المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    يديعوت أحرونوت: انهيار الملاحة الإسرائيلية بقرار يمني

    كشفت صحيفة “معاريف” العبرية عن انهيار شبه كامل في...

    مخاوف الكيان.. ستتعاظم

    ما يخشاه الكَيانُ في المستقبل هو ما سيجري بالضبط -بل وأكثر مما يتوقّعُه الكَيانُ الصهيوني- بعد معركةٍ مصيريةٍ كانت أشدَّ ضراوةً، واستمرّت على مدى عامَينِ من الالتحام المباشر مع القوات المسلحة اليمنية في البحر والجو.

    في هذه المرحلة، برزت معطياتٌ جديدةٌ تُقلق الكيان الصهيوني، خَاصَّةً إذَا استأنف عدوانه الهمجي على قطاع غزة.

    وهذه المخاوفُ ذاتُها هي التي تُعجِّلُ بزوال كَيانه المؤقّت.

    لطالما كانت القواتُ المسلحةُ اليمنية، خلال عامين من المواجهة مع الكيان الصهيوني وشريكه الأمريكي في الامتداد البحري، نموذجًا تاريخيًّا جسّدت فيه عنفوان الصمود والثبات، وشجاعة التحدي اليمني على أرض الواقع، الذي يُعدّ الاختبار الحقيقي للقوة والإرادَة والحكمة معًا.

    ففي قلب هذه المواجهة المباشرة والملحمية ضد الكيان الصهيوني، أظهرت القوات المسلحة اليمنية معنى الإرادَة الحقيقية، التي شملت السيطرة المتكاملة على البحر والجو من أقصاه إلى أقصاه.

    ولم تأتِ هذه الإرادَة اليمنية في ضوءٍ هامشي، بل نتجت عن دراسة استراتيجية محكمة ومحنّكة في اختيار الأهداف المناسبة، وتحويلها إلى نقاط ضعف أرهقت كيان الاحتلال، رغم الدعم الغربي والأمريكي المقدّم له.

    فالقرارات المحنّكة التي اتخذتها “القيادة اليمنية” نحو الأهداف الاستراتيجية -بدءًا من الخليج ومضيق باب المندب، ثم وُصُـولًا إلى البحر الأحمر وامتدادًا إلى البحر العربي- شكّلت تحولًا “جيواقتصاديًّا” نجح في تحويل هذه الأهداف إلى أوراق ضغط فاعلة.

    وقد أَدَّى ذلك إلى حظر ملاحة الكيان الصهيوني في الامتداد البحري كاملًا، فلم تعد هذه الخطوات مُجَـرّد عائقٍ، بل أصبحت معضلةً قطعت الشريان الاقتصادي العالمي للكيان ولمن يسانده.

    إن “القيادة اليمنية المحنّكة”، التي عملت على خنق الكيان الصهيوني وداعميه في المعابر البحرية، لم تكتفِ بذلك، بل امتدّت عملياتها لتشمل الموانئ أَيْـضًا.

    ومن أبرز هذه الموانئ لدى الكيان ميناء إيلات، الذي توقفت حركته تمامًا طوال العامين الماضيين، ما شكّل قفزة استراتيجية تحولت إلى كابوسٍ يقطع أحلام الكيان.

    فهجمات القوات المسلحة اليمنية لم تكن سوى حلقة البداية؛ إذ لم يقتصر أداؤها على استهداف المعابر والموانئ فحسب، بل امتدّ إلى العمق الإسرائيلي، حَيثُ حوّلت مدنًا مثل يافا وعسقلان ورامون والنقب وعكّا إلى أهداف تحت مجهر ومرمى نيرانها.

    وقد برزت هذه القوات خلال المواجهة كلاعب إقليمي قلب موازين القوى التقليدية رأسًا على عقب، وحوّلها إلى فشل وهزيمة.

    كما أن الحظر اليمني السابق، الذي طوّق البحر والموانئ في وجه الكيان، لم يقتصر على ذلك فحسب، بل امتدّ ليشمل الملاحة الجوية أَيْـضًا، حَيثُ طوّقت الهجمات مطارات الكيان، لا سِـيَّـما مطار اللُّــدّ الاستراتيجي.

    وقد تسبّب ذلك في اندلاع أزمة اقتصادية عميقة، دفعت شركات الطيران العالمية إلى التوقّف عن الهبوط فيه، نظرًا لتراجعه كسوق تجاري واستثماري آمن.

