في خطوة وُصفت بأنها أول تراجع عملي عن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، قررت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، إغلاق معبر رفح وتقليص إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، بذريعة عدم استلام جميع جثامين القتلى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية حماس.
وقالت قناة 13 العبرية إن القيادة السياسية للاحتلال تبنّت توصيات أجهزتها الأمنية بعدم فتح المعبر غداً الأربعاء، واعتبرت أن “تل أبيب” ترى في تأخير تسليم الجثامين “إخلالاً جزئياً بالاتفاق”. فيما نقلت صحيفة معاريف عن مسؤول أمني أن الاتفاق لم يحدد عدداً دقيقاً للجثامين التي ستسلمها المقاومة، موضحاً أن المقاومة سلّمت حتى الآن 4 جثث عبر الصليب الأحمر التزاماً ببنود المرحلة الأولى من الاتفاق.
وأكدت صحيفة جيروزاليم بوست أن حماس أبلغت الوسطاء بأنها ستسلم 4 جثامين أخرى مساء اليوم عند الساعة العاشرة ليلاً بالتوقيت المحلي، مشيرة إلى أن العملية ستتم تحت إشراف إنساني ووسط إجراءات أمنية مشددة.
من جانبها، زعمت صحيفة هآرتس أن جيش الإحتلال الإسرائيلي “يملك معلومات عن عدد أكبر من الجثامين” وأن الحكومة لم تحسم بعد ما إذا كان تأخير التسليم يمثل خرقاً للاتفاق أم تأخيراً فنياً، فيما نقل موقع أكسيوس الأمريكي عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن “حماس أدركت أن مطلب إعادة الجثث أكثر صرامة مما توقعت”، مؤكداً أن واشنطن تتابع التطورات “عن كثب” عبر مبعوثها الخاص ستيف ويتكوف.
وفي السياق، حذّر مسؤول سياسي إسرائيلي عبر صحيفة “يديعوت أحرونوت” من أن عدم تسليم جميع الجثامين قد يؤدي إلى إفشال الاتفاق برمّته، في حين واصلت عائلات الأسرى الصهاينة الضغط على حكومتهم للمطالبة بإعادة كافة الجثامين، وأرسلت رسالة عاجلة إلى المبعوث الأمريكي لحثّه على التدخل.
وبحسب بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي أُعلن في قمة شرم الشيخ، فإن المقاومة الفلسطينية ستسلم جثامين 28 أسيراً إسرائيلياً مقابل إفراج الاحتلال عن جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا خلال الحرب، على أن يتم ذلك تحت إشراف لجنة دولية يشرف عليها الصليب الأحمر.
من جهته، أوضح المتحدث باسم الصليب الأحمر الدولي كريستيان كاردون أن عملية استعادة الجثامين “تمثل تحدياً هائلاً نظراً للدمار الواسع في القطاع”، مشيراً إلى أن “احتمال العثور على بعض الجثامين بات ضعيفاً بسبب طبيعة القصف الإسرائيلي الكثيف”.
وتشير تقارير عبرية وغربية إلى تشكيل قوة مهام متعددة الجنسيات لتحديد مواقع دفن القتلى الصهاينة داخل غزة، وهي خطوة يرى مراقبون أنها تكشف حجم الإرباك داخل منظومة الاحتلال بعد أن فشلت في تحديد مصير قتلاها طوال فترة الحرب.
ويأتي قرار الاحتلال الإسرائيلي في وقتٍ حرج، إذ تخشى الأوساط الدولية من أن يؤدي إغلاق معبر رفح وتقليص المساعدات إلى تفجير الاتفاق الهشّ الذي رعته الولايات المتحدة ووقعته كل من مصر وقطر وتركيا، ما قد يُعيد المنطقة إلى مربع التصعيد مجدداً.