أصيب عدد آخر في مناطق متفرقة من القطاع.
وفي شمال القطاع، أفاد شهود ومصادر طبية أن جيش الاحتلال أطلق النار بكثافة تجاه المدنيين في جباليا ورفح، فيما حلّقت طائرات استطلاع مسيّرة على ارتفاع منخفض فوق أحياء سكنية، في خرق مباشر لبنود الاتفاق الذي نص على وقف شامل للأعمال العدائية وانسحاب القوات إلى ما يسمى بـ“الخط الأصفر”.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال إن إطلاق النار جاء “لإزالة تهديد بعد رصد مشبوهين”، زاعمًا أن المستهدفين “اقتربوا من منطقة عسكرية” رغم التحذيرات، وهو تبرير وصفته المقاومة بأنه غطاء سياسي لجرائم جديدة ضد المدنيين العُزّل.
من جهته، اتهم الناطق باسم حركة حماس، حازم قاسم، الاحتلال بارتكاب انتهاك صارخ للاتفاق، مؤكدًا أن ما حدث “يُعد جريمة جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال“، داعيًا الوسطاء إلى “تحمّل مسؤولياتهم وعدم السماح لإسرائيل بالتنصل من التزاماتها أمام المجتمع الدولي”.
في المقابل، تتواصل عمليات الدفاع المدني في انتشال جثامين الشهداء من تحت الأنقاض، إذ أعلن المتحدث باسم الدفاع المدني، محمد بصل، أنه تم انتشال أكثر من 250 جثمانًا منذ وقف الحرب، في حين لا يزال أكثر من 10 آلاف شخص مفقودين تحت الركام وسط نقص حاد في المعدات الثقيلة. وأوضح بصل أن مخلفات الحرب والمواد المتفجرة المنتشرة في أنحاء القطاع تشكّل خطرًا داهمًا على حياة المدنيين.
ووفق وزارة الصحة في غزة، فقد ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 67,869 شهيدًا و170,105 مصابين، معظمهم من النساء والأطفال.
ويرى مراقبون أن هذه الغارات تمثل اختبارًا مبكرًا لفشل الاحتلال الإسرائيلي في الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار، وتؤشر إلى نيتها العودة إلى التصعيد العسكري رغم التعهدات الأمريكية التي أطلقها ترامب في قمة شرم الشيخ بأن الاتفاق “سيصمد“.
في ظل هذا التصعيد، تبقى الهدنة الهشّة مهددة بالانهيار الكامل، فيما تؤكد المقاومة الفلسطينية أنها في حالة استنفار دائم، وأنها لن تسمح للعدو بفرض معادلة الدم مجددًا تحت غطاء الهدنة أو الاتفاقات السياسية.
