يدخل اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة يومه الخامس عشر وسط أوضاع إنسانية وصحية متدهورة واستمرار القيود التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على دخول المساعدات والإمدادات الحيوية، رغم قرارات أممية تطالب بتسهيلها.
أكد مدير الإغاثة الطبية في غزة في حديث لقناة الجزيرة أن الخدمات الصحية الأولية لا تزال متعثرة بشدة بسبب نقص الإمكانيات، مشيرًا إلى أن “العيادات المتنقلة والمستشفيات الميدانية باتت ضرورة ملحّة لإنقاذ السكان”، ودعا إلى وضع سياسات واضحة لإنعاش الوضع الصحي والإنساني، خصوصاً للأطفال الذين يعانون آثار الحرب والإبادة.
وفي السياق ذاته، قالت وكالة الأونروا إن حاجات سكان القطاع إلى المأوى والدفء تزداد مع اقتراب الشتاء، مؤكدة أن لديها المواد اللازمة في الأردن ومصر “لكن الاحتلال الإسرائيلي يمنع إدخالها”، رغم قرار محكمة العدل الدولية الذي شدد على ضرورة تمكين الوكالة من استئناف عملها في غزة.
ميدانيًا، أصيب ثلاثة فلسطينيين بينهم طفل بجروح خطيرة في قصف نفّذه جيش الاحتلال على مناطق جنوب قطاع غزة، فيما أفاد مراسل الجزيرة بأن قوات الاحتلال قصفت بالمدفعية مناطق سكنية شرق خان يونس ودير البلح ونسفت عدة مبانٍ في خرق واضح لاتفاق وقف إطلاق النار.
وفي حادثة أخرى، قتل جيش الاحتلال شقيقين فلسطينيين شرق دير البلح بزعم تجاوزهِما ما يسمى “الخط الأصفر”، وهو الحد الفاصل بين مناطق تمركز قوات الاحتلال والمناطق التي يفترض أنها آمنة وفق الاتفاق، في وقتٍ كشفت فيه هيئة البث العبرية أن واشنطن منعت الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ أي ردود عسكرية على خلفية عدم إعادة حركة “حماس” جثث جميع الأسرى الإسرائيليين.
من جانبها، أكدت صحيفة الغارديان البريطانية أن الزيارات المتكررة لمسؤولين أميركيين إلى المنطقة مؤخراً تمثل تحذيراً واضحاً لحكومة الاحتلال الإسرائيلي من عرقلة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار أو الشروع في خطوات لضم الضفة الغربية.
ميدانيًا، ما زال الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على نحو 53% من مساحة قطاع غزة بعد انسحابه الجزئي إلى ما يسمى “الخط الأصفر”، بينما يواصل قصف مناطق متفرقة في انتهاك متكرر لبنود الاتفاق الذي أنهى حربًا مدمرة استمرت عامين وأودت بحياة أكثر من 68 ألف فلسطيني وأصابت أكثر من 170 ألفًا، مع تدمير ما يقارب 90% من البنى التحتية المدنية.
وفي تصريحات أخرى، قال نائب وزير الخارجية النرويجي أندرياس كرافيك للجزيرة إن “الاحتلال الإسرائيلي استهدف بشكل ممنهج المستشفيات والعاملين في القطاع الصحي”، مشدداً على ضرورة تحمّل الاحتلال المسؤولية القانونية عن إدخال المساعدات، وداعياً إلى إدخال آليات ثقيلة لإزالة الركام ورفع الأنقاض.
في المقابل، حذّرت اليونيسيف من أن قطاعات المياه والصرف الصحي في غزة “تواجه انهياراً كاملاً”، موضحة أن نصف العائلات الفلسطينية تحصل على أقل من الحد الأدنى الإنساني من المياه يومياً، وأن الجهود الدولية خلال العامين الماضيين “لم تنجح إلا في منع الانهيار الشامل للنظام”.
كما ناشدت بلدية غزة المنظمات الدولية التحرك العاجل لتوفير الاحتياجات الأساسية وفتح المعابر المغلقة التي ما زال الاحتلال الإسرائيلي يتحكم بها، حيث لا تزال شاحنات المساعدات متوقفة في الجانب المصري من معبر رفح بانتظار السماح بالدخول.
ورغم مرور أكثر من أسبوعين على بدء سريان وقف إطلاق النار الذي تم بوساطة قطر ومصر وتركيا بمشاركة الولايات المتحدة، إلا أن غزة لا تزال تعيش حصارًا خانقًا ومعاناة إنسانية قاسية، وسط تحذيرات من أن استمرار المنع الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي لإدخال المساعدات والإمدادات الطبية والغذائية قد يؤدي إلى انهيار شامل للقطاع الصحي والإغاثي في أي لحظة.
