المزيد

    ذات صلة

    الأكثر مشاهدة

    مسرحيةُ السلاح المهرب تُخفِي وراءها حلمًا صهيونيًّا في اليمن

    في كُـلّ مرة تُعلِنُ فيها قوى العدوان أَو أدواتُها...

    تقرير إيطالي: عميل سعودي يدير “شبكة تجسس” للموساد داخل اليمن

    نشرت مجلة "إل فارو سول موندو" الإيطالية تقريرًا أكدَ...

    هآرتس: إسرائيل فقدت سيادتها وتحولت إلى سلطة خاضعة للوصاية الأمريكية

    قالت الكاتبة الإسرائيلية كارولينا لاندسمان في مقالٍ نشرته صحيفة...

    الإعلام العبري: الالتزام بـ”اتفاق غزة” شرط لعودة الطيران العالمي

    أكدت وسائل إعلام عبرية أن استمرار وقف إطلاق النار...

    مسرحيةُ السلاح المهرب تُخفِي وراءها حلمًا صهيونيًّا في اليمن

    في كُـلّ مرة تُعلِنُ فيها قوى العدوان أَو أدواتُها في اليمن عن «ضبط شحنة أسلحةٍ إيرانية»، يتكرّر المشهدُ نفسَه: صورٌ مبهمة، تصريحاتٌ متضاربة، واتّهاماتٌ جاهزة تُغلق بابَ الشكِّ.

    لكنّ ما وراء هذه الرواياتِ المتكرّرة يكشف عن مشهدٍ أكثر تعقيدًا وخطورةً؛ إذ تُستغلُّ هذه القضايا لتلميعِ أدوات العدوّ، وتبريرِ استمرار الدعمِ الصهيوني والغربي لهم تحت ذريعة مواجهةِ «التهريب الإيراني».

    سلاحٌ بوجهين: مكسبٌ دعائي وخطُّ إمدَاد مستتر

    ما يُروَّجُ له على أنه «ضبطُ شحنةٍ إيرانية متجهةٍ إلى الحوثيين» غالبًا ما يكون في الواقعِ شحنةَ دعمٍ موجَّهةً لأدوات الاحتلال أنفسهم، تُقدَّمُ لهم بطرقٍ ملتويةٍ، ثمّ يُعادُ إخراجها إعلاميًّا كمسرحيةٍ ترفعُ من رصيدِهم المعنوي وتخدمُ أجندة الداعمين.

    هكذا تتحوّل «الشحنةُ المضبوطة» إلى ورقةٍ سياسيةٍ:

    تكسبُ العملاءِ قيمةً معنويةً أمامَ جمهورِهم، بإظهارهم كـ”حُرَّاسٍ للسيادة” في مواجهةِ “الخطرِ الإيراني”.

    تُبقي الدعمَ العسكري والاستخباراتي مفتوحًا لهم تحت مظلّةِ مكافحةِ التهريب.

    تُغطي على الإمدَاداتِ الحقيقيةِ التي يتلقّونها من كَيانِ الاحتلال الصهيوني وداعميهِ عبر وسطاء إقليميين.

    كَيان الاحتلال و«الشرعية»: دعمٌ غيرُ مباشرٍ بغطاءٍ إعلامي

    في سياقِ الصراعِ، بات واضحًا أن كَيانَ الاحتلال لا تحتاجُ إلى الظهورِ العلني لدعمِ عملائها في اليمن.

    فكلما أعلنت «الشرعية» أَو قواتُ طارقِ عفاش عن ضبطِ شحنةٍ قالت إنها «إيرانية كانت في طريقها إلى الحوثيين»، تُفتح أمامها أبواب الدعمِ السياسيِّ والماليِّ والعسكريِّ، ويُعادُ تنشيطُ قنواتِ التنسيقِ مع الاستخباراتِ الأمريكية والصهيونية تحتَ ذريعةِ «مكافحةِ النفوذِ الإيراني».

