المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    رئيس أركان الأنصار شهيداً على طريق القدس

    رئيس أركان الأنصار القائد الجهادي الكبير محمد عبدالكريم الغماري...

    اللواء الركن “محمد عبدالكريم الغماري”.. عقل اليمن العسكري وقائد “الفتح الموعود” الذي ارتقى على طريق القدس

    اللواء الركن محمد عبد الكريم الغماري (مواليد 1983م — مديرية المدان، محافظة عمران) قامة وطنية وإيمانية امتزجت فيها الروح القرآنية بالبراعة العسكرية، وكان طوال حياته نموذجًا للقيادة الميدانية والإيمان العملي. نشأ في أسرة كريمة معروفة بالالتزام الديني والقيم الإيمانية، فترعرع على مبادئ الثبات والوفاء، وكان من أوائل المجاهدين في العاصمة صنعاء منذ انطلاق المشروع القرآني عام 2002م حيث رفع شعار التكبير وساهم بنشاط واضح في الأعمال التوعوية المناهضة للمشروع الأمريكي وسياساته الظالمة تجاه الأمة.

    تعرضَ الشهيد لامتحانات قاسية في سنواته المبكرة، فقد اعتقل عام 2004م في سجون السلطة الظالمة خلال الحرب الأولى على صعدة، واجتاز محنة السجن والتعذيب حتى الإفراج عنه بعد الحرب الثالثة عام 2006م، ثم شارك في مواجهة العدوان على صعدة عام 2007م، تلك السنوات صقلت معادن الرجال وصنعت قائدًا لا يلين في وجه الظلم والعدوان.

    بُعيد خروجه من المعتقل كان من المؤسسين لقطاع التصنيع العسكري في اليمن، ومن رواد تطوير الإنتاج الحربي المحلي؛ عمله في هذا المضمار لم يقتصر على الجانب الصناعي فحسب، بل شكّل ركيزة أساسية لرفع جاهزية التشكيلات العسكرية وتمكينها من مقارعة العدوان بأدوات وطنية. مع اندلاع العدوان الأمريكي–السعودي على اليمن تولى مسؤوليات ميدانية حاسمة فـقاد الجبهات الحدودية في بدايات المواجهة، وأثبت قدرة استثنائية في التخطيط وإدارة المعارك وتوظيف الموارد في مواقع الشدة.

    بتقدير لقدراته ومعرفته تراكمت المسؤوليات فـعين رئيسًا لهيئة الأركان العامة عام 2016م بقرار من قيادة الدولة، حيث وجه المؤسسة العسكرية نحو تنظيم جديد واعتماد مناهج مبتكرة في القتال والإسناد، فأشرف على إعادة هيكلة ووضع خطط تشغيلية برية وبحرية وجوية، وصاغ تكتيكات هجومية واسعة أفضت إلى عمليات تحرير لمناطق محتلة ومهّدت لمسارات غير مسبوقة في مواجهة العدو.

    على الصعيد الإقليمي تصدّر الشهيد الغماري قيادة عمليات الإسناد اليمني للشعب الفلسطيني في ما سُمّي بـ”معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”؛ فكان من مهندسي دمج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة والزوارق البحرية ضمن منظومة عملياتية متكاملة مكنت اليمن من توسيع مساحة الفعل إلى الممرات البحرية الاستراتيجية، وأجبرت الخصوم على إعادة حساباتهم العسكرية والسياسية. إنجازاته العملياتية لم تقتصر على ضربات مؤثرة فحسب، بل رسّخت معادلة ردع أجبرت قوى إقليمية ودولية على احتواء آثارها.

    طوال مسيرته اتسم الغماري بـ” الوعي القرآني، والمعرفة الميدانية، والخبرة المتراكمة“؛ صفات أنتجت قادة من طرازه داخل المؤسسة العسكرية، وخلقت منه ركنًا لا يمكن تجاوزه في معادلة الدفاع والإسناد. بقي ملتزمًا بمسار طويل من العمل والجهاد حتى ارتقى شهيدًا وهو يؤدي واجبه في ميدان المهمة المقدسة إثر غارة للعدوان الأمريكي–الإسرائيلي، وكان من بين الشهداء ابنه الصغير الشهيد حسين (13 عامًا) وعدد من رفاقه، مشهدٌ يختزل معنى التضحية والإيثار فيختتم حياة قائد عاش مكرّسًا لقضية الأمة.

    لا يمكن اختزال إرثه في إنجازات عسكرية تقنية فحسب؛ فالغُمارِي ترك إرثًا قياديًا وإيمانيًا؛ منظومةً من القيم والتنظيم والعمل المتواصل التي “لا تنتهي باستشهاد قائد عظيم بل هي مسار تتلقفه الأجيال”، قافلة رجالها لن تتوقف إلا بتوقف الحياة. لقد كان رمزًا للالتزام والإيثار والقدرة على الابتكار في شروط الحصار والعدوان، وسيبقى اسمه مرجعًا في ذاكرة المؤسسة والشعب لما مثّله من صمود وعطاء على طريق القدس.

    spot_imgspot_img