    وقد عزّز ذلك ضغوطًا كبيرةً أَدَّت إلى هروب رؤوس أموال ضخمة إلى دول تتميّز بالاستقرار والحرية.

    كذلك، كشفت “القوات المسلحة اليمنية” خلال هذه المواجهة الملحمية هشاشة ومحدودية منظومات الدفاع الإسرائيلية، بل وحتى منظومات حلفائها الداعمين -أمريكا ودول الغرب- التي طالما تغنّى بها كيان الاحتلال؛ باعتبَارها الأحدث والأقوى، ولا تُقهَر في أي مواجهة وجودية.

    لكنّ الأحداث كشفت أقنعة الخداع التي روج لها الكيان لعقودٍ طويلة، وادّعى من خلالها أنه قوة لا تُقهَر.

    وهنا يبرز تساؤلٌ جوهري: كيف لكيانٍ ادّعى امتلاك قوةٍ لا تُقهَر، وروّج عبر سرديات إعلامية لعقودٍ لرفع مستوى هذه القوة الهشّة، واتخذ مشروعًا يهدف إلى فرض سيطرته الكاملة على ما يسمّيه “الشرق الأوسط الجديد” -وفي مقدمته فلسطين المحتلّة- أن يتحَرّك اليوم دون إدراكٍ للعواقب والتحديات والمخاطر التي سيواجهها، والتي ستُظهر هشاشته على مستوى المنطقة بأكملها؟

    ناهيك عن ذلك، فلنطرح سؤالًا آخر: ماذا لو استأنف كيان الاحتلال عدوانه على غزة، أَو استمر في “خروقاته المتكرّرة”؟ ما النتيجةُ التي ستظهرُ في الصعيدَين العسكري والشعبي من قبل جبهة الإسناد اليمنية لغزة؟

    فاليوم، باتت جبهة الإسناد اليمنية تمتلك اليد الطولى، ولم يعد أداؤها مقتصرًا على استهداف المنشآت الحيوية الاستراتيجية المركزية والفرعية فحسب، بل يشمل أَيْـضًا الامتداد البحري والجوي.

    كما أن جبهة “الإسناد اليمنية”، في خضم هذه الأحداث المتسارعة والمرتقبة في ظل الخروقات الإسرائيلية المتكرّرة بعد الاتّفاق الذي تم بين المقاومة الفلسطينية (حماس) وكيان الاحتلال، برعاية أمريكية ومصرية – لن تتردّد في الردّ إذَا لم يُحقّق الكيان الضمانات المتفق عليها، أَو تجاوز الحدود المرسومة في الشروط المتفق عليها، مثل إغلاق معبر رفح أمام إدخَال المساعدات، أَو تكرار استهداف الأعيان المدنية، أَو رفض الانسحاب الكامل.

    فكلّ ذلك سيُفجّر البركان اليمني في وجه هذا الكيان المحتلّ.

    حتى الآن، لم تكن جبهة “الإسناد اليمنية” تراعِ سوى الاتّفاق الذي فرضته حماس على “طاولات المفاوضات”.

    لكن في حال استمر الكيان في الخروقات التي تم الاتّفاق على اعتبارها خطوطًا حمراء، فلن يكون هناك أي “مساومة” من جانب الجبهة اليمنية.

    فاستئناف القوات المسلحة اليمنية للعمليات في الجولة المرتقبة لن يقتصر على قلب الطاولة كما في السابق، بل سيشمل رفع وتيرة العمليات عسكريًّا، وتكثيف الضغوط شعبيًّا، وتوجيه البوصلة نحو الكيان بأقسى مما سبق.

    وإذا اندلعت هذه المعركة وتفجّرت براكينها، فَـإنَّها ستتجاوز البُعد العسكري لتصلَ إلى امتداد استراتيجي يشمل سلسلةً جديدةً من الأهداف، ستزداد ضراوتها حتى تُنهك الكيان، ولو عادت أمريكا ودول الغرب بأكملها لدعمه من الخلف.

    فمصيره، في حال استئناف مرحلةٍ جديدة من الصراع بين الطرفين، سيكون حتمًا إلى زوال.

    وهذه المرحلة المرتقبة هي ما يخشى الكيان الإسرائيلي منها أكثر من أي وقتٍ مضى.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    محمد نبيل اليوسفي

    spot_imgspot_img