    بهذه الطريقةِ، تُخفي تلّ أبيب دعمَها المباشرَ خلف ستارِ «التحالفِ العربي»، وتُقدّمُ خدماتِها عبر وكلاءَ محليين، دون أن تتحمّل أية تبعاتٍ سياسيةٍ أَو قانونية.

    طارق عفاش نموذجًا: عندما تُصنَع البطولةُ من الوهم

    آخرُ هذه المسرحيات تمثّل في إعلان قواتِ طارقِ عفاش عن ضبطِ شحنةٍ قالت إنها «إيرانية كانت في طريقها للحوثيين».

    لكن مصادرَ ميدانيةً وتحليلاتٍ مستقلةٍ كشفت أن الشحنةَ كانت في الحقيقةِ موجّهةً لمعسكرِ طارقٍ نفسه، وجاءَ الإعلان عنها بهذه الطريقةِ لتضليلِ الرأيِ العامِّ داخلَ صفوفِه، حتى لا يدركَ أتباعُه أن الدعمَ يأتي من قوى مرتبطةٍ بالمشروعِ الصهيوني، وليس من مصادرَ وطنيةٍ مستقلة.

    الهدفُ مزدوجٌ:

    من جهةٍ، إقناعُ الأتباعِ بأنهم يقاتلون “عدوًّا خارجيًّا” لا “إرادَة داخليةً حُرّة”.

    ومن جهةٍ أُخرى، ضمانُ استمرار الدعمِ الخارجيِّ من (إسرائيل) وحلفائِها دون أن ينكشفَ الغِطاءُ السياسيُّ أَو الشعبيُّ.

    لماذا هذه الرواية مفيدةٌ للعدوِّ؟

    لأنّها تبرّر الوجودَ العسكريَّ الأجنبيَّ في البحرِ الأحمر.

    فكلُّ “شحنةٍ إيرانية” تُضبَط تُمنح كذريعةٍ لإبقاء السفنِ الأمريكيةِ والبريطانيةِ والصهيونيةِ هناك “لحمايةِ الممرّات”.

    ولأنّها تُشيطنُ القوىَ الحرةَ في اليمن.

    يتمُّ تقديمُ اليمنِ المقاومِ كـ”أدَاة لإيران”، ليُسحبَ منه بعد ذلك الحقُّ في الدفاعِ عن سيادته واستقلاله.

    ولأنّها تُغطي على تهريبِ السلاحِ الحقيقي.

    فبينما يُشهرون صورَ صناديقَ صدئةٍ كمسرحيةٍ إعلاميةٍ، تُمرَّر في الخفاءِ صفقاتٌ حقيقيةٌ إلى الميليشياتِ العميلة، بدعمٍ تقنيٍّ واستخباراتيٍّ من كَيان الاحتلال وأمريكا.

    السلاحُ ليسَ الخطرَ.. السردُ هو الخطر

    القضيةُ لم تعد في نوعيةِ السلاحِ أَو منشأهِ، بل في الروايةِ التي تُنسَج حولَه.

    فكلُّ إعلان عن «شحنةٍ إيرانية» يُستخدم لبناءِ شرعيةٍ زائفةٍ لعملاءِ الداخلِ، وتثبيتِ حضورِ العدوّ في البحرِ والبرِّ، وتأبيدِ صورةِ اليمنِ كبلدٍ غيرِ قادرٍ على إدارة قراره الوطني.

    إنّ كشفَ هذه اللعبةِ واجبٌ وطنيٌّ وإعلاميٌّ؛ لأَنَّ أخطرَ ما يملكه العدوّ اليوم ليس ترسانته العسكرية، بل قدرَتُه على صناعةِ الوهْمِ وتسويقِ الأكاذيبِ بلسانِ أدواته المحليّين.

    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    عبدالله عبدالعزيز الحمران

    spot_imgspot_img