صاحب الرؤية العالية والبشاشة الدائمة، مجاهد يشرق من محيّه ضوء الإسلام. ألف اشتباك وخبرة الميدان؛ منذ كسر قيد السجّان، عصرت بندقيته مختلف المعارك، وضمن سجلّ حافل بالجهاد كانت بصمة الشهيد الغماري حاضرة في عمليات التصدي للعدوان الأمريكي السعودي، وقيادة الجبهات الحدودية في العام 2015. تنظّم مع رجال الله ورفاق السّاح والسلاح سياجًا مانعًا أمام الغزو من عسير حتى ميدي، وأسس لميدان عملياتي واسع أسقط عشرات المواقع والثكنات المحصّنة والمدجّجة بأحدث السلاح الغربي.
في تولِّي المسؤولية وتحديث المؤسسة العسكرية
مع موعد وصول الغماري إلى المسؤولية الكبيرة في الجيش أحدث انقلابًا في مفهوم القيادة العسكرية، وأعاد تنظيم المؤسسة العسكرية وبعثها من جديد، دون أن تبقِه رئاسة هيئة الأركان بين أربعة جدران أو تحدّ من قدراته ونشاطه الميداني. فكان رمزًا للإبداع العسكري والقيادة الاستراتيجية، وبرز مخطّطًا لعمليات عسكرية عدة، وقائدًا بارعًا تنقّل في تنفيذها.
مواقف وبطولات 2018–2019
وهو في العام 2018 أوقف زحف الاحتلال في محافظة الضالع، وفي العام التالي وقف أمام العدو في محور نجران، وساق قواته أسرى في مشهد تاريخي مذهل.
عملية «نصر من الله» وفاعليّاتها
كانت عملية نصر من الله إبداعًا في الاستراتيجية والتكتيك والسرعة والمرونة؛ وضعت خطتها حسابات أي تطورات ميدانية محتملة، وحافظت على وتيرة واحدة من نسق قتالي منسجم استطاع أن يقهر العدو بفضل الله وعونه. كانت العملية أيضًا مشهدًا نادرًا في الحرب النفسية، حيث أكمل الغماري هزيمة العدو في الجبهات الأخرى من خلال تدمير معنوياته وإذلاله، مع أسر ألوف من القوات السعودية وحلفائها، بالإضافة إلى الاستيلاء على مئات الآليات والمدرعات العسكرية.
تعزيز الأمن وصنعاء المحصنة
بفارق عام كان رئيس هيئة الأركان يؤمّن عاصمة العواصم صنعاء، ويضع حدًّا لاحتلال سعودي إماراتي يسير بالغزاة من الداخل. حضر سيدي هاشم في الميدان، يشرف على صفوف البنيان المرصوص، يدير المعركة ويوجّه التشكيلات، ويتابع أدقّ التفاصيل، ويلاظم صناعة الإنجاز لحظة بلحظة في خضمّ احتدام المعارك. وحين يلبس ويترجم ممارسة السيد القائد طريق الخلاص والنصر والتطلّع نحو أفق عزيز مشرق بالعز والشرف والاباء؛ وهذا ما تجلّى أكثر مع عملية «فأمكن منهم» حيث تحررت رقعة واسعة من محافظة الجوف عام 2020.
عمليات 2021 وامتداداتها
خاض الغماري غمار الحرب دون توقّف؛ في العام 2021 صُوّبت الوجهة نحو ثلاث محافظات محتلة. قاد صاحب الروح النشطة والمبادرة التشكيلات المختلفة العملية والقتالية في ثلاث عمليات عسكرية نوعية: بدأت بربيع النصر في شبوة ومأرب، وامتدّت بفجر الحرية في البيضاء. بالثقة بالله وبخبرة الغماري الكبيرة وتجربته العملية الطويلة، أنجز المجاهدون المهامّ وأحرزوا الانتصار، متسلّحين بإرادة وثبات وبصيرة ثاقبة، تدافعت كالسيل في البأس الشديد، وفجر الانتصار.
استهداف العدو وعمليات الردع
في ذات العام، ترجم الغماري وعود السيد القائد، وأثخن الجسد السعودي الإماراتي بالجراح، مع استهداف أهداف عسكرية وحيوية بعملية «توازن الردع وكسر الحصار»، وهذا ما أمّن مستوىً عاليًا من الردّ وغيّر المعادلة في طريق تحوّلٍ أكبر؛ اليمن فيه نداء غزة، وأشعل البحر بسفن العدو وملاحته بطلب فلسطيني، كما يكشف الشهيد الغماري.
إرث الشهيد وتأثيره
كان الشهيد الغماري تجسيدًا حيًا لحكمة القائد وحنكته، وحربيّة الشعب وبطولته؛ أطلق ملكات الأفراد والقيادة، وفتح آفاق التصنيع والمعرفة، فصعد أعداد القوة حتى توسّد تراب بلده. وستظل سيرته جزءًا من رواية تبدأ ولا تنتهي لمجاهدين صنعوا المآثر في مسيرة الانتصار لفلسطين. فسلامٌ على من رحل شهيدًا، وسلامٌ على من يصل الدرب ويحمل الراية.
